"طاولة فن" مشروع يحتضن المواهب النسائية في غزة

تعطي منى الشوا للنساء العديد من الدورات التدريبية حول كيفية تصميم المشغولات اليدوية التي تعطيها لهن، لتستطعن دعم الموهبة بالفن كما فعلت هي في بداية عملها.

رفيف اسليم

غزة ـ تتبادل منى الشوا الحديث مع عدد من الفتيات حول كيفية تصميم قطعة الحلي، سواء من الحديد أو الفضة وغيرها من المواد المستخدمة، في متجر لبيع كافة المشغولات اليدوية المصنوعة بأيدي نسوية اختارت أن تطلق عليه اسم "طاولة فن"، لتجتمع على تلك الطاولة قصص النساء ومواهبهن، وسط جو تفاعلي ينمي الموهبة ويساهم في تخفيف الضغط.

كانت بداية عمل منى الشوا من خلال رحلات سفرها إلى مصر، عندما وجدت في أسواقهم أنواع عديدة من الخرز والمواد الخام تصلح لأن تكون حلي أجمل من تلك المستوردة وبأسعار ملائمة للجميع، لافتةً إلى أنها في ذلك الوقت كانت تكتفي بتجميع المواد الخام لتصنع قطع صغيرة لها.

وأشارت إلى أن من حولها أعجبوا بتلك المشغولات اليدوية التي تصنعها، الأمر الذي دفعها للبدء بمشروعها الخاص الذي واجهت خلال التحضير له عدة عقبات، منها تحويل المكان من ملكية خاصة لتجاري، وفتح سجل في الغرفة التجارية، مشيرةً إلى أن تلك التعقيدات قد تجعل الكثير من الرياديات تتراجعن، أما بالنسبة لها فالأمر استغرق عدة أشهر، لذلك كانت البداية عبر الإنترنت ومن ثم انتقلن لمكان عملهن.

ولفتت إلى أنها لم تكن ترغب بفتح ذلك المتجر لنفسها فقط لأنها شعرت بأن الكثير من النساء تحتجن لمساحة إثر الضغط المستمر الذي تواجهنه سواء بسبب العوامل الاقتصادية أو الهجمات المتكررة على القطاع، فأرادت أن تكون هي المنارة التي تنطلق منها النساء نحو ممارسة هواية مفيدة تجلب المال وتساعدهن على تحمل ضغوطات الحياة.

وأوضحت أن هناك قواعد للمكان أهمها أن يتم التخلص من الحزن والتوتر خارج القاعة الصغيرة، وأن لا تتبادلن القصص الموجعة التي لا أمل من الوصول إلى حل لها، موفرة للنساء العديد من الدورات التدريبية التي تعطيها لهن، لتستطعن دعم الموهبة بالفن كما فعلت هي في بداية عملها.

انطلقت منى الشوا كهاوية تتصفح فيديوهات اليوتيوب لكن مع الوقت شعرت أنها بحاجة لمدربة تصحح بعض الأخطاء لديها من خلال حيل معينة فلجأت لمدربة روسية اسمها ساشا، ساعدتها على إنتاج عدة أشكال جديدة من المشغولات اليدوية، والتخلص من الخيوط بطرق مخفية غير مؤذية للعين، كما مكنتها في العمل على النول.

وأشارت إلى أن النول هي أداة تراثية قديمة استخدمت منذ عصر الكنعانيين، وأعادت هي استخدامها مرة أخرى من خلال صنعه عند أحد النجارين، لأن تكلفته كمستورد أعلى بكثير فأرادت بذلك توفير النفقات، لافتةً إلى أنها مع مرور الوقت أصبحت خبيرة بأنواع الخرز المستخدم وأحجامه فهناك التشيكي والياباني والصيني، وكذلك أنواع الخيوط المستخدمة وطولها والكريستال والأحجار الكريمة والأسلاك أيضاً.

 

 

واعتبرت منى الشوا تلك الطاولة التي استوحت ألوانها من البحر مكان مفتوح للنقاش في كيفية صنع كل قطعة حلي بعد تصميمها على الورق، خاصةً أنها تثق بالطاقات الشابة لذلك تحاول أن تفتح المجال لخيالهن وإبداعاتهن في التعليق على الألوان والخامات المستخدمة والإضافات التي قد تجعل القطعة أكثر جمالاً.

ونوهت إلى أن النساء تساعدن بعضهن البعض من خلال تلك التعليقات أو عبر تنفيذ حيل مختلفة قد تعلمنها مسبقاً من أماكن مختلفة، لتصبحن بذلك فريق عمل متكامل لا تحكمه سوى الموهبة، فقد تجلس فتاة في الرابعة عشر من عمرها بجانب امرأة أربعينية تعلمها وتضيف لخبراتها والعكس صحيح دون أن تشعرن بحرج، مستفيدات من اهتمامات واحتياجات كل جيل على حدى.

ومن التحديات التي تواجها منى الشوا صعوبة الحصول على المواد الخام في بعض الأحيان وارتفاع ثمنها، بالتالي ارتفاع ثمن القطعة الأمر الذي قد لا يتقبله جميع الزبائن، إضافةً إلى ارتفاع ثمن الشحن للخارج الذي يضاهي ضعف تكلفة صنع القطعة الواحدة، فيستمر توريد المنتجات محلياً فقط، ولا تستطيع إرسالها للخارج.

ومن جانبها قالت إحدى العاملات في مشروع طاولة فن، أفنان عمر إن البداية كانت من خلال تدريب تصميم المجوهرات الثمينة، فالتحقت بالمكان كونه يدعم المواهب الفنية وأصبحت جزء منه، لافتةً إلى أنها قبل البدء كان لديها فكرة بسيطة عن مشغولات الخرز فطورتها، وعملت أيضاً على صنع المشغولات الأخرى ككتابة الأسماء من الفضة والنشر وغيرها من التقنيات.

وأحبت الفكرة لأنها ترى نفسها شخص بصري يعجبه تشابك الألوان والمخرج النهائي الذي قد ينتج بعد ساعات من العمل، معتبرة "طاولة فن" مكان ترفيه وليس مقر عمل يحتكم للعديد من القيود، خاصةً أن لكل فتاة مساحتها الخاصة التي تبدع من خلالها.

وتضم طاولة فن كافة أنواع الحلي التي قد تحتاجها أي امرأة فمن القلائد للأقراط حتى الخواتم كل شيء موجود وبخامات وألوان مختلفة، وصولاً لبعض الأحجار الكريمة والكريستال، إضافةً إلى حلي المنزل كالمكرميات والتطريز والرسم على الزجاج والميداليات وغيرها.