اليوم العالمي للاجئين... فسحة نجاة للاجئين ليهربوا من معاناتهم ومشاكلهم

كانت ومازالت الحروب وبئر الصراعات والأزمات الاقتصادية كفيلة بأن تخلف وراءها ملايين اللاجئين والمشردين في جميع أنحاء العالم، لذلك قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة نفض الغبار عن معاناتهم ومشاكلهم والبحث عن السبل المناسبة لمساعدتهم، فكان إعلانها عن اليوم العالمي للاجئين بمثابة اليد البيضاء التي تمسح عن اللاجئين مصاعب وأعباء اللجوء

مركز الأخبار ـ .
بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR)، فقد تم تعريف اللاجئ على أنه الشخص الذي غادر بلاده حفاظاَ على حريته أو لإنقاذ حياته بسبب الصراع أو الحرب المسلحة، أو معاناته من اضطهاد سياسي أو عسكري، أو تم استهدافه لأسباب دينية أو عرقية، وفي هذه الحالات يكون هذا الشخص بأشد الحاجة للمساعدة والدعم الدولي لأن وضع بلاده يمثل خطراً على حياته.
 
ما هو اليوم العالمي للاجئين وما مدى أهميته؟
بعد أن دمرت الحروب والصراعات بلدانهم وأجبرتهم على الفرار منها وسلبتهم حماية حكوماتهم في بلدان اللجوء، يواجه ما يقارب 80 مليون لاجئ حول العالم عقبات في الوصول إلى الخدمات الاجتماعية وسوق العمل وأنظمة التعليم، لذلك سلطت الأمم المتحدة في 4 كانون الأول/ديسمبر عام 2000 أنظار واهتمام العالم على قضايا ومشاكل اللاجئين، وذلك من خلال إعلانها أن 20 حزيران/يونيو من كل عام يوماً عالمياً للاجئين، وبحثت في الطرق المناسبة لتقديم العون لهم من خلال مفوضيتها السامية لشؤون اللاجئين.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة، أصدرته في عام 2017، اُعتبرت سوريا وفنزويلا "منشأً للاجئين"، وزادت العقوبات الاقتصادية في هاتين الدولتين سوء الظروف البائسة أصلاً لأنها تمس بشكل خاص الناس العاديين، بينما تم تصنيف ألمانيا خامس دولة مستقبلة للاجئين في العالم فقد استقبلت ما يقارب 1.1 مليون لاجئ.
وتزامنت الاحتفالية الأولى بهذا اليوم لأول مرة عام 2001، مع الذكرى الخمسين لإعلان الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي وضعتها عصبة الأمم ووافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1951، وأصبحت هذه الاتفاقية حجر الأساس للجهود والمساعي التي تبذلها المفوضية لتوفير حياة كريمة لطالبي اللجوء خلال الخمسين عام التي سبقت الإعلان عن يوم اللاجئ العالمي.
وبينت بنود الاتفاقية من هم اللاجئون ونوع الحماية القانونية والمساعدات الاجتماعية وحرية العقيدة والتنقل وغيرها من الأمور التي يمكن أن تقدمها 139 دولة الطرف في الاتفاقية للاجئين، كما حددت الأشخاص الذين لا تشملهم الاتفاقية، بالإضافة لمسؤوليات والتزامات اللاجئين تجاه الدول المضيفة.
لكن انتشار ظاهرة اللجوء لتعم مختلف أنحاء العالم واقتصار نطاق الحماية والمساعدة التي قدمتها الاتفاقية اللاجئين الأوروبيين فقط الذين فروا من ويلات الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، أدى لطرح بروتوكول عام 1967 الذي وسع الحدود الضيقة لاتفاقية عام 1951، لتشمل اللاجئين من مختلف أنحاء العالم مع الحفاظ على باقي بنودها دون تعديل.
ومنذ عام 2001 حملت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مسؤولية تقديم الدعم والعون للاجئين لإتمام عودتهم إلى أوطانهم بمحض إرادتهم أو لمساعدتهم على الاندماج والتفاعل مع المجتمعات المضيفة أو حتى نقلهم إلى بلد ثالث مضيف.
 
