انتهاكات حقوقية للعاملات والموظفات اليمنيات تصل إلى دهاليز القضاء
تتعرض النساء العاملات في اليمن للعديد من الانتهاكات في أماكن العمل منها التحرشات الجنسية أو سلب الحقوق، وفي حال تقدمن بشكوى على المعتدي تجدن أنفسهن أمام الإقصاء من العمل وتجريدهن من كل الحقوق.

فاطمة رشاد
اليمن ـ رغم احتفال العالم أجمع بعيد العمال الذي يصادف الأول من أيار/مايو، لاتزال نساء اليمن العاملات هن الأكثر تعرضاً لأشكال العنف الوظيفي سواءً كان من خلال الأجور أو العمليات التعسفية التي تمارس على بعضهن في مقرات عملهن، وهناك من وصلت قضاياهن إلى أروقة المحاكم لتجد البعض منها صدى وإنصاف والآخر حبيس التهميش والتلاعب وهناك من فضلن الصمت في قضيتهن دون التطرق لها أو كما قالت إحداهن "علينا إغلاق أفواهنا لأجل لقمة العيش".
"ترك العمل الحل الأفضل"
أمل المذحجي وهي صحفية تعرضت للكثير من المضايقات في عملها مما جعلها تترك العمل وتفتتح موقع إلكتروني صحفي خاص بها وتمارس عملها الذي طالما أحبته "بعيداً عن المناكفات مع قيادة العمل"، قائلة إنها لا تريد إهدار قدراتها في مكان لا يقدر مجهودها في العمل.
كانت أمل المذحجي قد شغلت عدة مناصب في الصحيفة بدءاً من تحريرها لصفحة البيئة في صحيفة 14 أكتوبر وصولاً إلى منصب سكرتير تحرير للتوجه بعد ذلك إلى عملها الحر والخاص في موقع إخباري يحمل عنوان "عدن الأمل".
قضية في دهاليز المحاكم
الأكثر ألماً في القضية المطروحة أمام القضاء والتي لم يتم صدور الحكم فيها، هي لسمية عثمان والتي تعمل في الإدارة العامة لشركة النفط اليمنية. فاختارت سمية عثمان أن تسرد تفاصيل قضيتها والتي كانت بدايتها التعرض للتحرش لتصل إلى الإقصاء الوظيفي دون أن تكشف صورتها نتيجة ازدياد الوصم الاجتماعي ضد المعنفات.
وتقول "أعمل في الإدارة العامة لشركة النفط اليمنية لقد اعتدى شخصاً علي دون أي وجه حق داخل مقر شركة النفط في منطقة خور مكسر (الإدارة العامة) لإجراء بعض المعاملات، قام بشتمي والاعتداء علي دون معرفة دوافع هذه الأسباب".
وأشارت إلى أن شركة النفط لم تتخذ أي إجراءات قانونية حتى الآن ضد المعتدي عليها رغُم أن لديها شهود ومقاطع فيديوهات تُثبت صحة أقوالها، مبينة أنها تقدمت بشكوى إلى نقابة المحامين، ونيابة استئناف جنوب عدن للنظر في القضية، ومحاسبة المتسبب في الاعتداء عليها.
وأضافت أنه انقضى عاماً كاملاً على الواقعة التي حصلت لها وهي بين أروقة ودهاليز المحكمة لكي تجد من ينصفها على واقعة الاعتداء عليها ولكن لم تجد أي إنصاف.
وفي الآونة الأخيرة ومع احتفال العالم بعيد العمال تجد سمية عثمان نفسها أمام مطالبتها بحقوقها داخل مقر عملها ليتم إقصاءها وتجريدها من كل الحقوق وجريمتها أنها قدمت شكوى على المعتدي عليها، لتدفع الآن ضريبة أنها لم تقبل الظلم والفساد في المكان، مؤكدة أن رب العمل يقوم بالضغط عليها من أجل التنازل عن قضيتها.
إصدار حكم منصف
وفي قضية العاملة التربوية إيناس الصالح والتي تبنتها الصحفية سماح عملاق والتي استضافتها في إحدى حلقات برنامجها "البودكاست أفق" قدمت قضيتها وصدر الحكم لصالح إيناس الصالح فيها، تقول سماح عملاق إنه "لقد تم الفصل في قضية المعلمة إيناس الصالح التي كانت قضيتها قد وجهت إلى القضاء ضد سرقة حقها الفكري في إعداد كتاب منهجي يتم تدريسه في مدارس محافظة الضالع وعبر المناشدات المتكررة التي تمت عن طريق الإعلام تراجع مدير عام مكتب التربية والتعليم عن قراره التعسفي لها ورد اعتبارها بقرار موازي يعطيها الحق في ممارسة مهنتها التربوية في أي مدرسة تشاء، تدريجياً حصلت إيناس على قرار قضائي من المحكمة في رد حقوقها الفكرية والإبداعية لكتابها التي كفلها لها القانون وهذا بحد ذاته إثبات أن المرأة اليمنية تشكل أمام القضاء قوة إيجابية وفعالة وأنها الطرف الأقوى وليست بالضرورة أن تكون هي الطرف الأضعف".
صوت العمال
وبمناسبة عيد العمال وجهت الصحفية دنيا فرحان رسالتها إلى كافة العاملات اللواتي يعشن أوضاع صعبة بسبب انقطاع الرواتب في اليمن وتحمل النساء أعباء فوق أعبائهن ومسؤولياتهن، قائلة "في عيد العمال هذا العام والذي يعتبر يوم عالمي يحتفل وتكرم فيه المرأة العاملة، إلا أنه في بلادنا يبقى حق المرأة ناقص".
وأضافت "المرأة العاملة اليوم تكافح قدر المستطاع لتثبت وجودها في المجتمع وتحاول أن توفر مصدر دخل وتجارب من أجل أن توفر لعائلتها حياة بسيطة. الوضع الحاضر جعل المرأة تأخذ دور آخر وتحاول أن تنشأ لنفسها مشروع وهناك من تكون متزوجة وعاملة بنفس الوقت وتحاول أن تكون يداً بيد إلى جانب الرجل من أجل أن تجعل أسرتها في استقرار وهذا يتطلب منها الجهد والسهر والعمل والتفكير".
انتهاكات ضد المرأة
وفي تقرير حقوقي للمركز الأمريكي للعدالة، كشف عن 8400 حالة انتهاك تعرضت لها المرأة اليمنية منذ بداية الحرب في عام 2015 وحتى نهاية العام الماضي، هذه الانتهاكات متنوعة في العنف القائم ضدها دون مراعاة الحقوق التي يجب أن تمنح لها دون تمييز وتهميش لدورها في أماكن تواجدها سواء أكانت في العمل أو المنزل.
وأضاف التقرير أن "من بين الانتهاكات ما يقارب 1900 حالة اعتقال تعسفي وآلاف حالات القتل حيث تؤكد العديد من المصادر الحقوقية أن هذه الأرقام قد لا تعكس الحجم الحقيقي للفظائع التي تعرضت لها النساء طوال سنوات الحرب، حيث تُقدَّر وفيات النساء بالآلاف نتيجة التعرض للعنف المنهجي والاعتقالات التعسفية في ظل نزاع دامٍ ومعقد".