"إلزامية الحجاب" في ليبيا... مخالفة للدستور وانتهاك للحريات

أكدت عضوة هيئة صياغة الدستور الليبي نادية عمران أن "تصريحات فرض الحجاب تفتقر للأساس القانوني ولن تُنفذ على أرض الواقع".

منى توكا

ليبيا ـ عدّ الشارع الليبي الضجة الإعلامية التي أحدثها عماد الطرابلسي حول فرض الحجاب مخالفة للإعلان الدستوري الذي يضمن الحرية الشخصية للمواطنين والمواطنات.

أثار وزير الداخلية في حكومة "الوحدة الوطنية" الليبية المؤقتة عماد الطرابلسي، جدلاً كبيراً في ليبيا بعد دعوته إلى فرض الحجاب على النساء ومنع الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة، بحجة "ترسيخ القيم الأخلاقية" في المجتمع الليبي، ومطالبته بتفعيل شرطة الآداب في الشوارع وملاحقة أي محتوى غير لائق على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إغلاق المقاهي التي تقدم الشيشة (الأرجيلة).

هذه التصريحات لاقت ردود فعل ساخطة في الشارع الليبي، وفي هذا السياق، تقدم المستشارة القانونية وعضوة هيئة صياغة الدستور نادية عمران رؤيتها القانونية بشأن آثار هذه التوجهات إذ ترى أن تصريحات عماد الطرابلسي لا تتجاوز كونها "فرقعات إعلامية"؛ كونها لم تُصدر في شكل قانوني، مما يجعلها مجرد تصريحات بدون أثر قانوني ملزم.

وأوضحت أن إصدار مثل هذه القرارات بدون أساس قانوني قد يكون له تداعيات متعددة، مشيرةً إلى أن هذه الإجراءات تعد خرقاً لحقوق الإنسان، حيث أن الحريات الأساسية مثل حرية التنقل وحرية اختيار الملبس مكفولة ما دامت لا تتعارض مع النظام العام والآداب العامة، باستثناء الحالات التي ينص فيها القانون بوضوح على زي معين مثل الزي المدرسي أو ملابس المؤسسات الخاصة.

وأضافت نادية عمران أن الحقوق الدستورية هي حقوق مطلقة، ولا يجوز تقييدها إلا بظروف محددة تفرضها الضرورة، مثل فرض قيود على التنقل في فترات الأوبئة، وفي حال فرض أي قيود يجب أن تكون مستندة إلى أسس قانونية ودستورية واضحة، وترى أن فرض قيود بدون إجراءات قانونية يشكل انتهاكاً قد يؤدي إلى الطعن القانوني بهذه القرارات في حال تم تنفيذها.

كما أشارت إلى أنه حتى في حال وجود مخالفات أخلاقية، فإن معالجة مثل هذه القضايا لا تتم عبر التصريحات، بل من خلال تفعيل أجهزة الأمن وفق قانون العقوبات الساري، والذي يحدد بشكل واضح الجرائم والمخالفات، مؤكدةً على ضرورة أن يُسمح للمواطنين بممارسة حياتهم بحرية، طالما أنهم لا يخلّون بالآداب العامة.

وبالنسبة لحالات التنمر والمضايقات التي تتعرض لها عدد من النساء غير المحجبات، تعتبر نادية عمران أن هذه المسألة تحتاج إلى حلول عبر التوعية والإرشاد وزيادة الوعي الديني والصحة النفسية، وليس من خلال فرض القيود.

وأكدت أن تصريحات عماد الطرابلسي قد تترك أثراً سلبياً على المجتمع الليبي، وتزيد من حالة التوتر المجتمعي، مشيرةً إلى أن معالجة أي ظاهرة سلبية تتطلب دراسات نفسية واجتماعية منظمّة، بدلاً من فرض قيود غير مستندة إلى أسس قانونية.

وباعتبار نادية عمران عضوة في هيئة صياغة الدستور، وضحت أن دور الهيئة يتمثل في صياغة نصوص دستورية تكفل الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والتي تؤكدها الشريعة الإسلامية، بحيث يُسمح للأفراد بممارسة حياتهم الخاصة بحرية طالما لا تتعارض مع القانون.

واختتمت بقولها إن الحكومة لن تجرؤ على تنفيذ مثل هذه القرارات التي تتعارض مع الحقوق الدستورية، وفي حال حدث ذلك، فإن المؤسسات الحقوقية والمتضررين يحق لهم اللجوء إلى القضاء للطعن بها.