أميمة عاشور: على المرأة المغربية الحفاظ على المكتسبات والاستمرار في النضال للحصول على كافة حقوقها
أكدت الناشطة الحقوقية أميمة عاشور على أن الحقوق تنتزع، ودعت المرأة إلى الحفاظ بقوة على ما حققته من منجزات ومكتسبات
حنان حارت
المغرب ـ ، والسعي إلى تحقيق طموحاتها، داعيةً إياها إلى الاستمرار في النضال والإصرار لتتمكن من الوصول لكافة حقوقها.
حققت المرأة المغربية العديد من المكتسبات، وعملت على تعزيز حقوقها ومكانتها داخل المجتمع، فقد كان لإقرار مدونة الأسرة تأثيراً حاسماً على النهوض بحقوقها، رغم ارتفاع أصوات نسائية تنادي بتجديد بعض بنود المدونة لتتلاءم مع التطورات التي يعرفها البلد.
وللحديث عن خصوصية اليوم الوطني للمرأة المغربية التي احتفت بها أمس الأحد 10تشرين الأول/أكتوبر، وهي مناسبة للوقوف على ما تحقق من إنجازات في مجال النهوض بحقوق النساء، والتحديات التي تواجههن، كانت لوكالتنا مع رئيسة جمعية "جسور ملتقى النساء المغربيات" أميمة عاشور، وهي ناشطة في مجال تعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، الحوار التالي:
تحتفل المغربيات في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة باليوم الوطني للمرأة، ماذا يمثل هذا اليوم لكم؟
اليوم الوطني للمرأة المغربية هو محطة لتقييم التقدم الذي يسجله المغرب في النهوض بحقوق المرأة وحمايتها، وهو مناسبة لإبراز إنجازات وطموحات النساء المغربيات لاسيما وأنه يعتبر محطة مفصلية تميزت بصدور مدونة الأسرة وهي قانون (وضعه برلمان المغرب سنة 2004) التي كرست مبدأ المساواة بين الزوجين في تدبير الأسرة تتويجا لنضالات الحركة النسائية والحقوقية، والمدونة جاءت أساساً لحماية المرأة وضمان حقوق الطفل، وبالتالي حماية الأسرة ككل، ونحن اليوم في سنة 2021، مر ما يناهز 17 سنة من اعتمادها.
في ظل التغيرات التي يشهدها المغرب كيف ترون وضع المرأة المغربية؟
حققت المرأة تطورات وإنجازات ومكتسبات ناضلت من أجلها الحركات والمنظمات النسائية، فقد دافعت عن حقوق المرأة وناهضت كل أشكال التمييز، فالمرأة المغربية امرأة قوية، كما أن الحركة النسائية تؤمن بأن قضية النهوض بالحقوق قضية مجتمعية، ونحن كحقوقيات نناضل للوصول إلى ما نطمح إليه وتعزيز حقوقنا.
تأثرت المرأة المغربية كجل نساء العالم من تداعيات جائحة كورونا، وقد شاركت وساهمت بخبرتها في رفع جميع التحديات الاجتماعية، الاقتصادية والصحية التي واجهتها البلاد، في ظروف استثنائية، وكانت رائدة في الصفوف الأولى في جميع المجالات في التدريس، الطب، تدبير الشأن العام، القطاع الخاص والإدارة العمومية، الأمن الوطني والجماعات الترابية.
لقد سهرت على تدبير الأزمة بتطوراتها بطريقة مباشرة، ونحن بدورنا نادينا بضرورة وأهمية ملاءمة القوانين مع الدستور وتفعيل مبدأ المناصفة والمساواة، وإدماج تدابير إجرائية متعلقة بتدبير الأزمات في السياسات العمومية من أجل الأخذ بعين الاعتبار حاجيات النساء والفتيات.
