المغرب... مطالب باقتسام الولاية على الأبناء بين الزوجين
طالبت رئيسة جمعية "أيادي حرة" ليلى أميلي بإدراج المطالب المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة والقانون الجنائي خلال الدورة التشريعية لشهر نيسان/أبريل المقبل داخل البرلمان.
رجاء خيرات
المغرب ـ في خضم النقاش الذي تعرفه الساحة الحقوقية بالمغرب حول المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة، عاد الحديث بقوة حول اقتسام الولاية على الأبناء بين الزوجين، التي ينفرد بها الزوج دوناً عن الزوجة.
ترى العديد الجمعيات والمؤسسات النسوية في المغرب أن انفراد الرجل بالولاية على الأبناء، خاصةً في حال وقوع خلاف أو طلاق، أمر مجحف بحق النساء، ويبقى المتضرر من هذا الوضع هم الأبناء أنفسهم، إذ حدد المشرع المغربي حالات استثنائية تعطى فيها الولاية للأم، كأن يغيب الزوج أو يكون فاقداً للأهلية أو تحت حكم قضائي يقضي بمنحها الولاية.
وأكدت النسويات والحقوقيات أن مدونة الأسرة المغربية تميز ضد النساء، فبحسب المدونة فإن الأب يعتبر ولياً شرعياً على ابنه القاصر، يمارس الولاية منذ ولادة الطفل إلى أن يبلغ سن الرشد القانوني في البلاد (18 عاماً)، أو إلى أن تنتهي الولاية سواء بوفاة الطفل القاصر أو وفاة الأب أو بتجريده من هذه الولاية بحكم قضائي، أو بغيابه أو إذا كان مصاباً بمرض عقلي يفقده الأهلية، وبالتالي فالولاية ملزمة للأب، أما الأم فلا يمكنها أن تمارس الولاية على أبنائها القاصرين ما دام الأب على قيد الحياة.
تقول رئيسة جمعية "أيادي حرة" ليلى أميلي أن مسألة الولاية على الأبناء واحدة من أكثر القضايا تعقيداً والتي تحتاج إلى تغيير جذري، لأنها تعد حيفاً يمارس ضد النساء.
وأوضحت أنه "لا يعقل أن تكون المرأة هي المسؤولة عن رعاية الأطفال وعن تربيتهم، وفي أحيان كثيرة تعتبر هي المعيلة للأبناء، في غياب الزوج ومع ذلك لا يحق لها اتخاذ بعض التدابير القانونية التي تخص استخراج بعض الوثائق المتعلقة بالأبناء أو اتخاذ بعض القرارات التي تصب غالباً في مصلحتهم".
وأشارت إلى أن هذا الوضع معقد ويحتاج إلى حلول عاجلة "العديد من الحالات التي ترد إلى المراكز التابعة للجمعية والتي تشكو فيها النساء من عدم تمكنهن من الحصول على وثيقة تخص نقل الأبناء من مدرسة إلى أخرى، حتى وإن كان لديهن وكالة من الزوج فإن حضوره شخصياً يبقى إلزاميا أمام المصالح الإدارية، كما تشتكي العديد من النساء من عدم تمكنهن من التصرف في حسابات مصرفية خاصة بالأبناء رغم أنهن من تقمن بإيداع الأموال فيها، إلا أنه لا يسمح لهن بالتصرف فيها إلا من قبل الزوج".
وأضافت "الأمثلة كثيرة ولا حصر لها، وهي تصب كلها في الإجحاف الذي يطال النساء وتجعلهن غير قادرات على التكفل بأبنائهن في حال غاب الزوج".
ولفتت إلى إنه هناك ورش مفتوحة تنظم حالياً لتعديل مدونة الأسرة بشكل شامل، سواء فيما يتعلق باقتسام الممتلكات أو الحضانة أو الولاية على الأبناء، أو العديد من البنود الأخرى التي أظهرت اختلالات واضحة على مستوى التطبيق، مثل تزويج القاصرات، فإن مسألة الولاية على الأبناء تبقى ذات أهمية قصوى، حيث لا يسمح للأم باتخاذ قرار سفر ابنها خارج البلاد من دون موافقة الأب، كما لو كانت ستقوم باختطافه، علماً أنها هي من تتكفل بجميع مصاريفه بعد الطلاق، عندما يمتنع الأزواج على أداء النفقة.
وأكدت أن هذا الأمر لا زال يؤرق العديد من الأسر ويجعل مستقبل الأبناء على المحك، كما أن بعضهم ينقطعون عن الدراسة لا لسبب سوى أن الأب يرفض أن ينتقلوا لمدرسة أخرى قريبة من مكان السكن الجديد للأم بعد الطلاق.
وأوضحت أن مدونة الأسرة التي صدرت عام 2004، أولت الأسرة أهمية كبرى مقارنةً بسابقتها مدونة الأحوال الشخصية، حيث تنص على قيمة الأسرة ووضعها الاعتباري، إلا أنه للأسف، شابهتها عيوب كثيرة خاصةً فيما يتعلق بحقوق النساء اللواتي تعانين جراء الإجحاف الذي يطالهن بسبب قصور العديد من القوانين التي لم تراعي مفهوم المساواة.
وعن مسألة الولاية، أوضحت أن الولي ليس هو من يمنح الاسم للابن، بل المفهوم أشمل من ذلك وأعمق، فالولي هو من يتولى رعاية الأبناء ويتكفل بهم ويسهر على تربيتهم ويراعي مصالحهم، وهو الأمر الذي يغيب في العديد من الحالات، التي ينفرد فيها الأزواج بالولاية على الأبناء.
وشددت على ضرورة الالتفاتة للأبناء ضحايا كل هذه المشاكل، مع استحضار المصلحة الفضلى للأطفال، لاسيما أنه أحيانا يتم توظيفهم لتصفية الحسابات بين الزوج والزوجة، حيث يعمد بعض الأزواج إلى الضغط من خلال الامتناع عن استصدار بعض الوثائق الإدارية فتبقى مصالح الأبناء معطلة بذلك، لافتةً إلى أن "هؤلاء الأطفال هم نساء ورجال الغد الذي يحتاجون منا الرعاية والتربية السليمة، إذ يكفي أن أبناء الطلاق يعانون من نواقص كثيرة، وبالتالي لا ينبغي تزويد معاناتهم من خلال اتخاذهم دروعاً لتأجيج صراعات لا طائل منها".
وطالبت ليلى أميلي بأن تدرج هذه المطالب المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة والقانون الجنائي خلال الدورة التشريعية في نيسان/أبريل المقبل داخل البرلمان، في خضم الورش المنعقدة حالياً حول المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة.