المرأة الليبية والحروب الإقليمية... وعي متزايد وتحديات مستمرة
في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة والصراعات التي أثرت على المنطقة، وجدت المرأة الليبية نفسها في مواجهة تحديات جديدة، فرضت عليها البحث عن دور أكثر فاعلية في مختلف المجالات، لا سيما في السياسة والمجتمع.

ابتسام اغفير
بنغازي ـ مع تصاعد الأزمات الإقليمية وتزايد الحروب التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، انعكست هذه التغيرات بشكل مباشر على مختلف شرائح المجتمع، وكان للمرأة نصيب كبير من التأثيرات السلبية والإيجابية على حد سواء، ففي ليبيا حيث تعيش البلاد تحديات سياسية وأمنية واقتصادية معقدة، لعبت المرأة دوراً محورياً في مواجهة هذه التحولات، سواء من خلال تعزيز مشاركتها السياسية أو انخراطها في العمل الاجتماعي والإنساني.
تُعد عائشة البرغثي إحدى الناشطات البارزات في مجال تمكين المرأة، وهي تؤمن بأن الحروب الإقليمية لم تضعف المرأة الليبية، بل زادت من وعيها السياسي ودفعتها إلى البحث عن فرص جديدة لإثبات ذاتها والتأثير في محيطها، مسلطة الضوء على رؤيتها حول كيفية تأثير الحروب الإقليمية على المرأة الليبية، والدور المتنامي الذي أصبحت تلعبه في الحياة العامة، إضافة إلى التحديات التي ما زالت تواجهها في سبيل تحقيق تمثيل عادل في مواقع صنع القرار.
أكدت الناشطة عائشة البرغثي أن الحروب الإقليمية كان لها أثر عميق على وعي المرأة الليبية، حيث أصبحت تدرك بشكل أكبر أهمية التمكين السياسي في استقرار وأمن البلاد، مضيفةً أن المرأة اليوم باتت أكثر وعياً بحقوقها ودورها في مراكز القيادة وصنع القرار.
وأوضحت أن هذه الحروب لم تؤثر فقط على ليبيا بشكل عام، بل انعكست بشكل خاص على النساء، مما أثر على أسرهن واستقرارهن، مشددة على أهمية تعزيز الوعي وتثقيف المرأة حول هذه التغيرات "من الضروري الاستفادة من التجارب المحيطة لاكتساب الخبرة والتعامل بذكاء مع التحديات".
وترى عائشة البرغثي أن الأحداث الإقليمية عززت من إدراك المرأة لأهمية دورها في المجال السياسي، حيث أصبحت أكثر قدرة على المطالبة بحقوقها وأداء واجباتها بفعالية، وهو ما انعكس في تزايد مشاركتها في المشهد العام.
ولفتت إلى أن دور المرأة قد تغير بشكل ملحوظ بعد هذه الحروب، إذ ظهرت مجموعات نسائية تعمل في المجال الإنساني والإغاثي، وأخرى ركزت على التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتبرز مشاركتها الواضحة في الانتخابات البلدية والبرلمانية، حيث لعبت دوراً مهماً كناخبة ومرشحة، كما قامت بحملات توعوية مكثفة لتعزيز الوعي الانتخابي بين النساء.
وتستشهد بحملة "صوتك أمانة" التي أُطلقت في 2021، وركزت على توعية المرأة بحقوقها الانتخابية وتشجيعها على التصويت بوعي ومسؤولية، مشيرةً إلى أن المرأة الليبية لم تتراجع أمام التحديات أو تنعزل، بل كانت في طليعة من عملوا على نشر الوعي والمشاركة في تقديم المساعدات، سواء كانت ربة منزل أو عاملة.
وعن كيفية تفاعل النساء مع الأوضاع الإقليمية، أوضحت أنهن نظمن مبادرات وجلسات حوارية وورش عمل لمناقشة تأثير الأزمات والحروب، وطرح حلول لتعزيز الاستقرار والسلام، كما أن الحروب دفعت النساء إلى توحيد الجهود النسوية في مجالات حقوق الإنسان، والسلام، والمشاركة السياسية، من خلال ملتقيات ومؤتمرات إقليمية.
وترى أن هذه التغيرات ساعدت المرأة الليبية في كسر العديد من الحواجز الاجتماعية، مما عزز دورها في التنمية والاستقرار، رغم استمرار بعض القيود التي تشكل عائقاً أمام طموحها، لا سيما ضعف تمثيلها السياسي، مؤكدة أن المجتمع بحاجة إلى المزيد من التوعية حول أهمية دور المرأة في مختلف المجالات "المرأة عند توليها مناصب قيادية، تكون أقل عرضة للفساد وأكثر كفاءة مقارنة بالرجال".
وفيما إذا كانت الحروب الإقليمية قد وفرت فرصاً للمرأة لتطوير ذاتها سياسياً، أكدت عائشة البرغثي أن هذه الحروب، رغم سلبياتها، منحت المرأة فرصة لتعزيز وعيها الوطني والمشاركة بفعالية في الحياة العامة، داعية إلى ضرورة دعم المرأة من خلال برامج تدريبية وتوعوية ومبادرات وطنية، مع التأكيد على دور المجتمع في مساندتها وتمكينها من الوصول إلى مواقع صنع القرار.
وفي ختام حديثها، شددت الناشطة عائشة البرغثي على أن المرأة الليبية تستحق أن تكون في أفضل المواقع، فهي أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات، رغم كل العقبات التي تعترض طريقها.