مشروع "العودة للأرض" لإحياء الزراعة العضوية في غزة
يعمل فريق من الشباب الجامعي على مشروع اقتصادي باسم "العودة إلى الأرض" يهدف إلى انتاج مزروعات صحية خالية من المواد الكيماوية، خلال الفترة الأخيرة في قطاع غزة
رفيف اسليم
غزة- .
ريهام الحايك ذات (24) عاماً واحدة من أعضاء المشروع الثلاثة تقول لوكالتنا إن فريقها اختار زراعة الخضراوات لتأمين غذاء صحي يساهم في تقليل الإصابة بمرض السرطان، من خلال الابتعاد عن استخدام الأسمدة والمواد الكيمياوية التي تُسرع من نضوج الخضراوات.
تنعم الأسواق في قطاع غزة بالعديد من أصناف الخضروات والفواكه بأحجام وجودة تشد الناظر إليها وتقنعه بالشراء من خلال مظهرها اللامع، لكن هذه الصورة ليست القصة الكاملة لتلك المزروعات التي تنضج في غضون أسبوع واحد فقط من زراعتها، عن طريق إضافة كميات كبيرة من السماد الكيماوي المضر بالصحة، والمسبب للعديد من الأمراض أبرزها مرض السرطان.
وقد كشفت وزارة الصحة الفلسطينية مؤخراً عن زيادة مطردة في عدد حالات مرض السرطان في القطاع بنسبة تتراوح بين (10-15) بالمئة سنوياً، بواقع (120-130) حالة جديدة شهرياً، تلك الزيادة الملحوظة دفعت مجموعة من الشبان للتفكير بمبادرة للزراعة العضوية تحت عنوان "العودة للأرض"، ويستخدم السماد العضوي الناتج عن فضلات الحيوانات والنباتات في هذا النوع من الزراعة.
"العودة للأرض"
تقول منسقة مشروع "العودة للأرض" ريهام الحايك ذات (24) عاماً أن زيادة نسبة استخدام المواد الكيماوية والاستهلاك الكبير للتربة، دفعها هي وفريقها المكون من شابين آخرين (عودة عودة (27) عاماً، وأصيل أبو حلوب (20) عاماً)، أن يتجهوا للزراعة العضوية.
وتوضح ريهام الحايك أن فكرة الزراعة العضوية تقوم على أساس بيئي حيث تستخدم الأسمدة البيولوجية المستمدة بشكل كبير من النفايات الحيوانية والنباتية ومحاصيل التغطية التي تثبت النيتروجين خلال زراعة المحاصيل المختلفة.
أولى الخطوات التي قام بها الفريق هي دراسة حالة السوق والاطلاع على الإحصائيات، تمهيداً لتقديم المبادرة إلى مؤسسة "دالية المجتمعية" التي تعمل على حشد واستخدام كل الموارد المحلية بالشكل الملائم، "تلقينا الموافقة، ووفرت لنا المؤسسة مهندس زراعي وعدد من الخبراء من خارج قطاع غزة؛ لتقديم نصائح تتعلق بآفات التربة وكيفية التعامل معها، وأيضا عن فترة الزراعة والتعشيب وكيفية الحصاد".
وجود أرض زراعية لم تزع من قبل كان من أصعب وأهم مقومات نجاح المحصول الأول في المشروع؛ لأن أي أرض زرعت من قبل قد أضيف لها مواد كيمائية وبالتالي ستحتاج لخمس سنوات حتى تتخلص التربة من المواد السامة فيها، "لم نستسلم لهذا العائق لأننا مقتنعين بضرورة العمل على المشروع بالشكل الصحيح حتى تكون الاستفادة من خيرات التربة كبيرة".
وتضيف ريهام الحايك أن المحصول الأول كان عبارة عن مزروعات ورقية كالخس والفجل والزهرة والملفوف كتجربة صغيرة خلال شهر، مشيرة أن نجاح التجربة الأولى دفعها وفريقها ليستمروا بتلك المبادرة، من خلال إطلاق المحصول الثاني لكن بنوع آخر من الخضروات وهما محصولي الخيار والبندورة "نستعد لجني المحصول خلال الشهر القادم ليباع بالسوق المحلي كما فعلنا بالمحصول الأول".
وتبين أنهم خلال فترة زراعة الأرض استخدموا مبيدات طبيعة قاموا بصناعتها بحالات مختلفة منها صلبة وسائلة وغازية، لافتة إلى أن النباتات المزروعة بالطريقة العضوية لا يكبر حجمها مقارنة مع حجم الثمار المتوافرة بالسوق، وتلك الصورة النمطية لحجم الخضراوات صعبت من عملهم في تسويق محصولهم الأول من الخضار الورقية خاصة لدى الباعة أصحاب المحالات التجارية.
وتدرك ريهام الحايك أن لكل مشروع صعوبات لذلك تحاول هي وفريقها التغلب على مشكلتي الصورة النمطية لحجم الخضروات والتسويق، لأن الفكرة جديدة ويلزم المجتمع في غزة فترة من الزمن حتى يقتنع بفوائدها ويقدر أن تكلفة زراعة النباتات العضوية مرتفعة عن الزراعة المدعمة بالأسمدة الكيمائية، متمنية هي وفريقها أن تعمم تلك التجربة لدى جميع المزارعين في قطاع غزة.
مرحلة انتقالية
أما عن تجربتها الخاصة في هذا المشروع تقول ريهام الحايك أنها تخرجت من كلية الاقتصاد فرع محاسبة، كما كانت تعمل كمنسقة لمشروع "العودة للأرض"، لكنها لم تكن تتخيل أن تشارك في تجربة زراعة الأرض، ظناً منها أنه عمل لا يصلح للفتيات، مضيفة أن بعد تشجيع زميليها لها قامت بأول تجربة لها ولامست الأرض لتفخر فيما بعد كونها شريكة في انجاز مشروع الزراعة العضوية في قطاع غزة.
وتشير إلى أنها أصبحت تحب الذهاب للأرض بل أنها قلمت أظافرها الطويلة لتصبح مناسبة كمزارعة وأصبحت تختار ألوان الملابس الغامقة كي لا تتسخ من الطين، "لا أستطيع وصف فرحتي عندما شاهدت المحصول الأول، ومن ثم ذهبنا إلى السوق المحلي لبيعه واقناع الباعة بأهمية المشروع وفوائده لصحة الإنسان والتقليل من الإصابة بالأمراض".
وتختم ريهام الحايك حديثها بالتأكيد على ضرورة دعم القطاع الزراعي في غزة وخاصة الزراعة العضوية، وتقول إنه ومن خلال تجربتها اكتشفت أن الجهات الرقابية في قطاع غزة لا تهتم بالمزارعين فلا توفر لهم معونات حين تتلف مزروعاتهم، ولا تشرف على كمية المواد الكيمائية التي توضع خلال الزراعة وهذا أكثر ما أزعجها خلال تجربتها، متمنية أن تصبح الزراعة مشروعها الخاص في السنوات القادمة، إذا ما توفرت جهة داعمة للمشاريع الزراعية في قطاع غزة.