"المرأة الجديدة" تناقش سياسات حماية النساء من العنف في القاهرة

أكدت عضو مؤسسة المرأة الجديدة نيفين عبيد، أن عبء إثبات جرائم العنف الجنسي لا يزال يقع على الناجيات، وهو ما يشكل مشكلة كبيرة في التعامل مع هذه الجرائم، مشددة على أنه يمثل تحدياً كبيراً ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى الدولي أيضاً

إيناس كمال
القاهرة ـ
تعاني النساء والفتيات في مصر عند الحديث عن حوادث عنف جنسي تعرضن لها من مشكلة إثبات الوقائع وهو العبء الذي يقع على الناجيات فالكثير من هذه الحوادث يقع في نطاق خاص ما يصعب معه إثبات الناجية له في بعض الأحيان، ولذلك يتم التحفظ على الشكوى لعدم تقديم الدلائل من قبل الناجية.
 
 
وعن عبء إثبات الضحايا تعرضهن للعنف تقول عضو مؤسسة المرأة الجديدة نيفين عبيد لوكالتنا، إنه رغم الاجتهادات الرسمية من قبل الدولة إلا أن عبء إثبات جرائم العنف الجنسي حتى أكثرها شيوعاً وهو التحرش لا يزال يقع على الناجية ويتطلب من المبلغات إثبات وقائع التحرش وليس التحرش وحده بل أيضاً حالات العنف الأسري والاعتداء الجنسي. 
وعن الحلول المقترحة لإزالة هذا العبء عن الضحايا تقول "جزء من الحل هو وجود محاكم متخصصة ونحن نسجل رصدنا في خطوة تجريبية من قبل مرفق العدالة يقدمها للمحاكم للنظر في قضايا العنف ضد المرأة في حالات الجنح، نأمل أن يتم تصعيدها لتكون مع حالات جنايات، وهي خطوة جيدة في رصيد المؤسسات الرسمية للدولة وفي رصيدنا التراكمي كحركة نسوية".
وأضافت "يجب أن تكون الخدمات التي تقدمها الجمعيات والمنظمات والمؤسسات المعنية، للنساء في مجال مكافحة العنف ضدهن، غير مركزية أي لا تتركز في القاهرة الكبرى والمحافظات القريبة منها وأن تتسع مظلة الحماية المقدمة من الدولة، كما يجب وضع ضوابط لسياسات الحماية حول الشمولية وقياس فعاليتها واستدامتها وهي تحديات على أجندة مناهضة العنف ضد المرأة للهيئات الرسمية والمجتمع المدني".
وعن تقاعس الوزارة عن دورها المحدود في استقبال ناجيات في دور الرعاية وكثرة الشكاوى من سوء الخدمة المقدمة في دور الإيواء التي تستضيف المعنفات الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الناجيات من حوادث العنف الجنسي والاجتماعي والتشكيك في شكاويهن، أشارت إلى أنه من الممكن أن يقدم مقدم الخدمة الرعاية لكنه بشكل كبير قد لا يكون منحاز لمناهضة العنف وهذه إشكالية كبيرة "بعض مقدمي الخدمات في المؤسسات الرسمية بحاجة إلى التدريب".
وأكدت في ختام حديثها أنهم بحاجة لرفع كفاءة مقدمي الخدمات في الأماكن الرسمية والانحياز لفكرة العدالة والمساواة بين الجنسين.
 
