المجلس الأعلى للقضاء لا ينصف المرأة ومطالب بتعديل هيكليته
أكدت المحامية رنا الحداد على ضرورة تخصيص محاكم تنظر إلى قضايا المرأة بطريقة مقتضبة، وسرعة الفصل وإصدار الأحكام بشأن دعواها بما يضمن وصولها إلى قطاع العدالة والأمن.
نغم كراجة
غزة ـ تعاني النساء من تباطؤ سرعة الفصل في قضاياهن وإصدار الأحكام بها، الأمر الذي يزيد من وتيرة العنف والاضطهاد ضدهن وانتزاع حقوقهن المشروعة في ظل غياب دور المجلس التشريعي وتعطيل إقرار القوانين.
مماطلة المجلس الأعلى للقضاء في إصدار الأحكام وسرعة الفصل في القضايا يفاقم معاناة النساء الفلسطينيات، هذا ما أكدت عليه المحامية رنا الحداد "إن الواقع القانوني العام للمرأة الفلسطينية سواء في الجانب الشرعي أو القانوني أو المدني متشرذم، ولا زالت العديد من القضايا في المحاكم تعاني من إطالة إصدار أحكامها كالنفقة وحضانة أطفالها والميراث والحقوق العمالية"، مشيرةً إلى النساء تواجهن صعوبة في تقديم الشكاوى.
وتجد أن غياب المجلس التشريعي ودوره في ظل قوانين تصدر في قطاع غزة والضفة الغربية تحديداً إقرار قانون حماية الأسرة والذي يشمل تخيير الأبناء في ولايتهم، يشكل مواجهة صعبة بالنسبة للنساء "ليس من المنصف أن يولى الأب المهاجر خارج البلاد حضانة أبنائه بعد بلوغهم سن الخامسة عشر بعدما أن تعبت الأم في تربيتهم وعزفت عن الزواج لأجلهم".
وترى أن هنالك معاناة كبيرة تقع على عاتق المرأة في حال رفعها دعوى لنيل حقوقها كالميراث "نجد قضايا عديدة توقف بها إصدار الأحكام مما يزيد من وتيرة العنف الممارس ضد المرأة من ضرب وتعذيب ومقاطعة خاصة عند مطالبتها بحقها بالميراث، لذلك من الضروري الإسراع في الفصل في مثل هذه القضايا".
واستعرضت قضية ثلاث فتيات حرمن من الميراث من قبل أشقائهم كما تعرضن للعنف اللفظي والجسدي وتهديدهن بالطرد من المنزل كما قاموا بإجبارهن على الإمضاء على عقود وهمية على أساس أنها تثبت حقهن في الملكية، ليتبين لهن بعد ست سنوات أنها أوراق تنازلية عن حقهن في الإرث، كما ذكرت قصة امرأة تدعى نجوان مهدي طالبت بميراثها لاستكمال مصاريف علاجها لكنها فوجئت برفض أخيها إعطائها حقوقها ومنعت من زيارة والدتها أيضاً، وقالت "رفعت دعوى تقسيم الأموال المشتركة منذ عام 2015 ولم يصدر أي حكم تجاه قضيتها حتى الآن بالرغم من وجود الأدلة والعقود التي تثبت أنها لديها الحق الكامل في الحصول على حصتها من الميراث".
ولفتت رنا الحداد أن رؤية المجلس الأعلى للقضاء خلال الأيام المقبلة يجب أن تكون حول تحقيق مفهوم العدالة الناجزة "نحن مع هذا القرار وتوجهاته لكن في بعض الأحيان سرعة الفصل في القضايا لا تصب في صالح النساء نظراً لأن الملفات تحتاج إلى أدلة ووثائق واستخراج المستندات من جهات متعددة وتستلزم البحث والتقصي في مدة زمنية تتعدى الأسبوعين".
وأوضحت أنه من المهم التنسيق مع الأمن القضائي للإسراع في تطبيق الإجراءات القانونية وعدم المماطلة بها، كأوامر الحبس التي تستغرق مدة تنفيذها شهر مما يعيق سير العدالة وهروب الجاني، كما تطرقت لأهمية التنسيق ما بين الشرطة القضائية في قطاع غزة والمجلس الأعلى للقضاء، بحيث يتم تبليغ أوامر السجن وتنفيذها على الفور كي تحصل النساء على حقوقهن في أسرع وقت ممكن.
وقالت رنا الحداد "منذ سنوات طويلة والمحاكم الفلسطينية لم تصدر أحكام تتضمن الفصل التعسفي نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية واستمرار الحصار"، مشيرةً إلى أن الكثير من النساء تفصلن من عملهن دون وجود أسباب منطقية إلى جانب ضياع حقوقهن العمالية وعدم احتساب مبلغ الفصل التعسفي، وأكدت على ضرورة تحسين واقع التطبيق العملي للنساء من خلال إنجاز قضاياهن وسرعة الفصل بها وتخصيص محاكم تنظر إلى قضايا المرأة خاصة قضية الميراث نظراً لحساسية وصعوبة الموضوع "من المؤسف النظر في قضية مستحدثة وإهمال أخرى قديمة طالت عشر سنوات لم يصدر لها حكم".
ونوهت إلى أن المرأة تطالب المجلس الأعلى للقضاء بالإسراع في الفصل بقضاياها، فحسب ثقافة المجتمع الفلسطينية تنتقد المرأة عندما ترفع دعوى قضائية بحق أحد أقاربها مهما كان حجم معاناتها، قائلة "العديد من القضايا تحتاج إلى سن قوانين جديدة تهدف بالمقام الأول إلى تطور الحياة في المجتمع الفلسطيني والظروف التي نخضع لها، لذا تحتاج النساء إلى تطبيق القوانين المقرة التي تكفل لها حماية أكثر فاعلية"، ولفتت إلى ضرورة زيادة عدد القاضيات في المحاكم "عندما تكون المرأة قاضية وتستلم قضايا نظيراتها ستكون أكثر تفهماً لطبيعة معاناتهن ومشكلاتهن، هناك ثلاث قاضيات فقط مقابل مئة قاضي فأكثر مما يدل على ظلم المرأة وتهميش دورها".
ومن خلال عملها في مهنة المحاماة منذ ما يزيد عن عشرين عام، لفتت المحامية رنا الحداد إلى أن عدد قليل من القوانين نصت على توفير حماية للمرأة، والعرقلة تكمن في واقع التطبيق العملي لهذه القوانين، كما أن عدد كبير من العراقيل والمعوقات التي تحد من وصولها للعدالة بالطريقة الصحيحة وعلى رأسها قلة عدد القضاة أمام عدد القضايا المقدمة، فقد تصل عدد الملفات إلى خمسين ملف للقاضي الواحد مما يضطره للاستعجال في النظر للقضية لأنه مقيد بوقت محدد.