اليمن... معلمون بلا حقوق وطلبة بلا مستقبل
عدد من المشاكل أثرت بشكل مباشر على التعليم منها انقطاع وانخفاض رواتب المعلمين والمعلمات، ما أدى إلى تدني التحصيل العلمي للطلبة في جميع المراحل الدراسية.

رانيا عبد الله
اليمن ـ منذ أكثر من عشر سنوات من اندلاع النزاع في اليمن يشهد التعليم انهياراً ملحوظاً، وتأثرّ الطلاب والطالبات بشكل كبير، وأصبح التعليم على محك الجهل.
انهمرت دموعها بحرقة أثناء حديثها مع وكالتنا واعتذرت عن تصوير المقابلة بسبب إدراكها بأن لا جدوى من حديثها وإيمانها بعدم استجابة السلطة والحكومة، المعلمة هدى أحمد التي قضت 35 عاماً في مهنة التعليم يصل راتبها اليوم إلى 40 دولار، هذا المبلغ لا يكفي أبسط الاحتياجات، غير أن إيجار منزلها يصل لضعف الراتب الذي تتقاضاه شهرياً، تقول "أحضر المدرسة وأنا جائعة، حتى أعطي الطلاب الدروس، ونهاية الشهر احتار ماذا أفعل بالراتب؟ وكيف اتصرف به؟".
أصبح المعلمون والمعلمات الذين قضوا أكثر من 30 عاماً في خدمة التعليم لا تتعدى رواتبهم 50 دولار، ويبلغ راتب المعلمين الملتحقين بمهنة التعليم في عام 2011 أقل من 20 دولار أمريكي، وذلك نتيجة تدهور العملة المحلية، حيث وصل سعر صرف الدولار مقابل الريال 2500 ريال يمني.
هذا الانخفاض دفع بالمعلمين والمعلمات في مدينة تعز جنوب غرب اليمن، ومدينة عدن جنوب اليمن إلى التوقف عن التعليم، والاحتجاج للمطالبة بتسوية وضعهم ورفع رواتبهم.
حجج وأعذار
أمة الملك واصل، موظفة في مكتب التربية والتعليم بمدينة تعز، تقول لوكالتنا "عندما خرجنا لم نخرج للمطالبة بالرفاهية، الظروف الاقتصادية صعبة للغاية لجميع الناس وخصوصاً المعلمين والمعلمات، لا نستطيع توفير لقمة العيش أو الدواء وخرجنا نطالب السلطة بتحسين أوضاعنا".
وأضافت "أن موارد المدينة يتقاسمها المسؤولين، وعند مطالبتنا بتحسين أوضاعنا تحججوا بعدم وجود موارد أو ميزانية"، مشددة على مطالبهم المستمرة منذ بداية الاحتجاجات وهي هيكلة الأجور بما يتناسب وسعر صرف العملة الأجنبية، ودفع الرواتب المتأخرة من عام 2016 إلى 2017 "نطالب بهذه الحقوق البسيطة، لكن للأسف يتم المماطلة".
من جهتها قالت المعلمة نجلاء الهندي "نحن مطالبنا حقوقية، وهيكلة الأجور، بما يتوافق مع الغلاء المعيشي، راتبي لا يصل لـ 38 دولار"، موضحة أن راتبها كله يذهب للصيدلية مقابل أدوية شهرية لها "راتبي لا يكفي إلا لقيمة أدوية، أذهب بكل الراتب للصيدلي، ولا أستطيع حتى انفق من هذا الراتب على مصاريف أولادي".
وتابعت "هناك لوم من قبل الكثير عند خروجنا للإضراب والمطالبة بحقوقنا البسيطة والتي يفترض أن يتم التجاوب معها من قبل السلطات والجهات المعنية، لكن للأسف واجهنا التخوين بل والتهديد أيضاً".
ضحايا المستقبل
الطلاب والطالبات هم ضحية لإهمال مُتعمد للتعليم، وتجاهل مطالب المعلمين، فتوقفهم عن التعليم لمدة أربعة أشهر دون أن تتحرك التربية والتعليم في محافظتي عدن وتعز لتقديم أي حلول، وعودة العملية التعليمية أدى إلى تدهور تحصيلهم العلمي، وزاد هذا بالنسبة لطلبة الثالث الثانوي.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم موعد اختبارات الثانوية العامة للقسمين العلمي والأدبي بداية من 4 وحتى 25 أيار/مايو، وهذا ما أثار استياء الطلاب وسخطهم لتوقفهم عن التعليم أكثر من 3 أشهر، وعدم استعدادهم للامتحانات النهائية، وقد وجه مدير مكتب التربية والتعليم في تعز بإلزام المدارس الحكومية باستئناف الدراسة والتهديد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المدارس التي ستستمر بالإضراب، وكـ حل عاجل وجهت التربية بتعويض دروس للطلبة بشهر واحد عن الأشهر التي مضت قبل البدء بالاختبارات.
الطالبة سارة أحمد، على وشك الانتهاء من أداء امتحانات الشهادة الثانوية، تقول لوكالتنا إن "ما حدث لنا خيبة أمل كبيرة، فقد كنا نأمل بعد استئناف التعليم أن يتم تمديد فترة الدراسة لتعويضنا بالدروس التي فاتتنا، وهو مقرر الجزء الثاني كاملاً، لكن كانت المدة قصيرة والاختبارات معظمها من الجزء الثاني وكأنه يجب علينا أن ندفع الثمن نحن الطلبة".
قرارات عشوائية
وفي خطوة وصفتها بالعشوائية والمضطربة، قالت المعلمة أماني قائد "قرار مكتب التربية والتعليم باستئناف التعليم في المدارس الحكومية يعتبر تحدي لمطالب المعلمين المشروعة، وقرار عشوائي غير مدروس".
وأضافت "بعد استئناف الدراسة لم يحضر كثير من المدرسين والمدرسات استمراراً في الإضراب، وبدلاً من معالجة الأمر بتحسين وضع المعلمين لعودتهم للمدارس، أقدم مدير مكتب التربية على احضار متطوعات بدلاً من المعلمات والمعلمين، وهنا تكمن الكارثة الكبرى، فما الذي ستقدمه المتطوعة للطلبة في ظل انعدام خبرتها؟".
من جهتها عبرت هدى الشرجبي عن استيائها من القرارات التي اتخذها مكتب التربية والتي تضر بمصلحة الطلبة بشكل مباشر، قائلة "أبناءنا الطلاب لم يتلقوا التعليم بشكل كاف وجيد، والآن يأدون اختبارات نيل الشهادة الثانوية دون أي تحصيل علمي".