"الحماية من البداية"
وكانت قد عقدت مؤسسة "المرأة الجديدة" التي اختارت موضوع الحماية لحملتها هذه السنة تحت شعار "الحماية من البداية"، ضمن أنشطة حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف ضد المرأة، مائدة مستديرة حول سياسات وإجراءات حماية النساء من العنف المبني على النوع الاجتماعي في الأول من كانون الأول/ديسمبر.
وعرضت الباحثة في مؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي خلالها ورقة بحثية حصلت وكالتنا على نسخة ورقية منها حول وضع استراتيجيات لحماية النساء من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وقالت إنه ينبغي أثناء وضع الاستراتيجيات التي تضمن سلامة وحماية النساء، سن تشريعات وعلاجات شاملة لكافة أشكال العنف، مشددةً على ضرورة إدانة العنف واتخاذ إجراءات ممنهجة للتعامل مع الأمر وتغيير ثقافة المجتمع.
وأشارت إلى أنه ينبغي مراعاة أن تكون حقوق الإنسان للضحية مساوية بين الجنسين حيثما توجد أوجه تنازع بين القانون العرفي والديني، واستشهدت بحالة الناجية رانيا رشوان التي حضرت المائدة والتي اشتهرت قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعرضها للاختطاف والعنف من قبل جيرانٍ لها في محيط سكنها بعد قرارها بعدم ارتداء الحجاب، كما تعرضت لضغط عرفي كبير من المحيطين بها للتنازل عن المحضر الذي تقدمت به ضد معنفيها. 
فعلى المستوى التنفيذي أوضحت إنه ينبغي أن يكون هناك توفير ميزانية كافية للأنشطة التوعوية حول العنف وتدريب قدرات مقدمي الخدمات ليكونوا على دراية للقيام بواجباتهم تجاه النساء المعنفات، وإنشاء خاصة للنظر في قضايا العنف ضد المرأة، أما على مستوى الرصد لفتت إلى أنه ينبغي رفع تقارير للبرلمان بصفة منتظمة لوضع النساء وحمايتهم وتعديل المناهج التعليمية لتغير من الأطر الاجتماعية والثقافية التمييزية ضد المرأة.
وأكدت لمياء لطفي على ضرورة وجود تشريعات لحماية ودعم ومساعدة الضحايا والناجيات وأطفالهن في كافة المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، أما عن الخصوصية وضمان سرية الناجيات فينبغي توقيع العقوبات على أي شخص مهما كانت سلطته قام بتسريب البيانات الخاصة بالناجية أثناء التحقيق أو قبله أو بعده.
ومن جانبها قالت مديرة إدارة التخطيط بالإدارة العامة لشؤون المرأة في وزارة التضامن الاجتماعي نيرمين منصور أن دور إيواء المعنفات الـ 9 التابعة للوزارة والتي تقع في محافظات القاهرة والجيزة والدقهلية والقليوبية والفيوم وبني سويف والمنيا والإسكندرية، "تستقبل النساء المحالات من عدة أماكن مثل المستشفيات وأقسام الشرطة والنيابات، تتلقين فيها كل أوجه الرعاية سواء نفسية أو قانونية أو اجتماعية أو طبية، بالإضافة إلى أن تلك المراكز تستقبل الحالات على مدار 24 ساعة ويمكن رعاية الأم وطفلها الذكر حتى عمر 12 عام والطفلة الأنثى غير محددة بعمر، كما يوفر المركز التمكين الاقتصادي عبر تدريب لمهارات حياتية لأعمال يدوية".
وتطرقت النقاشات إلى أنه هناك إرادة سياسية في السنوات الأخيرة للاهتمام بملف مكافحة العنف ضد المرأة واستجابات لبعض القضايا التي أثيرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين على أن تعريف العنف ينبغي أن يشمل أشكالاً وصوراً مختلفة غير المنصوص عليها، وأن قانون العقوبات المصري بحاجة إلى التعديل خاصةً المواد التي تسمح للجناة الذكور بالتهرب من ارتكابهم لجرائم العنف ضد النساء.
وشددوا على أن عبء إثبات جرائم العنف الجنسي لا يزال يقع على الناجيات ويمثل تحدياً كبيراً ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى الدولي أيضاً، مؤكدين أن دخول المرأة للقضاء في مصر، سيعطي القضايا والجرائم الواقعة على النساء، بعداً آخر مهم سيساهم في الوصول إلى العدالة.