بثينة قروري: مليون ونصف امرأة مغربية تتعرض للعنف الإلكتروني

أكدت بثينة قروري أنه بالرغم من مرور ثلاث سنوات على إقرار قانون محاربة العنف إلا أن نسب كافة أشكال العنف في ارتفاع

حنان حارت
المغرب ـ ، بالإضافة إلى ظهور نوع آخر وهو العنف الرقمي والإلكتروني الذي تعرضت له ما يناهز 1.5 مليون امرأة.
تحدثت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية بثينة قروري، وهي برلمانية سابقة ومن أشد المدافعات عن حقوق النساء في حوار لوكالتنا عن واقع ومظاهر العنف الذي تواجهه المرأة في المجتمع وكذلك آثاره، وأيضاً التدابير والإجراءات التي يتخذها المغرب للحد من هذه الظاهرة.
 
كيف تصفون واقع العنف الذي تواجهه النساء المغربيات، خاصةً وأن الإحصائيات الرسمية تظهر بين الفينة والأخرى ارتفاعاً في عدد المعنفات؟ وبرأيكم هل الفقر وانخفاض المستوى التعليمي وراء تعرض النساء للتعنيف؟
العنف ضد النساء هو أولاً وقبل كل شيء ممارسة تمييزية ضدهن ومس بكرامتهن وبسلامتهن وانتهاك لحقوقهن الأساسية، وآثار العنف تتجاوز النساء لتؤثر على الأسرة برمتها خاصة الأطفال الذين يعيشون في أسر تعنف فيها النساء يكونون أكثر عرضة للمس بسلامتهم النفسية مما قد يولد لديهم بعض الاضطرابات السلوكية.
وفي فترة جائحة كورونا قدمت رئاسة النيابة العامة معطيات تفيد بانخفاض معدل العنف في الفترة من 20آذار/مارس إلى 20 نيسان/أبريل 2020، بمعدل عشر مرات عن المعدل الذي يسجل عادة في هذه الفترة، لكن ظهر فيما بعد أن سبب الانخفاض الذي سجل له علاقة بصعوبة وصول النساء ضحايا العنف لمقرات التكفل بالنساء؛ بسبب القيود المفروضة على التنقل في تلك الفترة؛ إذ كشفت المعطيات اللاحقة أن العنف ارتفع في تلك الفترة بسبب عدة أسباب منها ما يرجع أساساً للضغوط الاقتصادية التي شكلتها فترة الحجر على بعض الأسر، إضافة إلى تواجد مكونات الأسرة لمدة طويلة في البيت بحيث وجدت بعض النساء الضحايا أنفسهن باستمرار في مواجهة المعنف.
تتعدد أسباب العنف ضد النساء فهناك الأسباب الاقتصادية بدرجة أساسية، إذ يعد الفقر والهشاشة وانتشار البطالة التي تعيشها بعض الأسر إحدى العوامل الاساسية في انتشار العنف، بالإضافة إلى ضعف المستوى التعليمي ووضعية الهشاشة التي تعيشها المرأة والفتاة وتضعها في خطر متزايد للتعرض للعنف، لكن هذا لا يعني أن العنف لا يمس النساء ذوات المستوى التعليمي العالي أو من يتمتعن بالاستقلال الاقتصادي، لكن نسبة تعرض هذه الفئة من النساء للعنف تبقى أقل مقارنة مع الفئات الأخرى من النساء غير المتعلمات.
كما هناك عوامل وأسباب ثقافية تجعل من العنف ضد النساء سلوكاً مقبولاً ومبرراً في المجتمع، إذ كشف البحث الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط عام 2019 أن 38% من النساء و40% من الرجال يعتقدون أن تحمل المرأة للعنف من أجل الحفاظ على الأسرة أمر مقبول، وأن 25% من الرجال و21% من النساء اعتبروا أن من حق الزوج ضرب زوجته.
وهناك عامل مرتبط بانتشار المخدرات والكحول، إذ أن معظم الحالات التي يتم استقبالها في مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف تكشف أن المعتدين هم من الرجال الذين يتعاطون المخدرات والمشروبات الكحولية.
 
