اليمن... قيود تُفرض على النساء تسلبهن حريتهن
تعاني النساء في اليمن من القيود التي تفرض عليهن، وتسلبهن حقوقهن وحريتهن كمنعهن من السفر إلا بتوقيع وثيقة رسمية أو وجود محرم.
رانيا عبد الله
اليمن ـ رفضت عدة نساء قرار منعهن من السفر إلا بوجود محرم أو بتوقيع وثيقة من ولي الأمر، واعتبرنه أنه يحرمهن من أبسط حقوقهن وهو حرية التنقل، مؤكدات أنه لا يستهدف فقط استقلالية المرأة وحريتها في التنقل ولكنه يؤثر بشكل سلبي على فرصها في العمل وبالتالي يقلص مصادر الدخل عليها وعلى أسرتها ويعود بها ألف خطوة للوراء.
في مطلع 2022 صدرت توجيهات لشركات النقل البري من قبل الحوثيين في صنعاء بمنع أي امرأة من السفر إلا بمحرم أو موافقة خطية على استمارة رسمية، هذا القرار الذي زاد من فرض القيود على النساء وعملت به شركات النقل بحضور مندوبين من جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين.
مساعدة الطبيب في مدينة صنعاء سمر محمد البالغة من العمر 35 عاماً، إحدى النساء اللواتي تم منعهن من السفر والتنقل إلا بوجود محرم أو بتوقيع وثيقة رسمية تفيد بمسؤولية ولي الأمر الكاملة عن سفرها، وعن ذلك تقول "رفض الموظف في شركة النقل الجماعي قطع تذكرة سفر لي مشترطاً حضور ولي أمري أو موافقة خطية رسمية منه يقر فيها مسؤوليته الكاملة عن سفري".
استنقاص المرأة
وقالت سمر محمد "وقفت مندهشة من هذا التصرف وهذه القرارات التي تستنقص المرأة وتسلبها حريتها، ولم يكن لدي خيار آخر سوى أن أعود للمنزل وأتصل بأخي الذي يسكن في منطقة بعيدة عني ليحضر معي للتوقيع على الموافقة لسفري لأني مضطرة للسفر لحضور دورة تدريبية مهمة".
وأضافت "بعد موافقة أخي على السفر، سافرت لكن حز في نفسي مثل هذه الإجراءات والقرارات التي تسلبنا الحق في الحياة، بمثل هذه القرارات نعود للوراء وتسلب حقوقنا، بينما أغلب الدول تتقدم وأصبح العالم قرية صغيرة وفي بلدي لا زال ينظر للمرأة كأنها ملك خاص بالرجل، بغض النظر عن مكانتها أو عمرها".
استهداف انجازات المرأة
ومن جانبها أوضحت رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الانسان رضية المتوكل أن هناك خطوات حثيثة من قبل الحوثيين لتقييد الحريات الشخصية، وخصوصاً حريات النساء على أكثر من مستوى "يأتِ اشتراط المحرم للسفر كواحدة من هذه الممارسات التعسفية بحق المرأة، وهي ممارسات تستهدف كل الانجازات التي حققتها المرأة اليمنية على مدار عقود لتطبيع وجودها في الحياة العامة، وتقوية وجودها في مختلف المجالات".
وأكدت أن هذا التوجه لا يستهدف فقط استقلالية المرأة وحريتها في التنقل ولكنه يؤثر بشكل سلبي على فرصها في العمل وبالتالي يقلص مصادر الدخل عليها وعلى أسرتها ويعود بها ألف خطوة للوراء.
شرط تعقيدي
قررت أمل وحيش البالغة من العمر 30 عاماً، عدم السفر بعد أن سمعت بالقرار الذي تم العمل به في شركات النقل البري، حيث يعتبر هذا القرار عائق بالنسبة لها كونها تسكن بمنطقة بعيدة عن سكن والدها "أنا أسافر واتنقل بحريتي وبعلم والدي ولا يمانع أبداً وشرط موافقة ولي الأمر يعد أمر تعقيدي يحد من تحركات المرأة، ومن مشاركتها في العمل أو الدراسة أو غيرها من الانشطة".
وأكدت بأنه "لا يحق لأي جهة أن تمنع حرية المرأة وتفرض عليها القيود طالما لم تخالف القانون".
مخالفة للقانون اليمني
تعتبر التوجيهات التي أصدرها الحوثيين مخالفة للقانون اليمني، حيث يساوي القانون اليمني بين الجنسين ولا يمنعها من السفر، وهذه التوجيهات تعد انتهاكاً صارخاً ضد النساء في اليمن.
المحامية أمل الصبري قالت "الحوثيين مارسوا انتهاكات بحق النساء بدون أي مسوغ قانوني، وهذه التعميمات تعتبر انتهاكاً صارخاً لخصوصية النساء لاسيما العاملات، والقانون كفل للنساء حق التنقل وكما نعلم أننا في مجتمع محافظ ولا يمكن أن تسافر المرأة بدون أن يعلم أهلها أو بدون أذنهم فلا يحتاج هذا الأمر إلى تنظيم أو تعميم ولن تكون تلك التعليمات إلا للتضييق على حريات الناس والتدخل في خصوصياتهم مما يجعل هذا الأمر انتهاك لحقوق الناس لا سيما النساء اللاتي يعملن في قطاعات مختلفة".
وأكدت على أنه "لا يجوز للحوثيين أن يتحكموا في خصوصيات المرأة وفرض قيود غير قانونية تعيق تنقلها وتحركاتها، ومن حق أي امرأة أن تمارس هذا الحق متى ما دعت الحاجه إليه".
تمييز ضد المرأة
دعت منظمة "سام للحقوق والحريات" في بيان لها إلى تحقيق السلام وتوفير الحماية الدولية لليمنيات من انتهاكات أطراف الصراع والعمل على تمكينهن من حقوقهن، وشددت المنظمة على الممارسات التي تتعرض لها المرأة اليمنية التي تأتي في أطار المخالفة الواضحة للعديد من الاتفاقيات التي كفلت ووفرت الحماية الخاصة للمرأة ومنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة.
وأضافت "على الحوثيين وكل السلطات المختلفة في اليمن أن ترفع يدها عن النساء ولا تقيد حرياتهن الشخصية وأن تواصل مسيرة تمكين المرأة بدلاً من إضعافها".