اتفاقية حقوق الطفل... ما بين النص والتطبيق

على الرغم من إقرار اتفاقية حقوق الطفل على حماية جميع أطفال العالم بغض النظر عن جنسياتهم أو خلفياتهم، لا يزال الأطفال يتعرضون لانتهاكات من قبل العائلة والمجتمع والتي بلغت ذروتها في مناطق النزاعات.

مركز الأخبارـ
تأتي أهمية اتفاقية حقوق الطفل التي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة كونها أول وثيقة دولية تلتزم قانونياً بحماية أطفال العالم.
وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية بموجب قرار 25/44 بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، ودخلت حيز التنفيذ في 2أيلول/سبتمبر 1990 بعد أن صدقت عليها الدول الموقعة وفقاً لبنود المادة 49 من الاتفاقية.
وتضمنت الاتفاقية مجموعة من المعايير والالتزامات الغير قابلة للتفاوض تمت الموافقة عليها عالمياً لتوفر الحماية والدعم لحقوق الأطفال. 
وتعمل على ارسال تقارير شاملة للجنة حقوق الطفل بشكل دوري ليتم فحص مدى تطبيق الاتفاقية ووضع حقوقاً للأطفال في تلك الدول. 
مضمون الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل
نصت الاتفاقية على 54 مادة والتي تمحورت حول حق الأطفال بالتمتع بجميع حقوقهم وحمايتهم من التمييز العنصري سواء أكان على اساس لون بشرتهم أو نسبهم أو دياناتهم أو مكانتهم الاجتماعية.
وتبدأ حقوق الطفل من اللحظة التي يولد فيها إلى سن الثامنة عشر وتشمل توفير كافة الخدمات الاجتماعية والصحية التي يحتاجها من مسكن وغذاء وكساء، وتوفير جميع العوامل التي تتيح له النمو بشكل سليم سواء أكان هذا النمو يخص العقل أم الجسد.
ومن ناحية الحقوق الوطنية والسياسية تضمنت الاتفاقية توفير أساسيات حق الطفل كالاسم والجنسية والهوية، ليتمكن مستقبلاً من الحصول على بطاقته الشخصية وممارسه حقوقه السياسية ومنها المشاركة في الانتخابات. 
وتضمنت الاتفاقية اصدار تشريعات وقوانين مختلفة تلزم الأسرة بتعليم اطفالهم وخاصة في المراحل الابتدائية لتعلم المبادئ الأساسية بحيث يكون التعليم مجانياً وإلزامياً ويطبق ذلك الدولة الموقعة على الاتفاقية لكن تختلف مرحلة التعليم الإلزامي من دولة إلى أخرى.
وللأطفال الحق في الحماية من الأمراض والرعاية الصحية ليكونوا قادرين على النمو بشكل سليم، للمساهمة في تطوير المجتمع. 
كما تضمنت الاتفاقية حق الطفل في حرية التعبير عن نفسه وطرح أرائه والحصول على معلومات والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياته بالإضافة إلى تمتعه بالحقوق الدينية.
ومن الحقوق الأساسية التي نصت عليها الاتفاقية هو حق حماية الطفل فعلى الأسرة والحكومة تأمين بيئة آمنة يعيش فيها وحمايته من سوء المعاملة والاستغلال، وتوفير الدعم المادي اللازم له من أجل حمايته من الحرمان ولا بد من توفير العناية الخاصة للأطفال الذين يعيشون في ظروف قاسية تسبب فقدانهم لأسرهم.
البرتوكولات الاختيارية في الاتفاقية
بعد ازدياد حالات استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة التي تتعارض مع مبادئ حقوق الطفل اعتمدت الجمعية العامة في عام 2000 ثلاث بروتوكولات اختيارية ملحقة بالاتفاقية، تنص على حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والمشاركة في الصراع المسلح، وإتاحة الفرصة لهم لطرح شكاواهم إلى الأمم المتحدة في حال المساس بحقوقهم.
حدد البروتكول الأول عدم مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة دون سن الثامنة عشر كحد أدنى للتجنيد الإجباري ودخل حيز التنفيذ في عام 2002 وصدقت عليه 152 دولة، بينما صدقت 164 دولة على البروتوكول الاختياري الذي يتعلق بقضية الاتجار بالأطفال والاستغلال في البغاء والمواد والعروض الإباحية.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2011 اعتمدت الأمم المتحدة البروتوكول الاختياري الثالث الذي يتيح الفرصة للأطفال لتقديم الشكاوى للأمم المتحدة، وصادق عليها 60 دولة فقط.
الدول المصادقة على الاتفاقية
صادقت على الاتفاقية 196 دولة في العالم، إلا أن معظم البلدان تحفظت على بعض من مواد معينة من الاتفاقية، كالمملكة الأردنية الهاشمية التي تحفظت على الالتزام بالمواد 14 و20 و21 من الاتفاقية كون هذه المواد تمنح الطفل الحق في حرية اختيار الدين وتهتم بمسألة التبني. كما وأبدت السعودية تحفظها على كافة المواد التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. فيما أكدت جيبوتي أنها "لن تعتبر نفسها ملزمة بأي أحكام أو مواد لا تتماشى مع دينها وقيمها التقليدية". 
وصادقت الصومال والسودان على الاتفاقية في عام 2015، لتبقى الولايات المتحدة الأمريكية البلد الوحيد الذي لم يصادق على الاتفاقية.
وماتزال نصوص اتفاقية حقوق الطفل حبراً على ورق ولم تطبق أي مادة منها، فما زال الملايين من الأطفال في كافة أنحاء العالم يعانون يومياً من العنف والاستغلال، وأكبر مثال على ذلك حرمان الأطفال اللاجئين وسائر الأطفال من حقهم في التعليم وزيادة حالات العنف الأسري والجنسي والاستغلال الذي يتعرض له الأطفال في اماكن النزاعات في اليمن وسوريا والصومال وأفريقيا وغيرها الكثير من الدول، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال والتسول والعمالة في كثير من الدول منها العراق والهند وإندونيسيا وآسيا.