إجازة الأمومة في تونس... عاملات تعتبرنه جائراً بحقهن ومطالبات بتعديله

تواجه العاملات التونسيات العديد من الصعوبات بسبب إجازة الأمومة القصيرة التي تحرمهن من الاعتناء بصحتهن وصحة أطفالهن أكثر، لذا تطالبن بتغيير القانون الحالي وقبول المقترح الجديد الذي ينص على تمديدها شهراً آخر على الأقل.

إخلاص الحمروني

تونس ـ يمنح القانون التونسي للعاملات في القطاع العام إجازة أمومة تتراوح بين شهرين وأربعة أشهر، فيما تتمتع الأمهات العاملات في القطاع الخاص بإجازة أمومة لا تتجاوز الشهر، وهي ما تعتبرنه غير كافية لهن.

تشتكي العديد من الأمهات العاملات في تونس من قصر مدة إجازة الأمومة التي تمنح لهن عند الولادة، وهو ما يجبر الكثيرات على الاختيار بين الاستمرار في العمل تحت ضغط نفسي كبير أو تمديدها لبضعة أشهر مقابل التخلي عن نصف الراتب أو التخلي نهائياً عن العمل من أجل الاعتناء بالأطفال.

وهو ما دفع بلجنة "تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد" إلى عقد جلسة في التاسع والعشرين من نيسان/أبريل الماضي، خصصتها للاستماع إلى ممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية حول مقترحي القانونين عدد 13/2024 المتعلق بتنظيم عطل الأمومة والأبوة والوالدية في القطاعين العام والخاص، وعدد 16/2024 المتعلق بتنقيح واتمام القانون الذي ينص على حصول المرأة العاملة على عطلة بأجر كامل قبل الولادة لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع وبعدها أربعة عشر أسبوعاً، مع حصولها على كامل راتبها الشهري طيلة سبعة عشر أسبوعاً بالنسبة للقطاع العام، واستحقاقها ثلثي الأجر اليومي الاعتيادي المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص، فيما تمدد عطلة الأبوة لتصل إلى 10 أيام خالصة الأجر بعد الإدلاء بشهادة طبية تُثبت الولادة.

تقول العاملة سارة غنيمي وهي أم لطفلين عمر الصغير منهما (يبلغ 5 سنوات)، عاشت تجربة قاسية بعد ولادتها لطفلها الأول الذي أجبرت على تركه في البيت والعودة للعمل بعد انتهاء إجازتها في الأمومة، أنه "عندما أنجبت أطفالي تمتعت بعطلة الأمومة لشهرين ومددتها 4 أشهر بنظام نصف الأجر لأعتني بهما ومع ذلك كانت الفترة غير كافية خاصة مع ابني الأول الذي أنجبته بعد 5 أعوام من الزواج، لقد أصابني اكتئاب لترك طفلي الصغير في البيت والالتحاق بالعمل. الأمر الذي تسبب لي بالكثير من المشاكل تجاوزتها بصعوبة، وخضت نفس التجربة بعد ولادتي لطفلي الثاني ورغم أني أريد إنجاب طفل آخر لكني لا أريد عيش مرارة هذه التجربة من جديد".

وأوضحت أن قانون الأمومة الحالي "جائر جداً" بحق المرأة وحق الطفل الصغير الذي لازال بحاجة إلى اهتمامها، مطالبة بتمديد عطلة الأمومة إلى 3 أشهر على الأقل من أجل أن تهتم المرأة بصحتها وصحة صغيرها.

 

 

وترى العاملة نوال السليمي أن مدة الشهرين المخصصة كإجازة أمومة للنساء لا تكفي لتربية الطفل الصغير "نحن نطالب بتمديدها إلى أكثر من 3 أشهر مع التمديد بـ 3 أشهر خالصة نصف الأجر حتى يتسنى للأم بعد الولادة الراحة التامة لأن فترة الحمل تتعب المرأة نفسياً وجسدياً"، موضحة أنه سيجعل الطفل يتمتع بصحة جيدة ويتمتع باهتمام أمه وحنانها.

 

 

من جانبها أكدت العاملة إيناس غربي أنها تساند مشروع تمديد قانون الأمومة إلى 3 أشهر لأن شهرين فترة غير كافية للاهتمام بطفل حديث الولادة وأيضاً للأم لاسترجاع صحتها لذا "سينصف القانون الجديد الذي ينص على تمديد فترة الأمومة للمرأة العاملة ويمنحها الحق في الراحة والاعتناء بطفلها".

 

 

ونفس الموقف تبنته العاملة عائشة نصري التي ترى أنه حان الوقت لتغيير القانون الحالي للأمومة وتعويضه بالمشروع الجديد لأن هذا الأخير ينصف كل من الأم وطفلها، وتقول "بحكم تجربتي المتمثلة في ترك أطفالي بعد شهرين من الولادة أمر صعب وقد تسبب في إصابتهم بالمرض لأني اضطر إلى الذهاب بهم في الصباح الباكر لأتركهم في الحضانة، وقد سررت ورحبت بمشروع تمديدها إلى 3 أشهر خالصة الأجر و6 أشهر نصف الأجر"، معتبرة أن 9 أشهر مدة كافية لنمو الصغير تحت رعاية أمه وأيضاً كافية للمرأة لأنها لن تشعر بالقلق على طفلها عند عودتها للعمل.

ويذكر أن العديد من المنظمات النسوية في تونس جددت مطالبها بإعادة النظر في مشروع تمديد إجازة الأمومة التي قدمته وزارة المرأة والأسرة والطفولة للبرلمان للنظر فيه والموافقة عليه، داعيةً إلى وضع أطر قانونية لتقاسم أعباء رعاية الأطفال بين الزوجين.

ويقترح هذا المشروع تمديد فترة إجازة الأمومة شهراً إضافياً لتصل إلى 12 أسبوعاً، مع إمكانية منح راحة لمدة 16 أسبوعاً عند ولادة توأم أو طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، محدداً المدة القصوى لإجازة الأمومة بـ 20 أسبوعاً بدءاً من عطلة ما قبل الولادة، مع استحقاق كامل المرتب للعاملات في القطاع العام، وثلثي الأجر اليومي للعاملات في القطاع الخاص.

ووفقاً لوزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة آمال بالحاج موسى، فإن هذا القانون الجديد من شأنه أن يوحد الحقوق في إجازة الولادة بالقطاعين العام والخاص عبر زيادة مدتها تمهيداً لمنح الأم عطلة لا تقل عن ثلاثة أشهر إضافة إلى عطلة ما قبل الولادة مدفوعة الأجر لمراعاة مصلحتها وصحتها مع الجنين، كما سيقرر إجازة اختيارية بنصف الأجر لا تتجاوز أربعة أشهر للوالدين بحسب رغبتهما، إلى جانب إجازة للأب لمدة سبعة أيام مدفوعة الأجر لتفعيل دوره في الاعتناء بمولوده".