تناضل الحركات النسوية في المغرب منذ سنوات لانتزاع الحقوق لصالح المرأة، فما هي المكتسبات التي حققتها في مجال المساواة وتمكين النساء؟
عقدت المغرب على مر العقود السابقة، العديد من الورش القانونية لترسيخ المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، وخلال السنوات الأخيرة تمت المصادقة على مجموعة من التعديلات في القوانين المتعلقة بالانتخابات للرفع من التمثيلية النسائية نحو تفعيل مبدأ المناصفة، الداعية إلى تحقيق التمييز الإيجابي والتي نعتبرها مكسباً في إطار التدرج للسعي نحو تحقيق المناصفة الفعلية في أفق عام 2030، فقد مكن تمثيل 96 امرأة في البرلمان من إرساء الثلث في اللوائح الجهوية.
كما شجعت النساء للترشح ومكنتهن من الرفع من التمثيلية السياسية في المشهد السياسي المغربي، والحكومة الجديدة خير مثال على ذلك، فقد ظفرت النساء بـ 7 وزارات مهمة ضمن الحكومة المؤلفة من 24 وزارة، منها "المالية، الصحة، الحماية الاجتماعية، الإسكان، السياحة، الانتقال الطاقي، الذكاء الاصطناعي"، وهو ما مثل نسبة 30%.
وهذا برأيي تقدم ملموس بحكم أن النساء تقلدن مناصب وزارية لقطاعات حيوية واستراتيجية ومهمة، فمثلاً وزارة الاقتصاد والمالية لأول مرة في تاريخ المغرب تسند لامرأة، وذلك يبرهن على الاهتمام بإشراك المرأة في التنمية، وأيضاً هو اعتراف بمكانة المرأة واستحقاقها.
وتعتبر المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في العمليات الانتخابية أحد الاختبارات لقياس مدى تحقيق التمكين السياسي للمرأة، ذلك أن تحقيق هذا التمكين يتوقف في جزء كبير من خلال تقديم مشاركة النساء في الانتخابات كناخبات ومرشحات.
وهناك أيضاً قانون إطار رقم (09.21) المتعلق بتوسيع الحماية الاجتماعية، الذي برز مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة التي أظهرت الحاجة إلى الاهتمام بالحماية الاجتماعية وإبراز أولوية الاهتمام بوضع سياسة عمومية استراتيجية منسجمة، كما برزت وباعتبارها مدخلاً لتحسين شروط العيش الكريم للمجتمع برمته، وكذلك سن القانون رقم 13/103 المناهض للعنف ضد النساء. في الحقيقة نعتبر ذلك مجهودات إيجابية من أجل النهوض بوضع المرأة.
برأيكم ماهي التحديات والإكراهات التي ترونها تعيق تحسين أداء المرأة داخل المجتمع؟
التحديات والإكراهات عالمية ليست مرتبطة بالمغرب كدولة، هي تحديات تعيشها جميع نساء العالم؛ والتي تتمثل في مناهضة العنف، مناهضة التمييز، مناهضة جميع أشكال الفوارق واللامساواة في الحقوق بين جميع شرائح المجتمع؛ هي تحديات ظهرت أكثر مع جائحة كورونا ومست النساء بشكل أكبر دون غيرهن، وهي تحديات مرتبطة بعدة مداخل، وكذلك واجهت تحديات قانونية.
بحكم أن جمعية "جسور ملتقى النساء المغربيات" اليوم عضو في ائتلاف (المناصفة دابا) قدمنا كتاباً أبيضاً يضم اقتراحات في التعديلات متعلقة بالانتخابات وإدماج مبدأ المناصفة في الترسانة القانونية، كما قدمنا أيضاً كتاباً أبيضاً آخر فيه اقتراحات بإدماج مبدأ المناصفة في الشق المتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية في التشريعات، لأنه اليوم وبعد مرور 20 عاماً من إقرار الدستور، لا زالت هناك تحديات كبيرة، تتجلى في ملاءمة القوانين الوطنية والترسانة القانونية مع روح الدستور الذي ينص على مبدأ المساواة والمناصفة.