بعض الاقتراحات والحلول العالمية المقدمة للاجئين 
يتمتع الأشخاص تحت راية المفوضية بنطاق واسع من الحقوق سواء الإقامة الدائمة في بلد اللجوء والاندماج في المجتمع دون خوف من التمييز، والمشاركة في مجال العمل المحلي بما يتناسب مع مهاراتهم للحصول على الاكتفاء الذاتي، بالإضافة للمشاركة في الحكومة المحلية والمركزية من خلال عمليات الانتخاب والتشاورية العامة.
ففي عام 2016 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة التزامات لحماية اللاجئين والمهاجرين، عرفت بإعلان نيويورك الخاص باللاجئين والمهاجرين الذي تمثل بالتزام الدول الأعضاء بتقوية وتعزيز آليات تحميهم أثناء تنقلهم واحترام حقوقهم ودعمهم للاعتماد على ذاتهم، بالإضافة لحماية البلدان التي تأويهم من خلال تخفيف الضغوط عليها وجعلها مسؤولية دولية مشتركة ويجب تحملها بصورة أكثر مساواة.
مهد إعلان نيويورك الطريق لاعتماد ميثاقين عالميين في عام 2018، هما الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي ركز على تقاسم المسؤوليات وتأمين فرص العمل وسبل العيش والطاقة والبنية التحتية، وهو استجابة لتنظيم حركة اللاجئين.
والميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، جاءا تأكيداً على أهداف إعلان نيويورك فقد قدم إطاراً تعاونياً دولياً لجعل الهجرة أكثر أماناً لملايين المهاجرين حول العالم، وأقر الميثاق بضرورة خلق نهج تعاوني لتسهيل الهجرة من خلال احترام حقوقهم الإنسانية وتوفير الرعاية والمساعدة لهم، وخلق ظروف مواتية تمكن المهاجرين من أن يكونوا أعضاءً فاعلين في المجتمعات المستضيفة من خلال تمكين قدراتهم ومهاراتهم لتحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة.
وعلى أعقاب الإعلان شارك الأمين العام للأمم المتحدة وسبع دول أعضاء في مؤتمر قمة القادة بشأن اللاجئين لرفع حس المسؤولية تجاههم، حيث أعلنت 47 دولة التزامها بتقديم تسهيلات قانونية أو سياسية حتى يتمكن اللاجئين من الحصول على التعليم والعمل القانوني والخدمات الاجتماعية.
فقد عملت المفوضية بالتعاون مع اللجنة الليبيرية على توطين اللاجئين في المخيمات، وعززت جهود الاستجابة الخاصة بتقديم المساعدات وأنشطة الرصد لهم، بعد تدفق أكثر من 3 آلاف لاجئ من كوت ديفوار إلى ليبيريا عام 2020، على إثر الخلافات الناتجة عن الانتخابات الرئاسية البلاد.
أما في ظل جائحة كورونا وتحديداً في عام 2020 ونظراً للحالة النفسية التي خلفها الخوف من فقدان الأجور اليومية وسبل كسب العيش لدى العديد من اللاجئين الذين يعتبرون أكثر الفئات ضعفاً، دعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين جميع الحكومات في موجز سياسي بشأن الجائحة إلى ضمان إدماج اللاجئين في جميع الجهود المبذولة في التصدي للوباء ولمناهضة العنصرية وبناء عالم أكثر مساواة وشمول.
كما وحثت المفوضية في بداية عام 2021 البرازيل على متابعة تنفيذ سياسة الدمج لـ 260 ألف لاجئ من فنزويلا هربوا من الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعانيها بلادهم، لتخطي المعوقات التي يواجها الفنزويليون منها صعوبة تحديد المهارات وانخفاض مستوى التدريب اللغوي للمهنيين والمعلمين.
ودعمت المفوضية كذلك مساعي الحكومة لعقد شراكات مع القطاع الخاص من أجل وضع برامج لتوظيف اللاجئين، واعترفت بـ 47 ألف شخص كلاجئين وحصل 145 ألف شخص على تأشيرات إقامة مؤقتة.
 
