الإرادة السياسية وتغيير القوانين التمييزية تعزز مشاركة المرأة في كافة المجالات
رغم الجهود التي تبذلها المغرب من أجل تعزيز مكانة المرأة وحضورها في المجال الاقتصادي والسياسي، إلا أن حضورها مازال ضعيفاً من حيث نسبة المشاركة والتمثيلية في هذه المجالات، كما أن هناك تفاوت ملحوظ في الأجور بينها وبين الرجل.
رجاء خيرات
المغرب ـ طالبت زكية المريني بضرورة توفير الإرادة السياسية وتغيير القوانين التمييزية ضد النساء ووضع آليات وسياسات تعزز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية.
ترى رئيسة جمعية النخيل للمرأة والطفل بمراكش والنائبة السابقة بالبرلمان زكية المريني، أن المغرب شهد تطوراً إيجابياً خلال العقدين الأخيرين من حيث حضور النساء في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، حيث كانت المرأة شبه غائبة عن المجال السياسي، وحضورها في المجال الاقتصادي كان ضعيفاً، بينما في المجال الاجتماعي كانت لها أدوار مرتبطة بجنسها كأنثى، وفي المجال الثقافي لازالت تعاني من النظرة الدونية التي تعكس هشاشة الوضع الذي تعيشه النساء، إلا أنه خلال العقدين الأخيرين، وبفضل الإرادة السياسية ونضالات الحركة النسائية والأحزاب الديمقراطية، حصل تطور ملحوظ في مختلف المجالات.
وأكدت أن المجال السياسي يعتبر أهم المجالات، ليس لأن السياسة أهم من الاقتصاد؛ بسبب تأثيرها المباشر على القوانين والسياسات العمومية التي تضعها الحكومة، وكذلك تدبير المجالات الترابية والجهات والإقليم، والميزانيات التي ترصد لكل جهة لتنفيذ المشاريع والبرامج.
وبينت أن المجال السياسي يعبر عن إرادة الدولة واستراتيجيتها خلال العقود القادمة، وما إذا كنا نريد أن ننتقل إلى مجتمع ديمقراطي يقر بالمساواة بين كل الفئات، أم الإبقاء على مجتمع تسوده الدونية والطبقية وثقافة الإقصاء والتهميش تجاه عدد من فئات المجتمع.
وأوضحت أن التطور الذي شهدته العديد من الهيئات الحقوقية والنسائية بالمغرب، جعلت الكثير من الأفكار والمعتقدات السائدة تضعف وتتراجع، كما أدت إلى انتهاج مجموعة من الإجراءات والسياسات التي نتج عنها تغيير ملحوظ في وضع النساء، وكان على رأسها مناهضة العنف ضد النساء، لكون المشاركة السياسية للنساء تقتضي أن يعشن في محيط سليم يحميهن ويوفر لهن الإمكانات الضرورية التي تعزز حضورهن في المشهد السياسي.
وعن ظاهرة العنف ضد النساء ومناهضتها، قالت إن العمل على هذه الظاهرة يعود لعقود، حيث تم وضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء ومجموعة من الإجراءات التي صاحبتها حملة عبر وسائل الإعلام وإنشاء وزارة خاصة بالمرأة وكذلك مراجعة مدونة الأسرة وإعطاء مجموعة من الحقوق السياسية والاقتصادية للنساء، وقانون 103ـ13 لمناهضة العنف ضد النساء، وكلها آليات منحت المرأة فرصة إبراز إمكانياتها وتعزيز مكانتها أكثر من قبل.
وحول حضور النساء داخل الهيئات المنتخبة أقرت زكية المريني بوجود تطور كبير من حيث العدد "زادت النسبة من 0،5% في 2002 ـ 2003 داخل الجماعات والبرلمان، والآن باتت النساء تشكل في الجماعات 27%، ثم 33% تقريباً داخل مجالس الجهات وأكثر من 21% داخل البرلمان، وهي نسب مهمة تحققت بفضل مجموعة من الإجراءات منها نظام "الكوتا" والقانون الانتخابي الذي أجبر الأحزاب السياسية على وضع النساء في لوائح خاصة".
وطالبت بضرورة توفير الإرادة السياسية وتغيير القوانين التمييزية ضد النساء ووضع آليات وسياسات تعزز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف في ظل مجتمع لازال يؤمن بالفكر الذكوري الذي يرى أن المرأة لا ينبغي أن تتواجد إلا في أدوار تقليدية.
ورغم كل ما تحقق، تقول أن نسبة حضور النساء في مراكز صنع القرار لازالت ضعيفة جداً، وحضور النساء فقط شكلي سواء كرئيسات جماعات ترابية أو على رأس جهات أو مجالس منتخبة أو أمينات أحزاب سياسية.
وعن حضور المرأة في المجال الاقتصادي أشارت إلى دورها داخل الأسرة، سواء من خلال مساهمتها في التدبير المنزلي أو تربيتها للأطفال، إلا أنها لا تتقاضى أجراً عن ذلك، وتبقى كل هذه المهام من اختصاصها هي دون غيرها، وهو ما ينبغي تغييره عن طريق التوزيع العادل للمهام والأدوار، حتى تتمكن المرأة من القيام بمسؤوليات أخرى بعيداً عن الأدوار التقليدية المعروفة.
وأشارت إلى حضور المرأة القوي داخل الجمعيات والتعاونيات، وأن هناك نساء استطعن أن تخلقن مشاريع اقتصادية، إلا أن النساء اللواتي استطعن أن يصلن لمناصب المسؤولية لا تتعدى نسبتهن 23% فقط وهي نسبة قليلة جداً، وينبغي العمل عليها خلال السنوات القادمة.
وبينت أهمية التمكين الاقتصادي للنساء باعتباره الوسيلة التي تمنح النساء حريتهن وتعزز قدرتهن على الإبداع والابتكار، حتى تستطيع أن تكون فاعلة وليس مفعول به داخل المجتمع.
ودعت القطاع الخاص إلى دمج النساء في سوق العمل، دون الاقتصار على قطاع بعينه (كقطاع النسيج) خاصة النساء اللواتي ليس لديهن مؤهلات علمية، حيث تبين خلال أزمة كورونا أن النساء الأميات واللواتي ليس لهن مستوى علمي عال هن اللواتي تضررن بشكل كبير من البطالة بسبب توقف العديد من المنشآت الصناعية والقطاع غير المهيكل عن العمل، مؤكدة أن هؤلاء النساء هن بحاجة لسياسات عمومية وترابية تؤهلهن لولوج سوق العمل، من خلال وضع برامج تعني بهذه الفئات الهشة، والتساوي في الأجور بين النساء والرجال خاصة في القطاع الفلاحي الذي يعاني أكثر من غيره من هذه الاختلالات.