"صفر نفايات" مبادرة تخفف من آثار النفايات الصحية والبيئية
تسعى مبادرة "صفر نفايات" إلى الوصول لحلول بيئية وتصريف صحي للنفايات للتخفيف من آثار هذه الأزمة بيئياً وصحياً.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ تمكنت الناشطة الاجتماعية والبيئية نبال الداهوك، خلال ثلاث سنوات مع مجموعة من المتطوعين ومعظمهم من النساء من إطلاق مبادرة بيئية للتخفيف من آثار النفايات الصحية والبيئية، وتحاول عبر التواصل والتشبيك مع الأفراد والجمعيات، التوعية وتوسيع نطاق المبادرة.
عبر مسيرتها حصلت نبال الداهوك على درجة الماجستير في مجال إدارة الأعمال الذي مكنها من العمل كمدربة في مجال إدارة المشاريع في المركز التربوي للبحوث والإنماء منذ عام 2005، كما عملت لمدة 22 سنة في مجال التربية في لبنان والخارج، ولكن بعد عودتها إلى لبنان وتفاقم أزمة النفايات، وإيماناً منها بأن العمل الحقيقي الدافع للتغيير هو بالخدمة المجتمعية البيئية، بادرت مع ناشطين وناشطات لإطلاق مبادرة "صفر نفايات" المجتمعية مع ناشطين وناشطات من المجتمع المدني.
وحول المبادرة قالت نبال الداهوك "صفر نفايات المجتمعية Zero Waste Community، مبادرة شبابية، أطلقت نتيجة تراكم النفايات وسط انعدام الحلول الحكومية"، موضحةً أن الهدف من المبادرة هو الوصول إلى حلول بيئية وتصريف صحي للنفايات للتخفيف من آثار هذه الأزمة بيئياً وصحياً "منذ ثلاث سنوات وحتى الآن نعمل بصورة مستقلة، ونتواصل مع الأشخاص الذين يؤمنون بما نؤمن به لخدمة البيئة بالدرجة الأولى".
وأوضحت أن "البلديات لا تعمل على تدوير معظم النفايات، بل يتم رميها في المطامر، وهذا يهدد البيئة، لذلك كان هدفنا الأسمى المحافظة على البيئة وإعادة تدوير ما أمكن من النفايات، وبدأنا بشكل محلي ولدينا اليوم حوالي 1150 نقطة تجميع في عشرات القرى، نضع النفايات في مستودعات ليعاد فرزها في المرحلة الثانية، حيث يتم تصريفها بصورة صحية إلى مؤسسات لبنانية بحاجة لهذه المصادر لتتمكن من الاستمرار، وهذه الدائرة المستدامة، هدفها اقتصادي محلي، يشارك فيها المجتمع، وقد تمكنا من خلالها توفير مردود لأكثر من عشر عائلات".
عماد هذا المشروع المرأة
وأشارت إلى أن "عماد هذا المشروع المرأة، فهي التي تقوم بالفرز المنزلي في معظم الأحيان، كما وتدرب وتساهم في التوعية حول هذا الأمر، في البداية كنا امرأتين وشابين، لكن الآن ازداد عددنا كثيراً، وخلال الستة أشهر الأولى اتجهنا للزراعة والنفايات العضوية بهدف الوصول إلى صفر نفايات، خاصةً وأن النفايات العضوية تشكل بين 50 و60 بالمئة، مع التوعية وإجراء دراسات حول تدوير النفايات العضوية بواسطة الدود لتحويلها إلى كومبوست، ومن ثم اتجهنا إلى المواد التي يمكن تدويرها".
وأوضحت أنه "بعد العمل من قبل المسؤولين في المبادرة على فحص محتوى المفروزات، والتبليغ عن النقاط المخالفة للتوعية بالفرز الصحيح، وتحديد الأماكن المخالفة، ارتفعت نسبة الالتزام إلى 60% ونطمح أن ترتفع النسبة أكثر".
وأكدت أنه بالتوعية المستمرة والمشاركة في المؤتمرات والنشاطات المختلفة، والتعاون بين الأفراد والمجتمع تمكنا من الترويج للفكرة، واثبتنا العديد من الإيجابيات بالتطبيق "نحن نتعاون مع العديد من الجمعيات والأفراد في هذا المجال، مثل دكانة الناس في بعقلين، التي تعمل على التخفيف من نسبة النفايات، حيث يتم شراء المواد الاستهلاكية بالجملة، كما يتم استخدام عبوات يجلبها المستهلك معه لتعبئة المواد الغذائية والمنظفات ليعاد استعمالها من قبلهم بحيث يكون الثمن أقل وسط هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فهذه الأزمة ساهمت بالتخفيف في كمية النفايات بنسبة تصل إلى 30 بالمئة عما سبق، كما وأن كمية الكرتون والورق قد انخفضت إلى حد كبير بسبب استخدامها في التدفئة".
وأوضحت أنه "من المواد التي يمكن أن يعاد استهلاكها أيضاً زيت القلي، الذي يتم نقله لمنشأة في الشويفات ليتم تصديره للخارج، ونحاول العمل على بقايا القهوة بالتعاون مع الأكشاك والمقاهي، بهدف توريدها لمزارع الفطر، وهناك الزجاج، الذي تم دعمنا للحصول على آلة لطحنه، ونعمل على بيعه لشركات تستخدمه في الصناعات الزجاجية، وهناك فكرة لاستخدامه في البناء وغيره من الاستخدامات، فهناك مجال كبير لهذا العمل، لذا نفكر دوماً بصورة بيئية خلاقة ومبتكرة ونشجع الشباب على الابتكار، مع إمكانية توفير فرص عمل بدءاً من عملية الجمع وصولاً إلى تحويل المواد إلى مواد غير مضرة يمكن استهلاكها بصورة أو بأخرى".
وأوضحت "نحن نعمل على جمع عشرة أنواع من المفرزات، لنصرفها بصورة صحية، أو نصنعها أو نصدرها إلى الخارج، وهناك أربعة أنواع منها ليس لها مردود مالي، ونحاول تصريفها حتى لا يتم طمرها، ولتستمر المنشآت بالعمل على تدويرها، بالرغم من أن تكلفتها تكون مضاعفة، لكننا نطمح لتوسيع نطاق عملنا، فمثلاً الأقمشة ليس هناك خطوط إنتاج لمعالجتها وإعادة تصنيعها، وتذهب إلى المطمر، ولكن من خلال هذه المبادرة نحاول تصريفها عبر استحداث خطوط انتاج، ومن كل تحد ومشكلة صغيرة نحاول أن نبتكر حلولاً، ونشجع الشباب على تقديم اقتراحات وأفكار للعمل عليها بما يخدم مصلحتهم ومصلحة المجتمع".
وبينت أن "هناك أربعة أنواع من المفروزات التي نشجع الناس على التخفيف من استهلاكها وهي أنواع البلاستيك الأحادية الاستخدام، مثل صحون البلاستيك والشوك والملاعق، والعبوات البلاستيكية التي توضع فيها المواد الغذائية في المحلات التجارية والمطاعم، وأغلفة الأدوية التي ليس لها بديل سوى العلب التي تحتوي الأدوية، أكياس الشيبس والشوكولا والألعاب وخصوصا ألعاب الأطفال وأي نوع بلاستيك قابل للكسر ولا يطوى ويشار إليه بالرقم 7 وهو نوع من العظم، لذا فالتخفيف في هذا المجال جوهري، فالهدف تحويل النفايات لمصادر، وفي الوقت نفسه التخفيف من النفايات خصوصاً تلك التي لا يمكن تدويرها".
وعن التحديات التي تواجه المبادرة قالت "تشمل التمويل، فلا زلنا ندعم أنفسنا بأنفسنا، ونعمل على التشبيك مع الجمعيات والأفراد بهدف تقديم الخدمة للمجتمعات المحلية".