تعدد واختلاف احتفالات اليوم العالمي للاجئين
يشارك ملايين الأشخاص حول العالم في فعاليات اليوم العالمي للاجئين، ففي عام 2018 سادت الاحتفالات الترفيهية كالرقص والموسيقى، حيث قامت فرقة موسيقية في مدينة بوخاريست الرومانية بافتتاح الاحتفاليات، وضمت لاجئين من فئة الشباب ألقوا الأشعار التي عبروا من خلالها عن صلة الوصل بين المجتمعات، بينما أدت النساء اللاجئات في موريتانيا عملاً مسرحياً دارت فصوله حول المشاكل التي يواجهنها كلاجئات.
بالإضافة لممارسة التمارين الرياضية كما فعل لاجئون أفغان في حصة تدريب لفريق روسي، أما في وادي بريشيفو جنوب صربيا فقد انشغل موظفو المفوضية واللاجئون والمجتمع المحلي بزراعة الأشجار في مدارس لتعليم الأطفال اللاجئين.
وفي عام 2019 نظمت مفوضية اللاجئين في العراق سباقاً قصيراً للمارثون بهدف تسليط الضوء على التحديات والمخاطر التي واجهها اللاجئون وهم في طريهم لبر الأمان، أما في الولايات المتحدة وتحديداً العاصمة نيويورك فقد احتفلت المفوضية من خلال فعاليات لبيع مأكولات وسلع من صنع اللاجئين، وفي اليابان تم إنارة 15 معلماً سياحياً باللونين الأزرق والأبيض تيمناً بشعار منظمة الأمم المتحدة.
أما هذا العام وتحديداً في 10 حزيران/يونيو فقد أطلقت المفوضية مدونة مباشرة على صفحتها الرسمية مدحت فيها اللاجئين الذي شاركوا في الوقوف في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا على الرغم من التحديات والمعوقات التي يواجهونها، وابتكارهم وسائل وطرق للحد من انتشاره.  
 
بعض الإحصائيات الدولية لأعداد اللاجئين
تجاوز عدد الأشخاص الفارين من الحروب والنزاعات حاجز الـ 70 مليون شخص بحلول عام 2018 أي بزيادة مليونين عن عام 2017، وأورد تقرير الاتجاهات العالمية السنوي الصادر عن المفوضية ثلاث مجموعات الأولى هم اللاجئين الذين أجبروا على مغادرة بلادهم ووصل عددهم لـ 25.9 مليون شخص بزيادة وصلت 500 ألف شخص عن عام 2017، بينما شكل النازحون داخلياً 41.3 مليون شخص يتنقلون داخل بلدانهم، أما المجموعة الثالثة فهي تشمل طالبي اللجوء الذين يعيشون خارج البلاد تحت حماية دولية بانتظار الحصول على صفة اللجوء.
وبنهاية عام 2019 أعلنت المفوضية أن عدد اللاجئين قد ارتفع بمقدار 9 ملايين شخص، وبذلك يصل إجمالي اللاجئين في العالم نحو 80 مليون ويقارب ضعف الرقم المسجل عام 2010 الذي كان قد بلغ 41 مليون.
وتصدر السوريون والفنزويليون والأفغان ومواطنو جنوب السودان والروهينغا الفارون من ميانمار الأغلبية في أعداد اللاجئين والنازحين إحصائيات عام 2019، وأكدت بيانات المفوضية أن كندا استقبلت 31100 لاجئ بينما استقبلت الولايات المتحدة 27500 لاجئ و18200 لاجئ في أستراليا.
وفي خضم جائحة كورنا تجاوز عدد اللاجئين والنازحين عتبة 80 مليون في منتصف عام 2020 بحسب تقرير المفوضية، وهو أعلى مستوى تشهده المفوضية منذ تأسيسها، ويضم هذا العدد ما يقارب 45.7 مليون نازح داخلي و29.6 مليون لاجئ وبلغ عدد طالبي اللجوء 4.2 مليون، ووصل عدد السوريين لـ 13.2 مليون حول العالم و5.7 مليون لاجئ فلسطيني.