العنف الرقمي ضد الأطفال... حملة مغربية لكسر الصمت
تؤكد المعطيات الرسمية والجمعيات الحقوقية في المغرب التي تعمل في مجال الدفاع عن حقوق الطفل، أن ظاهرة التحرش الرقمي ضد الأطفال في تزايد
حنان حارت
المغرب ـ ، ما أدى إلى ارتفاع صرخات الضحايا وإطلاق المدافعين عن حقوق الطفل مبادرات للتصدي للظاهرة.
لتوعية الأطفال ومحيطهم المدرسي والأسري، وكذا مختلف الفاعلين في المجتمع المدني، بخطورة العنف الرقمي ضد الأطفال ومناهضته، انطلقت النسخة الأولى من الحملة الوطنية للوقاية من العنف السيبراني والتحرش الإلكتروني في المغرب في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، من خلال "منصة فضاء مغرب الثقة السيبرانية" التي ستتيح للمواطنات والمواطنين المغاربة، الإبلاغ بشكل آمن عن الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال المنشورة على الأنترنيت.
ويشرف على الحملة التي تنظم تحت شعار "جميعاً من أجل حماية أطفالنا من العنف السيبراني والتحرش الإلكتروني"، المركز المغربي للأبحاث متعددة التقنيات والابتكار بدعم من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا.
وتنخرط في هذه الحملة التي تستمر حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عدد من الجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الأطفال وحمايتهم، الذين ينصتون ويقدمون شهادات مختلفة لأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي على مواقع التواصل الاجتماعي.
جمعية "ابتسامة رضا" التي أنشأت في كانون الأول/ديسمبر عام 2009، وتسعى لمحاربة الانتحار في صفوف الشباب المغاربة، واحدة من الجمعيات التي تواكب الحملة، عبر الاستماع للأطفال ضحايا الاستغلال والعنف الرقمي.
وأوضحت المديرة العامة لجمعية "ابتسامة رضا" مريم بحري لوكالتنا، أن الجمعية تنخرط في الحملة الوطنية للوقاية من العنف السيبراني والتحرش الإلكتروني في نسختها الأولى، للتوعية بخطورة هذا النوع من العنف الذي يمارس ضد الأطفال، كما تسعى لتنظيم حملة أخرى في كانون الأول/ديسمبر المقبل، لمنع المضايقات الإلكترونية التي تستهدف الأطفال.
وأشارت مريم بحري إلى أن الجمعية تستقبل مكالمات من الضحايا الشباب عبر خط المساعدة الخاص الذي يسمى بـ "إيقاف الصمت"، ويتم من خلاله استقبال مكالمات الضحايا من أجل الاستماع لهم وتقديم الإرشادات والنصائح، وتزويدهم بالأدوات اللازمة لحماية أنفسهم، ويشرف على ذلك مستمعون متطوعون ومدربون لمساعدة الضحايا على الخروج من عزلتهم والتغلب على خوفهم أو شعورهم بالذنب.
وأضافت "تتلقى الجمعية شهادات على شبكات التواصل الاجتماعي وعبر البريد الإلكتروني أيضاً، ويشرف على هذه العملية فريق متخصص في الرد على كل مستخدم للإنترنت حتى يفهم ما تمر به الضحية وما تشعر به، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج من هذا الموقف الصعب".
ونوهت إلى أن منصات التواصل الاجتماعي، باتت فضاءً خاصاً يقتحمها الآخر دون إذن مسبق، إما بإرسال رسائل تحرش أو إجراء اتصال هاتفي أو نشر مقاطع وصور إباحية، "ينظر المتحرش إلى الضحية في مواقع التواصل الاجتماعي على أنه صيداً سهلاً".
وأكدت مريم بحري أن ظاهرة العنف السيبراني آخذة في الازدياد؛ وترتبط بالوقت الذي يقضيه الشباب على الشبكات الاجتماعية، لافتةً إلى أنه خلال جائحة كورونا وما رافق ذلك من تجربة التعليم عن بعد، وحرمان الشباب من ممارسة بعض الأنشطة في الهواء الطلق؛ كل هذا زاد من تعرض الأطفال للعنف الرقمي.
