الجفاف... يخلف الملايين من الجياع حول العالم

يضرب الجفاف مساحات واسعة من الأرض، مسبباً كوارث لا تحصى تلقي بظلالها بشكل مباشر على حياة الآلاف من الأشخاص وخاصة أولئك الذي يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي.

مركز الأخبار ـ تنضب بحيرة هنا وتجتاح اليابسة مساحات كبيرة هناك، وتنتشر حرائق في أماكن عدة فيما يفقد الآلاف من الأشخاص مصادر رزقهم المعتمدة على الطبيعة، كلها تداعيات الاحتباس الحراري والتدمير البشري للحياة.

يسير العالم نحو الهلاك بسبب التغيرات البيئية الكبيرة خاصة في السنوات الأخيرة، ويمكن القول بأن الثورة الصناعية التي عرفت في أوروبا ما بين عامي (1760-1850)، شكلت منعطفاً خطراً في حياة البشرية، هذه الثورة لا تعدو عن كونها امتداداً للرأسمالية التي حولت البيئة لأحد أهم وأبرز ضحاياها.

تم استغلال البيئة بأكثر الصور همجية، وأحد أبرز هذه الصور الارتفاع الغير مسبوق لدرجات الحرارة والذي أدى إلى حرائق ودرجات حرارة مرتفعة صيفاً تتخطى ما يمكن لبشر تحمله، كما أن ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، يهدد بفقدان 8 بالمئة تقريباً من سكان الأرض لمنازلهم بسبب الفيضانات المرتقبة.

أحد أوجه التغيرات المناخية الجفاف الذي يضرب جميع أنحاء العالم وللمفارقة أوروبا السبب فيما آلت إليه الحياة على الأرض، أحد ضحايا تداعيات تغير المناخ.

وتشهد أوروبا أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، تهدد حوالي ثلثي القارة بحسب ما أعلن عنه المرصد العالمي للجفاف وفق أحدث تقرير له، هذا التقرير كشف أن 47 بالمئة من القارة التي تضم أكثر من 50 بلداً في حالة إنذار بالجفاف و17 بالمئة في حالة تأهب ووصف حال البيئة هناك بأن "التربة جافة، وتظهر علامات الإجهاد على الغطاء النباتي". محذراً من جفاف أنهار أوروبا.

وخلال السنوات الـ 5 الأخيرة انخفضت توقعات الاتحاد الأوروبي للحصاد بنسبة 16 بالمئة للذرة و15 بالمئة لفول الصويا، كما خلفت موجة الحر الشديدة هذا العام ضغطاً على مستويات المياه في جميع دول الاتحاد الأوروبي.

 

أفريقيا أكثر المتضررين

في بداية آب/أغسطس الجاري حذرت منظمة الصحة العالمية من حالات انعدام الأمن الغذائي في القرن الأفريقي، وقالت إن هذه المنطقة تشهد واحدة من أسوأ المجاعات خلال الأعوام السبعين الماضية، وأن نحو 37 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي والسبب الرئيسي والمباشر هو الجفاف.

ومضت أربعة مواسم لم تهطل فيها الأمطار، لتتفاقم مشكلة الجفاف، كما أن انعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان وصل إلى أقصى مستوياته منذ عام 2011، فهنالك 8.3 مليون شخص، أي 75% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يزيد من الهجرة السكان بحثاً عن الغذاء والمراعي.

أزمة الجفاف ليست بجديدة على مختلف البلدان الأفريقية ففي عام 2011 واجهت شعوب تلك المناطق مجاعة سببها الجفاف الشديد الذي ضرب شرق أفريقيا بالكامل، والذي صنف على أنه أشد جفاف يضرب المنطقة منذ أكثر من 60 عاماً.

وسبب هذا الجفاف أزمة غذاء في كل من الصومال وإثيوبيا وكينيا وهدد حياة أكثر من 12 مليون إنسان. ولم تكن جيبوتي والسودان وجنوب السودان وبعض أجزاء أوغندا بمعزل عن هذه الكارثة الإنسانية.

ومنذ الأشهر الأولى من هذا العام شهدت منطقة القرن الأفريقي جفافاً شديداً، ليكون نحو 13 مليون إنسان في إثيوبيا وكينيا والصومال ضحية للجوع الشديد. ولم تكن الأمطار التي هطلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بالنسبة المرجوة مما أدى إلى تدمير المحاصيل ونفوق أعداد كبيرة من الماشية بشكل غير طبيعي.

وما يزال الجوع آخذ في الازدياد مع تواتر موجات الجفاف التي تؤثر على القرن الأفريقي، مما دعا منظمة اليونيسيف لوصف وضع الأطفال والأسر في القرن الأفريقي بـ "المريع والبائس"، مؤكدةً أن ملايين الأرواح على حافة الهاوية.

وكشفت المنظمة العالمية أن نحو 5.5 مليون طفل مهددون بسوء التغذية الحاد بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم وهو ما ارتفع لـ 50 بالمئة مع احتباس هطول الأمطار في الأشهر الأخيرة كما توقعت المنظمة.