اليوم الدولي للمساواة في الأجر من أجل ضمان مستقبل أفضل للعمل
تعد ظاهرة عدم المساواة في الأجر بين الجنسين عالمية، حيث تتعرض المرأة للتمييز مع الرجل من حيث الأجر الذي تتلقاه، مما أدى لزيادة فجوة الأجور بين الجنسين
مركز الأخبار ـ .
كان لا بد من علاج ظاهرة فجوة الأجور بين الجنسين وتحقيق المساواة بينهما في العمل وذلك من خلال المساواة في الأجر، فجاء اليوم الدولي للمساواة في الأجر الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2019 وتم الاحتفال به لأول مرة في 18 أيلول/سبتمبر عام 2020، لتصور التزام الأمم المتحدة باحترام حقوق الإنسان ومناهضتها لجميع أشكال التمييز بما فيها التمييز ضد النساء.
عدم المساواة في الأجر أكبر عملية سرقة في التاريخ
على الرغم من حصول المرأة على الكثير من حقوقها خلال مسيرتها إلا أن المساواة في الأجر لم تبصر النور بعد، ففي جميع دول العالم تتقاضى النساء أجوراً أقل من الرجال ويعود ذلك للهيكلية غير المتكافئة بين الجنسين بسبب عدم تمكين النساء، بالإضافة للفقر وعدم المساواة والحرمان في الوصول إلى الموارد وفرص العمل الجيدة بهدف الحد من قدرة المرأة وإمكانياتها، لذلك كان تطبيق المساواة في الأجور عملية صعبة على الرغم من التأييد الواسع لها، وبالتالي سببت بطء في تضييق فجوة الأجور بين الجنسين التي قدرت بنحو 23% على مستوى العالم.
خلال السنوات القليلة الماضية لم تكن قضية عدم المساواة في الأجور تلفت انتباه العالم بسبب انعدام الوعي والإدراك لخطورتها، لكن مع تحلي العالم بالاستراتيجية قرر تغيير نظرة الدول حول المساواة في الأجور، لذلك تمت إعادة سياقة مصطلح فجوة الأجور بين الجنسين واعتبارها أكبر عملية سرقة في التاريخ.
وعرفت منظمة العمل الدولية المساواة في الأجور في اتفاقية العمال والعاملات في الأجر عن عمل متساوي القيمة عام 1956، هو تحصيل النساء بصفة خاصة لأجور تساوي الأجور التي يتقاضاها الرجال في عمل متساوي القيمة.
ففي عام 2017 كانت النساء على مستوى العالم يكسبن أقل من الرجال بنسبة 23%، وسيستغرق سد فجوة الأجور بين الجنسين بحسب ما أكدت عليه الأمم المتحدة إلى ما يقارب 70 عاماً القادمة، حيث أن المرأة تحصل 77 سنتاً فقط مقابل كل دولار يكسبه الرجل مما يدل على تفاوت في الدخل بين الجنسين مدى الحياة.
ويعود السبب الرئيسي لاتساع هذه الفجوة هو انعدام الأمن الوظيفي حيث تتركز النساء في الأعمال التي تتطلب مهارات أقل وذات الأجور المنخفضة، وبحسب مؤشر البنك الدولي للمرأة وأنشطة الأعمال والقانون عام 2020 وجد أن متوسط درجة تقييم "الأجر" هو 66.1 من أصل 100، أي أن 70% من دول العالم لا تزال تتغافل عن فجوة الأجور بين الجنسين.
كما أن 90 دولة تضع قيوداً قانونية على توظيف النساء ففي سيراليون يحظر على النساء العمل في المناجم، وفي أذربيجان تمنع المرأة من قيادة قطارات المترو، كما في فيتنام يحظر على المرأة العمل في المنصات البحرية الخاصة باستخراج النفط.
المساواة في الأجر تحقق ما هو أبعد من ذلك
تسعى أهداف التنمية المستدامة 2030 لتحقيق المساواة بين الجنسين بما في ذلك تمكين النساء في سوق العمل وتحقيق المساواة في الأجر، لذلك دعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة العمل الدولية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات النسائية والمجتمعية، بالإضافة لمنظمات الأعمال والعمال وأصحاب العمل، لحضور منتدى عالمي يهدف إلى تعزيز المساواة في الأجر والتمكين الاقتصادي للنساء.
وعلى الرغم من أن مؤشر الأجر متدني بحسب تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، إلا أنه ومنذ عام 2017 قامت 12 دولة بتعديل التشريعات القانونية التي من شأنها أن تأثر على أداء المرأة وأجرها، وفي هذا السياق ألغت الإمارات كافة القيود على توظيف النساء، كما أقرت تايلاند قانوناً يساوي الأجور بين المرأة والرجل في الأعمال المتساوية القيمة.
وفي أوج تداعيات كورونا وبمناسبة اليوم الدولي الأول للمساواة في الأجر، دعا التحالف الدولي للمساواة في الأجور الذي تقوده منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وشركاء آخرين، الجهات الفاعلة ذات المجالات والخبرات المختلفة في سوق العمل لاتخاذ خطوات مناسبة تضمن تحقيق المساواة بين الجنسين لتقليص فجوة الأجور بينهما على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي.
في كثير من الأحيان يتم حصر النساء في قطاعات العمل ذات الأجور المنخفضة عن الأعمال ذاتها التي يقوم بها الرجال، لذلك حقق اليوم الدولي للمساواة في الأجور أبعاد أكثر من تطبيق المساواة في الأجر، حيث رفع القيود عن الأعمال التي كانت المرأة ممنوعة من القيام بها كالعمل ليلاً أو في وظائف تعتبر شديدة "الخطورة" حيث يقلل ذلك من فرصهن للعمل في قطاعات معينة.
التحالف الدولي للمساواة في الأجور
يعد التحالف الدولي للمساواة في الأجور الذي أعلنت عنه منظمة العمل الدولية ندوة أجريت لأول مرة في 18 أيلول/سبتمبر عام 2019، عبر شبكة الأنترنت بسبب تداعيات فايروس كورونا، جرت فيها تبادل للأفكار حول كيفية تحقيق المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز على أساس النوع الاجتماعي، بالإضافة لتعهد الدول المنظمة للتحالف بالالتزام بالإجراءات اللازمة لتحقيق المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية.
ويعرف التحالف على أنه مبادرة يقودها أصحاب المصلحة الملتزمين بتقليص فجوة الأجور بين الجنسين وجعل الأجر المتساوي مقابل العمل ذي القيمة المتساوية حقيقة واقعية في جميع الدول وقطاعات العمل، ويتعاون التحالف مع الحكومات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث يحث الهدف الثامن من أهدافها على تأمين العمل اللائق لجميع النساء والرجال بما فيهم الشباب والأشخاص ذوي الإعاقة لتحقيق النمو الاقتصادي.
وكانت منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان أول المنضمين للتحالف، ثم تلتها أستراليا وكندا وألمانيا وأيسلندا والأردن، بالإضافة لنيوزيلندا وبنما والاتحاد الدولي لنقابات العمال وجنوب إفريقيا وسويسرا والمنظمة الدولية لأصحاب العمل.
وانبثق التحالف في ظل فيروس كورونا التي أدت لزيادة الفجوة في الأجور بين الجنسين، حيث تشكل النساء غالبية العالمين في الخطوط الأمامية في قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية، كما تعد من أكثر الفئات التي تواجه مخاطر فقدان العمل.