اللغة الكردية حق مشروع وأساسي من أجل سوريا ديمقراطية

باشرت مؤسسة اللغة الكردية التي افتتحت في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، بأولى تدريباتها لتعلم اللغة الكردية بهدف الحفاظ على الهوية الكردية وتعزيز النسيج الاجتماعي.

نور الأحمد

الرقة ـ افتتحت هيئة التربية والتعليم بإقليم شمال وشرق سوريا في 15 أيار/مايو الماضي، الذي صادف يوم اللغة الكردية، مؤسسة اللغة الكردية والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، حيث باشرت بأولى تدريباتها بعد شهر من افتتاحها.

يتم التدريب في مؤسسة اللغة الكردية وفق ثلاث مستويات بدءً من مرحلة المبتدأ وصولاً الى المرحلة الاحترافية في المحادثة والكتابة الكردية، وبلغ عدد المتدربين والمتدربات ما يقارب 45 شخص، ويتم مراعاة مواعيد التدريب بما يناسب ربات المنزل والعاملات.

 

تشابك الثقافات

قالت الإدارية في مؤسسة اللغة الكردية أفين علي "هدفنا هو فتح المجال أمام جميع مكونات المنطقة لتعلم اللغة الكردية، وليس فقط المكون الكردي، ولتزويد خبراتهم ومؤهلاتهم التثقفية والتعلمية".

وبينت أنها خطوة إيجابية ومهمة للنساء لرفع مستواهن الثقافي والتعليمي عبر إتقانهن أكثر من لغة، لأنهن يقدن المجتمع نحو الازدهار وينهضن بواقعه، إلى جانب تعزيز مفهوم التعايش المشترك.

وتراعي مؤسسة اللغة الكردية ظروف النساء الملتزمات بأعمال خارج المنزل لذا قسمت التدريب إلى دورتين تختلفان فقط توقيتهما "في ساعات الصباح خصص التدريب لربات المنزل بينما الساعات المسائية خصصت للنساء الملتزمات بأعمال ودراسة خارج المنزل".

وشرحت أفين علي آلية التدريب حسب المستويات التي يتلقاها المتدرب أو المتدربة "المستوى الأول يهيئ الأرضية التعليمية في اللغة للمتدربين، إذا يتلقى فيها المتدرب الأحرف وأساسيات اللغة، أما في المستوى الثاني يتم شرح القواعد والإملاء، فيما يتعلم المتدرب في المستوى الثالث المحادثة الاحترافية باللغة، وينتهي التدريب بنظام تقييم مستوى الطالب شفوياً وكتابياً ويحصل على شهادة حسب درجاته الامتحانية".

وأشارت إلى أن "عدد المنضمات ارتفع تدريجياً، وما يلفت الانتباه في التدريب هو الصورة الفسيفسائية للمشاركات من عرب وكرد وأرمن وهذا ما أظهر مدى التعايش المشترك الذي تعيشه المنطقة، والمكون العربي يسعى لتعلم اللغة الكردية والتعمق بها". لافتةً إلى أنه "نعمل على افتتاح تدريبات في الأرياف لتوفير أعباء المواصلات والتنقل لمن يرغب بالتسجيل".

وزينب مسلم ذات 22 ربيعاً تدرس في كلية الحقوق وهي متدربة في المستوى الأول تقول "اتقن عدة لغات منها الإنكليزية والفرنسية، ولأن الكردية هي لغتي الأم رأيت من الضروري تطوير وتعزيز مهاراتي في القراءة والكتابة الكردية، وأن ارفع من مستوى ثقافتي التعليمة، وكما ستساعدني في دراستي الجامعية أيضاً، كونها تدرس في الجامعات أيضاً".

وعن التنوع المتواجد في قاعات التدريب من حيث المنضمين والمنضمات أوضحت أن "ما يلفت الانتباه في التدريب ويشجع للانضمام هو العدد اللافت للمكون العربي، حيث يتم تبادل الأفكار والخبرات والثقافات والتي بدورها تساهم في بناء مجتمع واعي ومثقف متمسك بهويته".

واعتبرت أن افتتاح مؤسسة تعليم اللغة الكردية في الرقة بعد تهميش عاشه الشعب الكردي لعقود إنجاز كبير وانتصار عظيم "أفتخر بتواجدي هنا وقدرتي على تعلم لغتي الأم لأنها هوية تمثل ثقافتنا لذا يجدر بنا المحافظة عليها"، مشيرةً إلى ما تعرض له الشعب الكردي "همشت الهوية الكردية على مر التاريخ وقيدت حريته وتعرض للتمييز والعنصرية من قبل الدول المهيمنة والقومية، فقد سلبت هويته وثقافته وحُرم من التكلم بلغته الأم حتى في الأماكن العامة والمدارس، فكان التحدث بها يعتبر جريمة يعاقب عليها بالضرب أو الشتم لذا حرص على التحدث بها في الخفاء، وبعد نضال دام لعقود وتقديم آلاف الشهداء والشهيدات في سبيل الحقوق وإعادة أحياء اللغة الكردية والاعتراف بالهوية الكردية بات التحدث بها حق مشروع وأساسي للشعب الكردي".

 

تعزيز  التآخي بين شعوب المنطقة

الخمسينية رباب مفتي من المكون العربي والتي تنحدر من ريف مقاطعة دير الزور تأخذ مكانها في مقاعد التدريب وتقول عن سبب انضمامها بهذا السن "أردت تعلم لغة جديدة وعندما رأيت الفرصة متاحة لتعلم الكردية سارعت للانضمام إلى هذه الدورة، كون المكون الكردي شعب عريق وشقيق ونتعايش مع بعضنا منذ آلف السنين فلا بد أن نتعلم لغتهم لنعزز من الروابط الاجتماعية والتواصل بين بعضنا البعض".

ولفتت إلى أن ظروفها الاجتماعية لم تساعدها على إكمال دراستها لذا انتهزت هذه الفرصة لتتعلم شيء جديد ومختلف، مشيرةً إلى مصاعب اللغة لديها "اللغة الكردية جديدة علي فأنا اتحدث اللغة العربية فقط، ولذلك واجهت صعوبة في لفظ الكلمات ووجدتها ثقيلة على لساني لكن بدأت أتخطى ذلك تدريجياً".

ورغم أن المجتمع المحلي يرى أن المرأة الخمسينية غير مخولة لتتعلم شيئاً إلا أن بإصرارها كسرت هذه القاعدة وأكدت أن "المرأة قادرة على التعلم والتطوير مهما بلغ عمرها، فالعلم والمعرفة لا يقتصران على عمر معين، لأن المرأة هي من تربي الأجيال لذا التعليم ولتثقيف شيء مهم لتزويد الأطفال بالمعرفة". وتطمح لتعليم الأطفال اللغة الكردية بعد أن تجتاز جميع المستويات وتحصل على الشهادة.