التمييز مستمر ... القانون الإيراني يعتبر المرأة عديمة الأهلية
ما تزال المرأة في إيران وشرق كردستان تعتمد على إذن زوجها للحصول على حق بسيط وواضح مثل السفر، فالقانون يعتبرها قاصراً أو شخصاً عديم الأهلية.
صبا مجيدي
كرماشان ـ في مقطع فيديو احتجاجي أرسلته لوكالتنا تشير امرأة من إيران إلى أحد الجوانب الأساسية للتمييز ضد المرأة في إيران، وتكشف عن سيطرة الرجل على المرأة في الأمور المتعلقة بالوثائق الرسمية مثل جوازات السفر.
تشكو المرأة في إيران من ضرورة الحصول على إذن زوجها لتجديد جواز سفرها، وتصف هذه القواعد بأنها ليست مضيعة للوقت ومتطفلة فحسب، بل إنها أيضاً إهانة لشخصيتها وزوجها واستقلالهما الإنساني، ويعد هذا الاحتجاج، على نطاق أوسع، رمزاً لعدم الرضا الجماعي للنساء عن الهياكل التي تستمر في وضعهن في وضع "ثانوي" وتترك ملكية حياتهن للرجال.
قوانين متحجرة
وفي هذا الفيديو تقول المرأة والتي تسمي نفسها "مينا"، "هذا النموذج الذي ترونه هو نموذج تجديد جواز السفر، وهذا الجزء السفلي يجب ملؤه وتوقيعه من قبل زوجي للسماح لي بالحصول على جواز سفر، وبصرف النظر عن حقيقة أن هذه عملية تستغرق وقتاً طويلاً وستستغرق عدة أيام، فهي في الحقيقة مشكلة كبيرة لا أقبلها أنا ولا زوجي. وهذه إهانة لكلينا في نفس الوقت، ونحن غاضبان جداً من هذه القوانين المتحجرة. أنا في العقد الرابع من عمري وأنا شخص ناضج ومستقل ولدي القدرة على إدارة عملي وعائلتي. نحن النساء لم نعد نقبل هذه الإهانة، ويجب إلغاء هذه القوانين، المرأة لا تريد أصحاباً ومالكين وأسياداً وأوصياء، نريد أن نكون مستقلين وأحراراً ومتساوين كإنسان ومواطن Jin Jiyan Azadî".
ترسيخ تفوق الرجال وتخفيض النساء إلى الدرجة الثانية
إحدى القضايا المركزية في هذا الفيديو وشكوى المرأة هي مسألة ولاية الرجل على المرأة، وهي مسألة مؤسسية قانونياً في إيران، ومن الواضح أن هذه القوانين تشكك في استقلال المرأة وتحرمها من اتخاذ القرارات الأساسية في حياتها.
ومن أجل الحصول على جواز السفر أو تجديده، على المتزوجة الحصول على إذن زوجها، ولا يقتصر هذا الأمر على تقييد حرية حركة المرأة فحسب، بل يبقيها أيضاً في وضع التبعية والخنوع، بحيث لا تزال تعتبر شخصاً غير قادر على اتخاذ قرارات مستقلة.
وتستند هذه القوانين إلى الأيديولوجيات الأبوية التي تنظر إلى المرأة باعتبارها مجموعة فرعية من الرجال، ويعتبر هذا الرأي المرأة بمثابة الأصول العائلية أو المجتمعية التي تحتاج إلى الحماية أو السيطرة، وفي هذه الحالة، حتى لو كن نساء ناضجات ومستقلات لديهن القدرة على إدارة حياتهن وأسرهن، فلا يزال يتعين عليهن الحصول على إذن من أزواجهن أو الأوصياء القانونيين للعديد من الأشياء الأساسية في حياتهن، مثل السفر.
فرض البيروقراطية بين الجنسين
وفي الفيديو تذكر المرأة بوضوح الجانب المعقد والمستغرق للوقت في هذه العملية، ولا تقتصر هذه المسألة على الجانب القانوني فقط؛ وبدلاً من ذلك، تعمل الأنظمة البيروقراطية نفسها كأدوات لتحقيق الاستقرار في عدم المساواة بين الجنسين.
وتُجبر النساء على الخضوع لعمليات لا تستغرق وقتاً طويلاً فحسب، بل تعزز أيضاً بشكل رمزي هيمنة الرجال على حياة النساء، وتعبر هذه العمليات في حد ذاتها نوع من الضغط الممنهج على المرأة التي تحاول منعها من متابعة شؤونها الشخصية وحياتها الاجتماعية، ومن ناحية أخرى، تؤدي هذه الضغوط إلى فقدان النساء إحساسهن بالسيطرة على حياتهن وإضفاء الطابع المؤسسي على التسلسل الهرمي بين الجنسين حيث تكون المرأة دائماً في مرتبة أدنى.
