مؤتمر "العدالة المناخية" يبحث مشاركة المرأة العربية

شددت ممثلات الدول العربية اللواتي شاركن في مؤتمر "العدالة المناخية ومشاركة المرأة العربية" الذي عقد من قبل الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي ومؤسسة "تقاطعات" وبالتعاون مع أوكسفام، على ضرورة أن تكون حلول التغير المناخي عادلة وإلا توسعت الفجوة الجندرية.

كارولين بزي

بيروت ـ أكدت المشاركات في مؤتمر "العدالة المناخية ومشاركة المرأة العربية"، أن الحوار الخاص بتغير المناخ ليس فقط حواراً علمياً بل هو حوار اجتماعي وسياسي عن العدالة والمساواة على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، يرتبط بالعدالة الجندرية والمساواة بين الجنسين حيث تتعاظم وتتنوع آثاره على النساء.

خرج مؤتمر "العدالة الاجتماعية ومشاركة المرأة العربية" الذي عقد على مدى يومي 12 ـ 13 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في العاصمة الأردنية عمان، بتوصيات سيذهب بها إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب 27" الذي سيقام في مدينة شرم الشيخ بمصر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

 

"تغييب للباحثات في لبنان"

عن "العدالة المناخية" مفهومها وتأثيرها على النساء، كان لوكالتنا لقاء مع رؤى دندش عضو الهيئة الإدارية في جمعية "في- مايل" وممثلة الجمعية في المؤتمر، موضحةً أن "أبرز محاور المؤتمر ركزت على مدى تأثير المناخ على صحة النساء".

وعن سبب ربط التغير المناخي بالنساء تقول "لأن النساء والأطفال هم الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع، وبالتالي أي كوارث تحصل إن كانت طبيعية أو مناخية، المتأثر الأول فيها الأطفال والنساء"، مشيرةً إلى أنه "انطلاقاً من ذلك شاركت كممثلة لجمعية "في مايل" بالمؤتمر بما أنني عضو هيئة إدارية ودرست العلوم البيئية، ولكن للأسف في لبنان نحن بعيدون عن هذا الموضوع بسبب انشغالنا بالأزمة الاقتصادية، لكن الدول العربية تبذل جهداً أكبر في هذا المجال".

إذ يعاني لبنان من أزمة اقتصادية طالت مختلف المرافق الحياتية، إلى جانب ذلك هناك أزمة كهرباء وشح في المياه وغيرها، وفي ظل الانشغال بهذه الأزمات تتغيب السلطات عن الاهتمام بالبيئة. حتى أنه لطالما كانت وزارة البيئة في لبنان كوزارة بلا حقيبة إذ لا يتم وضع سياسة بيئية للحفاظ على البيئة والحد من التغير المناخي.

ولفتت إلى أن درجات الحرارة في العالم سترتفع من الآن وحتى العام 2050 بحدود الخمس درجات، وهو ما يستدعي دق ناقوس الخطر، مشيرةً إلى أن البلدان التي ستشهد ارتفاعاً كبيراً بدرجات الحرارة هي الكويت والعراق، والأمر المرتبط باستخراج الموارد الطبيعية من الأرض كالنفط والغاز التي تؤثر على تغير درجات الحرارة "إن استخراج النفط من الأرض يحدث تلوثاً من خلال الانبعاثات التي يسببها حرق النفط الغير مرغوب به أو النفط الغير مطابق للمواصفات العالمية ما يرفع نسبة التلوث".

وعن العدالة المناخية والمقصود منها في المؤتمر، تقول "العدالة المناخية تعني بأن يكون للنساء دور أن يقررن في السياسة البيئية لدولهن وأن تكون المرأة جزء من الأبحاث التي تُقدم في هذا الإطار. مثلاً على مستوى لبنان، هناك تغييب كامل للباحثات. كل الدراسات والأبحاث يقوم بها الرجال، علماً أن هناك الكثير من الطاقات النسائية في هذا المجال ويمكن أن يكن جزءاً من هذه الأبحاث والحلول".

 

"تأثير ارتفاع الحرارة على صحة المرأة"

من الناحية الصحية تقول "عندما ترتفع درجة الحرارة هذا الأمر يؤثر على صحة النساء والدورة الشهرية، إذ تؤثر على سن البلوغ لدى الفتاة، وتبدأ الدورة الشهرية لديها في سن التاسعة مثلاً، مما يؤثر سلباً على اكتمال نموها".

عن المحور الذي تناولته في المؤتمر تقول "تناولنا في المؤتمر موضوع الأزمات التي يعيشها لبنان، وأننا لا نستطيع أن نفكر حتى بموضوع العدالة المناخية والمناخ الذي يعتبر بالنسبة لنا رفاهية في الوقت الحالي، ولكن لا يمكن أن ننسى بعض المبادرات، إذ هناك مبادرة تقوم بها جمعية "مذكرات محيط" وهي واحدة من المبادرات التي تعنى بالمحيط وكل ما يخص البحر في لبنان"، مشيرةً إلى أن المبادرة "تركز على الصيادات اللواتي يصطدن السمك وكيفية تقييمهم للثروة السمكية التي تراجعت بسبب التلوث في بحر لبنان"، وتعزو السبب في التلوث إلى الفساد المستشري الذي طال كل شيء.

