الرجعة حق للزوج دون رضا الزوجة... قوانين بصف الرجل!
يعود سبب استهتار بعض الرجال بالحياة الزوجية وعدم احترام قرار المرأة وكرامتها، إلى عدم وجود قانون واضح في اليمن يضمن موافقة المرأة على الرجوع لبيت الزوجية بعد الطلاق الرجعي.

رانيا عبد الله
اليمن ـ من شروط عقد الزواج الصحيح قبول ورضا الطرفين، لكن عند إرجاع الزوجة إلى عصمة الرجل في حالة الطلاق الرجعي (أي بعد الطلقة الأولى أو الثانية)، لا يُشترط رضا الزوجة، وفقاً لتشريع القانون اليمني، ففي المادة (75) من قانون الأحوال الشخصية، تتم الرجعة بالقول أو بالفعل، غير مشروطة بوقت أو غيره، وتصحّ بغير رضا الزوجة أو وليها.
أرجعها إلى عصمته دون رضاها
ذلك ما عانت منه أماني قائد، والتي طلبت عدم الإفصاح عن اسمها الحقيقي، فبعد طلاقها، الذي سبقه نشوب خلافات مع زوجها، قام بإرجاعها إلى عصمته دون رضاها، تقول "حدثت مشاكل متواصلة بيننا، وبعد شجار كبير طلقني، وكانت الطلقة الثانية، فقررت الذهاب إلى منزل والدي، وبدء حياة جديدة، وطيّ صفحته إلى الأبد، لكني تفاجأت بعد فترة بادعائه أنه قام بإرجاعي إلى عصمته".
وأضافت "قبل انقضاء فترة العدة، كان هناك شخص تقدم لخطبتي، ورأيت أنه مناسب، وأخبرناه أنني لا زلت في فترة العدة، وعليه أن ينتظر حتى أكملها، ثم نكمل بقية الإجراءات الرسمية للخطبة والزواج، وقبل أن أعلن عن الخطوبة بشكل رسمي، جاء شخص من قبل زوجي وأخبر أهلي أنه قام بإرجاعي إلى عصمته قبل انقضاء العدة، وبحضور شاهدين. كان الخبر كالصاعقة، فأنا لم أعلم طوال شهرين ونصف أنه أرجعني، ولم أوافق على ذلك".
أماني قائد، وهي الآن على ذمّة رجل آخر، اضطرت بعد ادعاء زوجها السابق بإرجاعها إلى عصمته، إلى الرجوع للمحكمة، وبدلاً من أن ترفع قضية نفقة لأطفالها، رفعت قضية خُلع، وكلفها ذلك كثيراً، حتى أن زوجها السابق أرغمها على التنازل عن أطفالها لأنها رفضت العودة له والعيش تحت رحمته.
وتقول "لا أستطيع العيش مع رجل يطلقني متى أراد. صحيح أن تنازلي عن حضانة أولادي سبب لي ألماً وجرحاً، لكني كنت مضطرة"، متسائلة "لماذا تُحرَم المرأة من حقها في الرضا والقبول بالرجوع إلى زوجها بعد الطلاق الرجعي؟!".
ترى المحامية غزة السامعي أن سبب استهتار بعض الرجال بالحياة الزوجية وعدم احترام قرار المرأة وكرامتها، يعود لعدم وجود قانون واضح يضمن موافقة المرأة على الرجوع لبيت الزوجية بعد الطلاق الرجعي، وتقول "القانون في صف الرجل ضد المرأة، إذ نص على أن الرجعة تصح بدون رضا المرأة أو وليّها".
وشددت على أهمية تعديل نصوص القانون بما يضمن حق المرأة وكرامتها، قائلة "على المشرّع اليمني تعديل هذا النص، فهناك العديد من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء بسبب بعض مواد القانون اليمني، ما يتسبب بمشاكل كثيرة. تأتينا بعض النساء اللواتي نرافِع عنهن يشتكين من أنهن أُرجعن دون علمهن، وهذه تُعد مشكلة؛ فعدم اشتراط القانون رضا المرأة أو وليّها يسبب كثيراً من الإشكاليات".
وأشارت إلى أنه "كنت مطّلعة على تفاصيل قضية لإحدى النساء، حيث طلقها زوجها في الشارع، وتم إعلامها لاحقاً بأنه أرجعها إلى عصمته، رغم أنها لم تكن تعلم. لم ترضَ بالعودة له بعد معاملته القاسية وطلاقه لها بهذه السهولة، فلجأت إلى المحكمة واضطرت لرفع قضية خُلع، رغم أنها كانت أساساً مطلقة، وأعادت له المؤخر، وتحملت التكاليف وطول فترة التقاضي".
الإعلام بالوقت الضائع!
وأكدت غزة السامعي أن هذه الحالة ليست الوحيدة، بل هناك عدة قضايا مشابهة، حيث يتم إرجاع النساء بالإجبار إلى عصمة أزواجهن.
وتكمن خطورة عدم رضا الزوجة وإشعارها بقرار الرجعة، في أن تتزوج من رجل آخر بعد انتهاء عدتها، ثم تتفاجأ بأن زوجها الأول كان قد أرجعها إلى عصمته دون علمها أثناء العدة، لذا يجب إعلام المرأة رسمياً بالرجعة، ويكون لها الحق في القبول أو الرفض بعد ذلك.