وقالت إنه بناء على استطلاع قامت به الجمعية، والذي غطى ثماني مناطق في المغرب بين عامي (2019 ـ 2020) مع عينة مؤلفة من 1200 مشارك، أوضح وتوصل إلى أن 28 بالمئة من الشباب الذين شملهم الاستطلاع يقولون إنهم واجهوا حالات تنمر عبر الإنترنت، فيما 31.1 بالمئة كانوا ضحايا مباشرة للعنف السيبراني.
وقالت إن الاستطلاع الذي أجرته الجمعية غطى ثماني مناطق في المغرب بين عامي (2019 ـ 2020) مع عينة مؤلفة من 1200 مشارك، توصل إلى أن 28% من الفئة الشابة التي شملها الاستطلاع واجهوا حالات تنمر عبر الإنترنت، فيما 31.1% من المشاركين كانوا ضحايا مباشرة للعنف السيبراني.
وتابعت "سجل استطلاع آخر قامت به "ابتسامة رضا"، عبر الإنترنت أجري على 2683 شاباً وشابة بين عامي (2012 ـ 2021)، أن 62.6% من المشاركين الذين أجابوا على الاستبيان كانوا ضحايا للعنف السيبراني، مقابل 51.9% من المشاركين كانوا ضحايا أعمال العنف الجسدي أو اللفظي في المدرسة".
وفي إحدى الشهادات التي استقبلتها جمعية "ابتسامة رضا" ضمن الحملة الوطنية "جميعاً من أجل حماية أطفالنا من العنف السيبراني والتحرش الإلكتروني"، تروي فتاة لم ترغب الكشف عن اسمها كيف بدأت قصتها مع التحرش الجنسي، وتقول "عندما كنت أبلغ 13 عاماً من العمر، تلقيت دعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل فتى قال إنه يبلغ من العمر 16 سنة"، وتضيف "بعد عدة دردشات، طلب مني في إحدى عطل نهاية الأسبوع، التقاط صور ومقاطع فيديو وإرسالها إليه".
إلا أن الفتاة لم تكن تعلم ما ينتظرها "استيقظت في اليوم التالي ورأيت أنه حذفني وحظر حسابي من كل حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لأصدم بعدها أن صور وفيديوهات خاصة بي يتداولها جميع التلاميذ في مدرستي"، تقول الفتاة بأسف في شهادتها للجمعية "لقد كانت أيام صعبة، إذ كنت أتلقى تعليقات قاسية وشتم من لدن التلاميذ".
وحول ردة فعل عائلتها وكيف تعامل والديها مع ما حدث معها تقول للجمعية "قررت إخبار والدي بالرغم من تحذير الكثيرين لي من ردهما القاسي، أنهرت بكاءً أمام أمي وأخبرتها بكل شيء، كنت محظوظة لكون والدتي تفهمت الأمر وعملت على مواساتي، وتكلفت بإخبار والدي الذي كذلك حاول طمأنتي".
تستمر الفتاة في سرد قصتها "كان الموسم الدراسي على وشك النهاية، فقرر والدي أن أغير المدرسة خلال الموسم المقبل، إلى أخرى بعيدة جداً عن المنزل، وهكذا سارت الأمور على ما يرام في أول سنتين التحقت بهما بالمدرسة الجديدة؛ لكن في السنة الموالية أعيد تداول بعض الصور الخاصة بي على مواقع التواصل الاجتماعي، ففتحت الإدارة تحقيقاً"، مشيرةً إلى أنه تم العثور على من قام بتسريب الصور وتمت معاقبة جميع التلاميذ المتورطين.
وأوردت الفتاة التي استقبلتها جمعية "ابتسامة رضا" في شهادتها "اليوم أبلغ من العمر 18 عاماً، وحالياً في سنتي الجامعية الأولى وحياتي تحسنت، والفضل يعود لوالدي لأنهما دعماني نفسياً، لحسن الحظ كانت لدي الشجاعة للتحدث عن ذلك مع محيطي".
ورصدت جمعيات تنشط في مجال حقوق الأطفال وحمايتهم منها جمعية ابني وجمعية التحدي للمساواة والمواطنة، شهادات مختلفة لأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي على مواقع التواصل الاجتماعي، قاسمهم المشترك استغلال براءتهم.