ولكن لم تركز رؤى دندش فقط على النقاط السلبية في لبنان، بل أن الأزمة وغلاء المحروقات دفعت بالعديد إلى الاستعانة بالطاقة الشمسية، وهي طاقة نظيفة، مضيفةً "بما أن معملي دير عمار والزهراني لتوليد الطاقة الكهربائية متوقفان أغلب الأوقات، حتى محطات توليد الطاقة الكهربائية الرسمية لا يتم تزويدها بالمحروقات اللازمة، وأغلب البيوت أوقفت اشتراكات المولد الكهربائية لأنه الاشتراكات ارتفعت تكفلتها بشكل كبير، اتجه الناس إلى الطاقة الشمسية، أي أن الأزمة انعكست بشكل إيجابي على المناخ والتغير المناخي في لبنان".

وفي إطار الحديث عن العدالة المناخية والطاقة النظيفة، حثت المشاركات من لبنان على أهمية مشاركة العاملات في المجال التقني والهندسي في تركيب ألواح الطاقة الشمسية، لأنها تحتاج لمتخصصين.

 

"النساء الأكثر توجهاً نحو الطاقة النظيفة"

ولفتت رؤى دندش إلى أن النساء هن المتجهات إلى استخدام الطاقة النظيفة أكثر من الرجال "لأن أغلب المسيطرين على الاقتصاد العالمي هم من الرجال، وبالتالي هم لا يهتمون بالمناخ والتغير المناخي وكل ما يهمهم هو المال وزيادة الأرباح"، مشيرةً إلى أن "النساء والأطفال هم الأكثر تأثراً بالكوارث والتغير المناخي ولاسيما الفقراء، إذ أن الأغنياء لا يسكنون بأماكن قريبة من النهر أو أكثر عرضة للكوارث والفيضانات. بل يسكنون في أماكن يحمون فيها أنفسهم. أي أن الفقراء هم الأكثر تأثراً ولاسيما النساء والأطفال".

وعن النقاط المشتركة بين جميع الحاضرين/ات تؤكد رؤى دندش على غياب الباحثات عن الدراسات والأبحاث المناخية من قبل الحكومات العربية، وتقول "النقطة المشتركة بين كل الدول العربية، هو الغياب الباحثات والمتحدثات باسم البيئة".

وتعتبر أن عدم استخراج النفط في لبنان لغاية الآن هو إيجابي ولاسيما استخراج النفط من البحر، لأن هناك صعوبة في السيطرة على التلوث في البحر، بسبب الأمواج والتيارات المائية التي تتحكم بمياه البحر. بينما على اليابسة هناك قدرة أكبر على السيطرة على التلوث والحد منه.

 

دعوات لوضع سياسة بيئية

ودعت رؤى دندش مع ترسيم الحدود البحرية وقبل البدء بالتنقيب عن النفط الموجود في البحر، إلى وضع سياسة بيئية للحد من التلوث المرتقب.

ولفتت الانتباه إلى انتشار الكوليرا مؤخراً في لبنان "إذا أردنا أن نتحدث عن العدالة البيئية، فيجب أن نذكر أن الكوليرا انتشرت بسبب التلوث لأننا لا نستطيع أن نصل إلى مياه نظيفة، فبسبب الأزمة يضطر الناس إلى الحصول على مياه الشرب ربما من النهر أو من أي مكان آخر، وبالتالي يمكن لهذه المياه أن تكون ملوثة بالمياه الآسنة".

وفندت رؤى دندش أبرز التوصيات التي صدرت عن المؤتمر قائلة "على الحكومات العربية أن توفر المعلومات الخاصة بتغير المناخ وآثاره المختلفة وذلك بلغة بسيطة تصل إلى جميع السكان وخاصة الفئات الأكثر عرضة لأضرار تغير المناخ، بالإضافة إلى ضرورة إدماج النوع الاجتماعي في جميع السياسات الوطنية والبرامج الخاصة بالتصدي لآثار التغير المناخي".

وجاء في التوصيات أيضاً كما أوضحت رؤى دندش "ضمان توسيع المشاركة الكاملة للمجتمع المدني حيث أنه قادر على تمثيل احتياجات الفئات المتضررة واستحضار وجهات النظر النسوية. ورفع وعي وبناء قدرات المشاركين/ات من الوفود الرسمية في جميع مؤتمرات وفعاليات المناخ بالنسبة لقضايا النوع الاجتماعي والمناخ والتأكيد على أهمية ضم النساء ذوات الخبرة العلمية كما العملية في الوفود الرسمية وفي المفاوضات"، بالإضافة إلى التمثيل المتساوي والمشاركة الفعالة للنساء والفتيات والأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية والشباب في تنوعهم في عمليات تغير المناخ كافة.

ولفتت إلى أن المؤتمر حث الحكومات على وضع خطط العمل الجندرية الخاصة بالمناخ وضمان تمويلها وتعيين ضابطة اتصال الجندر لتتواصل معها الجمعيات النسوية الناشطة في البيئة وفي المناخ واتاحة الفرص لهذه الجمعيات لمساءلة الحكومات عن عدم تنفيذ هذه الخطط، منوهةً إلى أنه "على الأمم المتحدة مسؤولية تيسير عملية اعتماد مشاركة المجتمع المدني في المحافل الدولية والإقليمية، وضمان اعتماد ومشاركة المجتمع المدني داخل فضاءات مؤتمرات الاطراف والفعاليات المرتبطة بقضايا المناخ وضمان أمنهم وسلامتهم".

ومن بين التوصيات أيضاً "للأمم المتحدة دور أساسي في ادماج أجندة المرأة والسلام والأمن داخل عمليات الحوار والمصالحة خاصة في المناطق التي ترزح تحت النزاع وتعاني من عدم الاستقرار. ووقف النزاعات المسلحة ومشاريع الاستعمار داخل الوطن العربي، ونطالبه بوقفها لما لها من إسقاطات بالغة الخطورة في تحقيق العدالة المناخية لا سيما في توزيع موارد المياه والأراضي والهواء".