'لابد من رسم منظومة تضامن دولية بديلة للمنظومات الموجودة الغير عادلة لدعم النساء'
تعد النساء من أكثر الفئات تضرراً بالحروب والمخاطر البيئية، فهن تعانين من أزمات مضاعفة.
زهور المشرقي
تونس ـ أكدت الناشطة البيئية راضية الوحيشي على ضرورة دعم قدرات النساء للتأقلم مع التغيرات المناخية لاعتبارهن الفئة الأكثر تأثراً، انطلاقاً من محيطهن العائلي إلى المحيط الخارجي.
دعت الناشطة البيئية والنسوية راضية الوحيشي في حوار مع وكالتنا النساء إلى دعم أواصر التعاون بينهن، فهن الأكثر تضرراً من الحروب والنزاعات والتغيرات المناخية، متحدثة عن الوضع الصعب للتونسيات في السنوات الأخيرة نتيجة تلك التغيرات وخاصة ندرة المياه وسوء إدارة الملف من قبل الحكومة.
لماذا تعد النساء دائماً الأكثر تضرراً من الأزمات والجوائح والحروب، وكيف يمكن تحقيق التضامن النسوي العابر للقارات لإنقاذهن ودعمهن؟
بينت جميع التجارب الإنسانية أنّ النساء هن الفئة الأكثر هشاشة في مواجهة الأزمات والحروب حيث تعانين أضراراً مادية ومعنوية، ووجدن أنفسهن في مواجهة الواقع الصعب بكل جوانبه التي تبدأ من المنزل وصولاً إلى الظروف البيئية المؤثرة، فضلاً عن أنهن قد عانين من معارك البحث عن مورد رزق للعيش طيلة سنوات الصراع.
ما يتطلب من النساء في مختلف أنحاء العالم التضامن معاً ورسم مخططات لمساعدة بعضهن البعض في محنهن الصعبة والعمل سوياً على خلق منظومة تضامن بين النساء تكون بديلة للمنظومات الموجودة الغير مبنية على العدالة بل بنيت منذ عقود على فئوية وقضية انتماء، وكل هذا يدعونا كنساء إلى أن نكون أكثر فاعلية من ناحية تحكيم التضامن النسوي الواسع بعيداً عن أي أيديولوجيات لا تخدم النساء ولا أي جهويات، فالانتماء فقط يجب أن يكون إنسانياً في تناول قضايا النساء اللواتي تحملن مسؤوليات.
لطالما حذّر الخبراء من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على النساء، كيف يمكن للنساء حماية أنفسهن من تلك المخاطر؟
إذا انطلقنا من الواقع التونسي فالمرأة هي المسؤولة عن جلب المياه في الأرياف خاصةً وأن أزمة المياه وندرتها الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، والنساء اليوم هنّ المسؤولات عن الاستهلاك المنزلي ومطالبات أن يكون استهلاكهن للمياه محكماً وملائماً للوضع البيئي المحلي والدولي، لاعتبار أن المرأة يقع على عاتقها تربية الأجيال ومسؤولية التأقلم أكثر مع الوضع البيئي.
فالمرأة هي المتأثرة الأكثر بالتغيرات المناخية والبيئية والحروب، ونحن اليوم كناشطات ونسويات مطالبات بدعم قدرات النساء خاصة للولوج إلى المسائل القانونية وإدماجهن في صناديق الضمان الاجتماعي لاعتبارهن الأكثر تضرراً في عملهن، فإذا توفّرت الحلول محلياً للتأقلم مع التغيرات المناخية لا بد أن تنطلق من دعم ودفع قدرات النساء لاعتبارهن الفئة الأكثر تأثيراً انطلاقاً من محيطهن الضيق وعائلاتهن إلى المحيط الخارجي.