برأيكم ما الذي تحتاج إليه المرأة المغربية اليوم؟
كحقوقية مقتنعة أنه بتظافر الجهود يمكن تحقيق الأكثر، اليوم الرأي العام مقتنع بأهمية الدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني بالمغرب كقوة اقتراحية وترافعية تسعى إلى المساهمة في إرساء مجتمع حداثي عادل وديمقراطي يضمن المساواة والكرامة لكافة المواطنات والمواطنين بدون تمييز، أكيد أنها بحاجة إلى مزيد من الإصرار والعزيمة للحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة، وذلك من أجل مواصلة طريقها وعملها لتحقيق المساواة في الولوج إلى الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
والأكيد أيضاً نحن في حاجة إلى سياسات عمومية مبنية على المساواة وعلى إدماج النوع الاجتماعي؛ نأخذ فيه بعين الاعتبار الفتاة والمرأة ونأخذ في صلبهما مبادئ تمكنهما من العيش في كرامة وعدالة وحماية اجتماعية تضمن لهما العيش بدون تمييز، لاسيما وقد اعتمدنا النموذج التنموي الجديد الذي يتطلب إرادة سياسية قوية والتزامات صريحة للنهوض بحقوق النساء وترسيخ مبدأ المناصفة والمساواة.
بعد 17 عاماً من المصادقة على مدونة الأسرة... هل ترون أنها أنصفت المرأة المغربية؟
مدونة الأسرة جاءت لحماية المرأة والطفل والأسرة ككل، وأي قانون وضعي يحمل بين طياته بعض النواقص، بعد مرور 17 عاماً كان لابد من التفكير في إعادة النظر في المدونة وتجديد بعض القوانين؛ بحكم أن المجتمع يعيش تحولات ثقافية عميقة، كما يجب إعطاء أهمية لملاءمة التشريعات الوطنية مع روح الدستور، هناك ضرورة ملحة لتعديل الفصل 20 و21 مواد المدونة، التي تسمح بزواج القاصرات، والوصية والقوامة والحضانة، وهي ملفات تؤطر لنزاعات اجتماعية وتتسبب في انهيار الأسرة وتخلق اضطرابات نفسية في العلاقات الاجتماعية، لهذا حان الوقت لتحديث المدونة أخذاً بعين الاعتبار تطور المجتمع وتغيير تركيبته الاجتماعية وحماية حقوق الأطفال وضمان الحماية والعدالة الاجتماعية بمبدأ الاستقرار الأسري.
هل تعتقدون أن المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية فيما يتعلق بالمشاركة في صنع القرار السياسي وصدور بعض القوانين التي تحميها كافية للقول إن أوضاع النساء بدأت تتحسن؟
نحن متفائلين جداً، ولا يمكن أن ننكر أن النساء حققن مكتسبات، فيما يتعلق بالمشاركة في مراكز صنع القرار، ولاسيما أن الانتخابات التي جرت في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي مكنت من إبراز قوة نسائية جديدة، لا زلنا ننتظر النتائج النهائية، لكن نعتبر أن تفعيل مبدأ المناصفة يجب أن يتحقق بالتراكمات للنساء في تدبير الشأن العام، وفي هذه الانتخابات برزت قيادات شابة نسائية في المدن والقرى، نتمنى لها التوفيق وتحقيق نتائج إيجابيه.
هناك نساء تقلدن منصب عمدة لثلاث من أكبر المدن في المغرب وهي الرباط والدار البيضاء ومراكش، كما تم انتخاب امرأة على رأس جهة كلميم واد نون للمرة الثانية وهي تجديد الثقة، وتم منح النساء الثلث في الحكومة الجديدة يعني أن الطريق بات معبداً أمام تحقيق المناصفة بشكل يتوافق مع أهداف ومؤشرات أجندة التنمية المستدامة 2030.
ختاماً، ما الذي تريدون قوله للمرأة المغربية؟
أقول لها عليها أن تحافظ بقوة على ما حققته من منجزات ومكتسبات، وأن تسعى لتحقيق طموحاتها، وأن تستمر في النضال والعمل والإصرار لتتمكن من الوصول لكافة حقوق النساء في ترابطها وشموليتها، مرفقةً بتدابير عملية وإمكانيات تنفيذية وآليات تتبع وتقييم لهذا لابد لها من الترافع؛ لأن الحقوق تنتزع ولكي تتمكن من تطبيق سياسات عمومية تكون فيها المرأة في صلب اهتمامات العيش بكرامة وحماية اجتماعية، ما يتطلب إرساء آلية مؤسساتية تنفيذية خاصة، تترجم تلك السياسة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والبيئي.