ارتفاع رهيب لحالات الطلاق والخلع في الجزائر

ينتقد كثر قانون الأسرة المعدل، ويعتبرون أنه تم تكييفه بشكل يجنب السلطات انتقاد المنظمات الدولية، إذ يكفل حق المساواة بين الجنسين دون مراعاة خصوصية المجتمع الجزائري

نجوى راهم
الجزائرـ .
شهدت الجزائر منحى تصاعدي في حالات الخلع والطلاق، بحسب وزارة التضامن والأسرة ومنظمات حقوقية غير حكومية، ووفق آخر الإحصائيات فقد سجلت المحاكم الجزائرية، أكثر من 13 ألف حالة خلع خلال عام 2018 فقط، وهو ما يمثل إجمالي 19 بالمائة من حالات الطلاق في المجتمع الجزائري.
ولتسليط الضوء على الارتفاع الرهيب الذي سجلته المحاكم خاصة في ظل الظروف الصحية التي يعيشها العالم والجزائر بعد تفشي فيروس كورونا، وغياب أرقام رسمية من قبل السلطات المعنية منذ أكثر من ثلاث سنوات، التقت وكالتنا بعدة مختصين في القانون.
تقول المحامية عايدة عيدون أن "المشرع الجزائري منح الزوجة حق الانفصال عن زوجها أسوة بالرجل في حال كرهته ولم تطق العيش في كنفه، لقد أجاز القانون حق الزوجة في التطليق بإرادتها المنفردة".
وتعتبر أن المادة 53 من قانون الأسرة، التي تنص على أنه يجوز للقاضي في حالة الحكم بالتطليق أن يحكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها "يعد إنصافاً لها ورفعاً لكل ظلم واقع عليها". 
وحول شروط طلب المرأة الطلاق تقول عايدة عيدون "على سبيل الحصر يتم التطليق وفق المادة 53 لعدم الاتفاق وللعيوب مثل الحكم بعقوبة سالبة للحرية أو أن يكون زوجها غائب لمدة سنة وكل هذه الحالات يجوز فيها للزوجة طلب الطلاق مباشرة دون اللجوء إلى الخلع".
وتؤكد أن "الخلع حق منح للمرأة في مقابل نفس طلب الطلاق بالنسبة للرجل، يجوز للزوجة أن تخالع زوجها على ما لا يتم الاتفاق عليه".
وتنص المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري المعدل عام 2005، أنه يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخلع نفسها بمقابل مالي، وحول ذلك تقول "بإمكان المرأة أن تخلع زوجها بعد دفع مبلغ مالي، وإذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم، وهو ما يسمى بصداق الخلع بحسب نص المادة 54 من قانون الأسرة".
وأشارت إلى أنه قبل تعديل قانون الأسرة 2005 كانت ملفات الطلاق حبيسة أدراج المحاكم، "المرأة كانت تبقى معلقة بين نصف متزوجة وشبه مطلقة على أمل أن يتم النظر في الثغرات القانونية والمواد التي تصب في صالح حماية المرأة والطفل والأسرة بعد الطلاق".
حق المرأة في الخلع يراه الكثيرون السبب وراء تنامي ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري خاصة في الخمس سنوات الأخيرة التي تجاوزت فيها الأرقام 68 ألف حالة طلاق سنوياً أ بمعدل حالة طلاق كل 8 دقائق، وعلى ضوء ذلك الارتفاع دق مختصون ناقوس الخطر، محذرين من التنامي المقلق لهذه الظاهرة التي تهدد نسيج المجتمع المحلي لأسباب كثيرة.
قامت نسويات ومنظمات حقوقية بتقديم اقتراحات على مسودة قانون الأسرة لعام 2005، وإعادة النظر في قانون الأسرة لعام 1984، لاسيما المواد المتعلقة بالطلاق، حيث ترى العديد من الناشطات النسويات أن القانون يتعامل مع المرأة الجزائرية كـ "قاصر مدى الحياة".
وأملت جزائريات أن يشمل التعديل على الأقل المادة 56 من قانون الأسرة التي تحرم الأم حقها في حضانة أطفالها في حال تزوجت مجدداً.
وطالبت الناشطة سمية صالحي بإلغاء قانون الأسرة، قائلة "قانون الأسرة لا يكفل المساواة ويظلم المرأة رغم تعديله عام 2005".
وكانت السلطات الجزائرية في عام 2005، قد أجرت تعديلاً على قانون الأسرة الصادر عام 1984، حيث ألغت بند "الرجل رب الأسرة، وحق الرجل في الطعن أو الاستئناف في أحكام الطلاق والخلع" التي كانت موجودة في القانون سابقاً.
تقول سمية صالحي "كل هذا يصب في مصلحة النساء، الخلع جاء ليكفل حقوق النساء المضطهدات، ويحمي حقوقهن المسلوبة، خاصة النساء اللواتي يتعرضن للعنف والضرب".
وقد احتلت الجزائر منذ سنتين حسب دراسات مؤسسات عالمية، المرتبة العاشرة عربياً و78 دولياً في عدد حالات الطلاق السنوية.
وفي ذات السياق تقول رئيسة المرصد الجزائري للطلاق شائعة جعفري "هناك الكثير من ملفات الطلاق والخلع وهذا ما يصعب على القضاة دراسة الملفات والفصل فيها، على سبيل المثال مؤخراً تم تسجيل أكثر من 20 ألف حالة خلع وحالة طلاق سنوياً".
وتضيف شائعة جعفري "مؤسسة الزواج مقدسة، على الشباب المقبل على الزواج النظر ألف مرة من أجل المضي في هذا القرار، لأن نتائج هذه الاختيارات أصبحت عشوائية مما يخلف نتائج كارثية تؤثر على الأطفال، بالإضافة إلى الدراية والمعرفة بهذه المؤسسة أكثر نضج ووعي لفهم العلاقات الزوجية".
وحول ارتفاع نسب الطلاق علقت شائعة جعفري "صحيح أن الخلع تزايد في السنوات الأخيرة ولكنه لم يكن السبب الرئيسي لارتفاع حالات الطلاق". 
وأضافت على المشرع الجزائري إعادة النظر في قانون الأسرة وإضافة بند الوساطة القضائية وتعيين وسيط أسري يهتم بشؤون الأسرة وقضايا الطلاق والخلع لأن جلسات الصلح وحدها لا تعد كافية".
تعددت الأسباب والوجهة واحدة بحسب المختصة النفسية فاطمة الزهراء كشاد، فقد ارجعت تفشي الطلاق إلى أسباب عدة منها "ارتفاع رهيب لحالات الطلاق والخلع والأسباب كثيرة منها عدم التوافق البيئي والفكري والاجتماعي والاقتصادي بين الزوجين، والصورة النمطية التي تعود بالأساس للتربية الخاطئة في الأسرة هو ما يؤثر على العلاقات الزوجية".