ضحايا الإرهاب لا يزالوا مسلوبي الحقوق
يقع آلاف الأبرياء من مختلف الأعراق والثقافات سنوياً ضحايا عنفويّة الإرهاب، الذي يفرض معادلة مغايرة بمنطق القوة تستهدف إرضاخ الجماعة لآرائه التي لا تمت للإنسانية بصلة، وكثيراً ما هُمش ضحايا الجريمة بما فيها الإرهاب في نظام العدالة الجنائية
جاندا عبد القادر
مركز الأخبارـ ، إلا أن السنوات الأخيرة حملت ومضة أمل لهم، بتسليط النظام الجنائي الضوء على الاعتراف بحقوقهم وفاعلية أدوارهم في إطار العدالة الجنائية.
يستذكر العالم أرواح ضحايا الإرهاب في 21 آب/أغسطس من كل عام، في اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلائهم، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017.
يعتمد القرار على الجهود التي تبذلها الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان لتعزيز وحماية حقوق ضحايا الإرهاب.
تضامناً مع ضحايا الإرهاب أطلقت الأمم المتحدة بعثات إلى أفغانستان وبلجيكا والعراق ونيجيريا والولايات المتحدة، في آب/أغسطس2018، حيث أقامت معرضاً بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، والذي تضمن مقابلات وأفلام وثائقية سلطت الضوء على التضامن الدولي مع الضحايا، وأبرزت من خلاله قصصاً إيجابية للضحايا ومعاناتهم خلال العقود الماضية.
وعلى إثر الاستعراض السادس لعام 2018، أظهرت التطورات على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية، أن الدعم المقدم للضحايا قد تجاوز التضامن الرمزي نحو مشاركة أكثر قوة للنهوض بحقوقهم واحتياجاتهم، وبشأن تعزيز العلاقات الدولية والتعاون لمساعدة الضحايا تشكلت مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب عام 2019، والذي ترأسها الممثلين الدائمين لأفغانستان وإسبانيا لدى الأمم المتحدة.
حيث نشر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نيسان/أبريل 2020، تقريراً حول تقدم منظومة الأمم المتحدة في دعم الدول الأعضاء في مساعدة ضحايا الإرهاب، وذلك بموجب قرار الجمعية العامة رقم 73/305.
وتشير الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، المعتمدة بالإجماع في قرارها 60/288، المؤرخ 8 أيلول/سبتمبر2006، إلى أن تجريد الضحايا من إنسانيتهم يعد من بين الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وأنجع وسيلة لمكافحة الإرهاب تتمثل في اتخاذ تدابير هي احترام كرامة الإنسان ودعم سيادة القانون.
كما أكدت القرارات الأربعة الأخيرة الصادرة عن استعراض الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، أهمية دور الضحايا في مكافحة الإرهاب، وتعزيز التضامن الدولي لدعم الضحايا ، ومنع التطرف العنيف وكذلك الاعتراف بحقوق الإنسان الخاصة بهم ودعمها.
يشير قرار المراجعة السابع المعتمد في 30 حزيران/يونيو 2021، إلى أهمية دعم حقوق ضحايا الإرهاب ودعم احتياجاتهم، ولاسيما النساء والأطفال والمتضررين من الأنشطة الجنسية والقائمة على نوع الجنس، ويشجع جميع الدول الأعضاء على وضع خطط وطنية شاملة لمساعدة ضحايا الإرهاب وأسرهم لتلبية الاحتياجات الفورية والقصيرة والطويلة الأجل لضحايا الإرهاب.
يرحب القرار كذلك بالمؤتمر العالمي الأول لضحايا الإرهاب، ويشجع مكتب مكافحة الإرهاب من خلال البرنامج العالمي لدعم ضحايا الإرهاب وبوابة الأمم المتحدة لدعم ضحايا الإرهاب، على مواصلة رفع مستوى الوعي بشأن ضحايا الإرهاب وضحايا الإرهاب لتعزيز وحماية حقوقهم، ويشمل ذلك زيادة تعزيز قدرة الدول الأعضاء وتقديم المساعدة التقنية إليها لمساعدة ضحايا الإرهاب وتعزيز مشاركتهم مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ذات الصلة، والتي يمكن أن تلعب دوراً قيماً في مساعدة ودعم ضحايا الإرهاب.
وقد تربعت خمس دول على رأس مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2017، وسجلت فيها أكبر نسبة وفيات بسبب الإرهاب، واستحوذت هذه الدول على نسبة ثلاث أرباع الوفيات العالمية بسبب الإرهاب، وهذه الدول هي العراق وأفغانستان ونيجيريا وباكستان وسوريا.
كما انخفضت نسبة الوفيات بسبب الإرهاب إلى نسبة 13% ما بين 2016 إلى 2017، مقارنة بنسبة 10% عام 2015، وقد شهدت نيجيريا أكبر نسبة انخفاض في نسب الوفيات بسبب الإرهاب عام 2017، حيث انخفض عدد الضحايا إلى 3100 عام 2016، مقارنة بعدد 5556 عام 2015، أي ما يقارب نسبة 80% انخفاض عما عهدته هذه الدولة في السنوات الماضية، ويعود هذا طبعاً للحملة المنتظمة التي تقودها الدولة ومجتمعات المجتمع المدني ضد هذا التنظيم والانقسامات التي شهدتها الحركة.