أشرت إلى أهمية تمكين النساء، كيف السبيل لذلك في ظل الظروف الحالية؟
حين نتحدث عن تمكين النساء، أوّل خطوة يجب العمل عليها هي تمكينهن قانونياً من حيث مسألة ملكية الأرض، فالنساء تعملن في الأرض لكنهن تفتقدن لوجود منظومة تأمين لذا يجب التسريع في تحقيقها، إضافة إلى منظومة المساواة في الأجر التي تعتبر غاية في الأهمية بالنسبة للعمل الفلاحي لاعتباره أكثر ميدان متضرر من التغيرات المناخية ولاعتبار أنه المشغّل الأبرز للنساء خاصة في الأرياف، أيضاً من المهم دعم قدرات النساء فيما يخص الأمن الغذائي وتمكينهن فعلياً من حقوقهن والقوانين المدعمة لهن، كما يجب تمكينهن في مسألة القيادة لاعتبار أنهن اليوم غير واعيات بتلك المسؤولية، خاصة وأن القيادة في اتخاذ القرار من أبرز المهمات التي يجب أن تقمن بها.
بالإضافة إلى أنه يجب فتح ملف تمكين المرأة في مسألة المياه، فالنساء إلى حد اليوم تقمن بجلبها سواءً من العيون أو الآبار أو الحنفيات العمومية، فبقدر دعم قدرات النساء مادياً سنتحسس النجاح والتغيير، كما أن المنظومة الصحية مهمة جداً، لذلك نطالب بولوج النساء إلى منظومة صحية عادلة لاعتبار أن الحق في الصحة أمر أساسي.
تعد تونس من بين الدول الأكثر هشاشة لتأثيرات التغيرات المناخية، ما السبب برأيكِ؟
تونس الأكثر هشاشة في ظل التغيرات المناخية، لأن الأنظمة البيئية السبعة مهددة بآثار التغير المناخي، خاصة على مستوى شح مياه الأمطار، تلك التغيرات التي تفرض اعتماد سلوكيات تساعد على التأقلم مع تأثيرات الظروف المناخية المتغيّرة باستمرار، من بينها الانخراط في ترشيد الموارد المائية، السلوكيات الخاطئة التي أضرت بالفلاحة البحرية وتم تسجيل نقص في بعض المواد وخلقت مشاكل بيئية متعلقة بالتربة وغيرها، لذلك يجب اتخاذ قرار ورسم استراتيجيات لمواجهة التغيرات المناخية، فتونس لم ترسم الاستراتيجيات الفعلية لتغيير نمط الاستهلاك والقوانين المتعلقة خاصة باستغلال المياه في المجال الفلاحي فضلاً عن وجود منظومة إدارية يجب مراجعتها وتغييرها، الحلول موجودة لكن تونس مكبلة بالمسائل الإدارية، لذلك لو لم نشرع في التحرك ستتضاعف الهشاشة بسبب بطء المنظومة.
فقضية التغير المناخي تنطلق من المحلي حيث أن الانظمة البيئية لا تملك نفس القدرة على الصمود والتأقلم، هنا نؤكد على أهمية فتح قنوات الحوار المحلي والوطني لمجابهة التغيرات المناخية ولإيجاد الحلول العاجلة لمختلف الإشكاليات البيئية والطبيعية التي تكون عادة النساء الأكثر تضرراً منها.
كيف يمكن العمل لرفع نسبة الوعي بالمخاطر البيئية والتي تكون النساء أول ضحاياها؟
اذ لم نبلغ مرحلة دعم قدرات النساء وإيجاد الطرق لتغيير المنظومة القانونية ومنظومة الضمان الاجتماعي سيخلف ذلك أزمة أمن اجتماعي تصل إلى درجة الأمن الدبلوماسي، فإذا ربطنا قضية التغير المناخي والهشاشة وعدم الوعي بالأزمات وكيفية إيجاد الحلول والمضي في طريق المهن الحديثة كالاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق ودعم قوانين المسؤولية المجتمعية وقوانين الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لن يكون غريباً أن نرى قوافل الهجرة الغير نظامية عبر البحر هرباً من هذا الواقع، للبحث عن فضاءات أخرى آمنة للهاربين، لاعتبار أن الأزمة تولد أزمة أخرى من اجتماعية إلى دبلوماسية، لا يمكن الاستمرار في الوقوف دون تحرك وإصلاح وحلول جذرية تنقذ البلاد من التغيرات ونتائجها، لاعتبار أن قضية التغيرات المناخية هي قضية إنسانية سواءً أكانت محلية أو وطنية أو عالمية.