انتهاك المبادئ الإنسانية والدولية لحقوق المرأة
وفي جزء آخر من خطاب هذه المرأة، تمت الإشارة بوضوح إلى الحريات الأساسية التي تم حرمان النساء منها بشكل منهجي، ويعد الحق في حرية التنقل أحد حقوق الإنسان الأساسية التي تم تأكيدها في العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وتشكل قوانين النظام الإيراني، التي تشترط حصول المرأة على إذن من زوجها للحصول على جواز سفر، انتهاكاً واضحا لهذه الحقوق، وتحوّل المرأة إلى مواطنة من الدرجة الثانية.
نصف قرن من الطفولة المفروضة
لطالما هيمنت القوانين الأبوية في نظام الدولة الإيرانية على حقوق المرأة، ومن الأمثلة الواضحة على هذه المسألة نظام الجوازات المعتمد عام 1972، والذي بموجبه على المتزوجة الحصول على إذن كتابي من زوجها للحصول على جواز السفر أو تجديده.
ويستند هذا القانون، المتجذر في التمييز بين الجنسين والمعتقدات التقليدية والدينية، إلى المادة 18 من قانون جواز السفر وملاحظاته، ويعتبر عائقاً خطيراً أمام حرية عمل المرأة، وتعد هذه المادة القانونية أحد الأمثلة الواضحة على تجاهل حقوق المرأة في النظام القانوني الإيراني وتستخدم كأداة لمزيد من السيطرة على المرأة في المجالين العام والخاص.
الطبيعة القانونية للمادة 18 من قانون جوازات السفر
تشترط المادة 18 من قانون جواز السفر صراحة أن على المرأة المتزوجة تقديم موافقة خطية من زوجها لمغادرة البلاد، وهذا الشرط المفصل في الملاحظة 3 من هذه المقالة، تم استخدامه دائماً كأداة للحد من النساء والسيطرة عليهن على الساحة الدولية، ويضع هذا القانون المرأة في وضع يجعلها محرومة عملياً من حقوقها الأساسية، بما في ذلك حرية السفر والتنقل.
Jin Jiyan Azadî ومقاومة التمييز
في هذه الأثناء، أحد الأسئلة الأساسية هو لماذا لا تزال المرأة الإيرانية تعتمد على إذن زوجها للحصول على حق بسيط وواضح مثل السفر؟ هذه القضية لا تنتهك الحقوق الأساسية للمرأة فحسب، بل تعتبرها أيضاً مواطنة من الدرجة الثانية.
وتبين المادة 18 من قانون الجوازات بوضوح الموقف القانوني تجاه المرأة باعتبارها "محفوظة" ويجب أن تخضع لإشراف الرجل ومراقبته في أداء عملها.
ويعد القانون الذي يتطلب الحصول على إذن من الزوج للحصول على جواز السفر أو تجديده أحد الأمثلة الواضحة على انتهاك حقوق المرأة في إيران، فهذا القانون لا يقيد الحرية الفردية للمرأة فحسب، بل يضعها أيضاً تحت سيطرة الرجل وإشرافه، وتحتاج مثل هذه القوانين إلى مراجعة وتعديلات جدية حتى تتمكن المرأة الإيرانية من التمتع بحقوقها بالكامل دون الحاجة إلى إذن الآخرين، ولكن على الرغم من تغيير الحكومة والوعود الكاذبة للحكومة الجديدة، لا توجد إرادة لتغيير هذه الممارسة.
ويظهر التمييز ضد المرأة في إيران، سواء من خلال قوانين جوازات السفر أو في جوانب الحياة الأخرى، بنية أبوية تحاول دائماً السيطرة والحد من استقلال المرأة وإدارتها الذاتية، وهذا الفيديو هو رمز للاحتجاج النسائي الواسع النطاق ضد هذا الوضع، والذي يستمر بقوة أكبر يوماً بعد يوم، ولم تعد النساء على استعداد لقبول هذا التمييز وعدم المساواة ويريدن إجراء تغييرات جوهرية في النظم القانونية والثقافية، ولا يزال النضال من أجل المساواة حياً في قلوب النساء الإيرانيات، ويواصل طريقه بشعار "Jin Jiyan Azadî"".