وهذا الانخفاض في نسبة الوفيات بسبب الإرهاب شهدته حتى باكستان وسوريا وأفغانستان، التي شهدت انخفاض قدره 500 ضحية خلال أقل من سنة في عام 2016، أي ما يعادل انخفاضاً بنسبة 33% مقارنة بالسنوات الماضية.
وقد سجلت أفغانستان لوحدها تراجعاً في معدل ضحايا العمليات الإرهابية بنسبة 14% بينما تراجعت نسبة الوفيات بسبب الهجمات الإرهابية بنسبة 24% في سوريا مقارنة بعام 2015، بينما سجلت باكستان تراجعاً في عدد الضحايا بنسبة 12% أي ما عدده 956 ضحية عام 2016، وهي أقل نسبة ضحايا تسجل منذ عام 2006، إذ أن هذه المؤشرات الايجابية التي سجلتها الدول الأربعة السابقة لم تشهدها العراق التي كانت نسبة 44% من ضحايا العمليات الإرهابية سنة 2016 من حصتها.
وفي نسخته الثامنة لعام 2020، سلط تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، الضوء على الدول العشر الأكثر تضرراً من الإرهاب على مستوى العالم.
ويأتي على رأس هذه الدول: أفغانستان ويليها العراق ونيجيريا وسوريا والصومال، واليمن، باكستان والهند، جمهورية الكونغو الديمقراطية، والفلبين.
ووفقاً للتقرير لم يكن هناك تغييراً في الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب، على الرغم من انخفاض الوفيات بشكل عام في عام 2019، حيث تراجعت نسبة الوفيات الناجمة عن الإرهاب للعام الخامس على التوالي، بعد أن بلغت ذروتها في عام 2014، وانخفض العدد الإجمالي للوفيات بنسبة 15.5% إلى 13826.
في الوقت الذي خلص فيه مؤشر الإرهاب العالمي 2020، إلى أن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه سيبقى التحدي الرئيسي الذي سيتوجب على دول العالم التعامل معه خلال عام 2021، فإن هناك ضرورة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في الحرب ضد التطرف والإرهاب، من منطلق أنه تحدي كوني يستهدف البشر في كل مكان بغض النظر عن دينهم وجنسيتهم وثقافتهم ولغتهم، وبالشكل الذي يأخذ في الاعتبار الأدوات والتكتيكات الجديدة التي تستخدمها التنظيمات المتطرفة والإرهابية في ممارسة أنشطتها، من أجل قطع الطريق وتفويت الفرصة عليها، لأن الانتصار في الحرب ضد الإرهاب هي الأولوية التي ينبغي أن يتكاتف العالم حولها، لأنها ترتبط بأمنه وسلامه وازدهاره.
وفي رسالة كتبها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة الذكرى الثالثة لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم في عام 2020، قال "يحيي العالم اليوم الدولي الثالث لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب واجلالهم، حيث يتأثر عدد أكبر من البلدان بالإرهاب اليوم، وأن عدد الضحايا يتركز إلى حد كبير في عدد صغير من الدول الأعضاء، ويواصل ضحايا الإرهاب الكفاح من أجل إسماع أصواتهم ودعم احتياجاتهم والحفاظ على حقوقهم، وغالباً ما يشعر الضحايا بالنسيان والإهمال بمجرد أن تتلاشى الآثار المترتبة على هجوم إرهابي مباشرة".
وفي 14 آب/أغسطس لهذا العام، نددت الأمم المتحدة باستهداف وانتزاع طالبان لحقوق الفتيات والنساء الأفغانيات، من خلال بيانٍ أصدرته، مؤكدةً على أن الصراع له تأثير كبير على النساء والأطفال في البلاد.
حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيانٍ تلاه أمام الصحفيين على أن "كل يوم، يتسبب الصراع في خسائر أكبر على النساء والأطفال، واستمرار الصراع في المناطق الحضرية يعني استمرار المذبحة، حيث يدفع المدنيون الثمن الأعلى".
وأعرب أنطونيو غوتيريش من خلال البيان عن انزعاجه مما وصفه بالمؤشرات المبكرة، "طالبان تفرض قيوداً صارمة على حقوق الإنسان في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، تستهدف بشكل خاص النساء والصحفيين".
ووصف التقارير التي تطرقت إلى انتزاع حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات التي اكتسب بشق الأنفس، بأنه "لأمر مرعب ومفجع بشكل خاص".
ودعا جميع الأطراف إلى تدارك خسائر الصراع الفادحة وتأثيره المدمر على المدنيين "يجب عليهم جميعاً أن يفعلوا المزيد لحماية المدنيين، وأذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها القانونية والأخلاقية الداعية إلى اتخاذ كافة الإجراءات لحماية المدنيين".
وشدد على أن توجيه الهجمات ضد المدنيين يعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى مستوى جريمة حرب، داعياً إلى محاسبة الجناة.
ومن جانبها أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أنها قلقة بشكل خاص بشأن تأثير الصراع على النساء والفتيات، حيث تشكل النساء والأطفال 80% من حوالي ربع مليون أفغاني اجبروا على الفرار منذ أيار/مايو 2020.