اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء
لطالما كان تلوث الهواء من أكبر الأخطار التي تهدد الصحة البشرية، فقد تسبب التلوث بقتل أكثر من ستة ملايين شخص كل عام حول العالم
مركز الأخبار ـ .
لفتت الجمعية العامة للأمم المتحدة انتباه العالم لأهمية نظافة الهواء ونقاوته، واعتمدت يوم السابع من أيلول/سبتمبر من كل عام يوماً عالمياً لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، وكانت الجمعية اعتمدت قرارها رقم 47/212 في عام 2019، وحثت من خلاله إلى تحسين نوعية الهواء والتخفيف من الأسباب المؤدية إلى زيادة التغيرات المناخية، كما شجعت على زيادة اهتمام المجتمع الدولي بنقاوة الهواء من خلال التشديد على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتحسين نوعية الهواء والحد من تلوثه وبالتالي حماية الصحة البشرية.
تلوث الهواء أخطر الظواهر
يعد تلوث الهواء من أخطر الظواهر البيئية المهددة لصحة الإنسان وذلك للدور الخطير الذي تقوم به جزيئات الهواء الملوثة، فهي مسؤولة عن حوالي ثلث الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وسرطان الرئة وهذا ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وقد سجلت الدول النامية أعلى نسب بين الدول المتأثرة بتلوث الهواء خصوصاً داخل المباني حيث يشاع استخدام الحطب والكيروسين كوقود للطهي والتدفئة، وتعد النساء والأطفال وكبار السن من أكثر الفئات السكانية تعرضاً لخطر تلوث الهواء، فقد سجل في عام 2016 ما يقرب 600 ألف حالة وفاة بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15عاماً، وتعزى حالات الوفاة إلى الآثار المشتركة بين تلوث الهواء والمحيط وتلوث الهواء داخل المنازل.
وقد شكل تلوث الهواء مشكلة عالمية ذات آثار بعيدة المدى نظراً لانتشاره لمسافات بعيدة دون وجود تدخل حازم للتصدي له، حيث يتوقع أن الوفيات المبكرة الناجمة عنه ستتجاوز 50% بحلول عام 2050 بسبب الأمراض غير السارية وفقاً للبنك الدولي الذي أكد أن تلوث الهواء يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من خمسة تريليون دولار.
وبحسب البنك فأن الدول الخمسة عشر التي لديها أعلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تقدر تكلفة الآثار الصحية لتلوث الهواء بما يزيد عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك فإن الالتزام بتنفيذ اتفاق باريس بشأن المناخ يمكن أن ينقذ أكثر من مليون شخص سنوياً بحلول عام 2050.
وبينما يحاول العالم التعافي من جائحة كورونا يحتاج إلى إيلاء اهتمام أكبر بكثير بمشكلة تلوث الهواء الذي يزيد أيضاً من المخاطر المرتبطة بكوفيد -19، حيث أدت عمليات الإغلاق التي تمت اتخاذها عام 2020 إلى انخفاضات هائلة في الانبعاثات، مما وفر قليلاً من الهواء النقي في العديد من المدن.
أساس منطقي اقتصادي وصحي في اتخاذ التدابير
على الرغم من ارتفاع تكاليف خفض تلوث الهواء نظراً لآثاره الضارة على الاقتصاد وعلى إنتاجية العمل بالإضافة إلى تكاليف الرعاية الصحية، إلا أنه يوجد أساس منطقي على الصعيد الاقتصادي لاتخاذ تدابير فعالة لمعالجة تلوث الهواء، حيث تشكل نوعية الهواء الرديئة تحدياً لجميع الدول في سياق التنمية المستدامة ولا سيما في المدن والمناطق الحضرية في الدول النامية.
فمستويات تلوث أعلى من القيم الحدية العليا التي تحددها المبادئ التوجيهية لنوعية الهواء التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، فبعض ملوثات الهواء مثل الكربون الأسود والميثان والأوزون السطحي هي أيضاً من ملوثات الهواء قصيرة الأجل، لكنها تتسبب بنسب مرتفعة من الوفيات، فضلاً عن آثارها الضارة على المحاصيل الزراعية وبالتالي على الأمن الغذائي، وبذلك فإن الحد من تلوث الهواء يحقق فوائد مناخية.
مبادرة "الهواء النظيف"
هناك نحو ثلاثة مليارات نسمة يحرقون الحطب والرزق والمخلفات الزراعية واللحم على نيران مكشوفة أو مواقد مسربة للدخان لأغراض الطهي والتدفئة.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فأن الهواء الملوث يتسبب بـ 7 ملايين حالة وفاة مبكرة منها 600 ألف طفل، لذلك قامت بالاشتراك مع الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وتحالف المناخ والهواء في 24أيلول/سبتمبر عام 2019، بإطلاق مبادرة "الهواء النظيف"، ودعت من خلالها الحكومات الوطنية وغير الوطنية وعلى كافة المستويات للانضمام إلى المبادرة.
حيث تدعو إلى الالتزام بتحقيق جودة هواء آمنة للمواطنين، بالإضافة إلى مواءمة سياسة تغير المناخ وتلوث الهواء بحلول عام 2030، كما يمكن للحكومات الانضمام إلى مبادرة الهواء النظيف من خلال الالتزام بإجراءات محددة منها تنفيذ سياسات جودة الهواء وتغير المناخ التي ستحقق القيم التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية بشأن جودة الهواء المحيط، بالإضافة لتنفيذ سياسات وإجراءات التنقل الإلكتروني والتنقل المستدام بهدف إحداث تأثير حاسم على انبعاثات النقل البري.
وتم في المبادرة تقييم عدد الأرواح التي يتم إنقاذها والمكاسب الصحية لدى الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى بالإضافة للتكاليف التي يتم تجنب انفاقها، وقد انضمت حكومات من 138 دولة إلى مبادرة الهواء النظيف.