بعد ثلاث سنوات من إقرار قانون محاربة العنف، هل استطاع أن يردع المعنفين ويقلل من أعداد النساء ضحايا العنف؟
لا بد من اعتبار أن إقرار هذا القانون إنجاز مهم في اتجاه محاربة ظاهرة العنف ضد النساء، إذ وضع إطار مفاهيمي جديد للعنف ضد النساء، وجاء بمقتضيات زجرية جديدة، وجرم أفعال جديدة كبعض أشكال التحرش الجنسي، كما جرم السب والقذف والمساس بالحق في الحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم والطرد مـن بيت الزوجية أو الامتناع عـن إرجاع الزوجة، كما نص على أحكام جديدة تراعي خصوصية جرائم العنف ضد النساء.
لكن يبدو من المهم الإشارة إلى مشكلة أساسية وهو عزوف ومحدودية لجوء النساء للتبليغ عن العنف إذ كشف بحث المندوبية عن أن نسبة 10% فقط من النساء ضحايا العنف من تقوم بالتبليغ عنه، وهذا يطرح عدة تساؤلات هل الأمر راجع لتفضيل النساء اللجوء لآليات التسوية والوساطة الأسرية؟ أم أن الأمر له علاقة بالخوف من الجاني؟ أم عدم ثقة الضحية في القانون والمساطر وفي الساهرين على إنفاذ القانون؟ أم أن الأمر يتعلق بجهل بالقانون.
فالأمر متعلق في عملية تقييم نجاعة هذا القانون، إضافة إلى أن مدة ثلاث سنوات غير كافية لاستكمال المعطيات المتعلقة بتنزيل هذا القانون وبالتالي وضعه تحت مجهر التقييم الموضوعي.
والقانون يلعب دوراً مهماً في الحد من الظاهرة لما يشكله من آلية للردع والزجر. لكن لا يمكن أن يعول عليه لوحده لا بد من اعتماد تدابير وبرامج داعمة للحد من هذا المشكلة، خاصة على مستوى التربية والتثقيف؛ لأنني أؤمن بأن الضمير الإنساني الفردي هو من شأنه أن يشكل الرادع الحقيقي أمام هذه الممارسات، فإذا لم تتشكل قناعة لدى المعنف بأن احترام كينونة المرأة وكرامتها عامل أساسي في الاستقرار والسعادة الأسرية وعامل محدد في التنشئة السليمة للأطفال، ستستمر هذه الممارسات والجرائم الماسة بالمرأة وبالاستقرار المجتمعي.
 
ماهي التدابير والإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة؟ وكيف تقيمون جهود محاربة ظاهرة عنف النساء في المغرب؟
المغرب بذل جهود مهمة لمحاربة هذه الظاهرة سواء على المستوى الحكومي والمؤسساتي من خلال اعتماد خطط حكومية أساساً خطة إكرام 1وإكرام2، وكذلك إحداث مرصد وطني للعنف ضد النساء وإحداث لجنة وطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، أو على المستوى المدني من خلال العمل المهم الذي تقوم به الجمعيات من خلال مراكز الاستماع والتكفل بالنساء ضحايا العنف والتقارير والمذكرات التي ترصد من خلالها الظاهرة وتتقدم بملاحظاتها لمعالجتها.
لكن هذا المجهود المبذول يبقى غير كاف، إذ ينبغي أن تجعل السياسات العمومية من قضية العنف أولوية وتخصص لها الميزانيات الكافية والمستدامة، كما أنه من الضروري أن يتم وضع سياسة وقائية ترتكز على البرامج التعليمية والتثقيفية والإعلامية والدينية لأنه "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم" فالتربية على قيم العدل والاحترام والانصاف والمساواة بين النساء و الرجال هي الكفيلة بوقف نزيف العنف ضد النساء.
 
مع ارتفاع نسب العنف بكافة أشكاله، ظهر العنف الرقمي الذي باتت تتعرض له النساء في ظل ما نعيشه اليوم من ثورة معلوماتية، فما هي مظاهر هذا النوع من العنف؟
نعم، هناك نوع جديد من العنف المتنامي والناشئ بفعل الثورة المعلوماتية وتوسع نطاق شبكات التواصل الاجتماعي وهو العنف الرقمي والإلكتروني إذ أن 14% من مجموع النساء المغربيات المعنفات يتعرضن للعنف الالكتروني وهو ما يناهز 1,5مليون امرأة، وهو رقم مخيف.
وتتعدد وتتنوع أشكال هذا النوع من العنف من التشهير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى المس بالحق في حرية التعبير والابتزاز والتحرش.