صباح ناصر تعمل منذ 10 أعوام في بيع البضائع على دراجة بثلاث عجلات

رغم العادات والتقاليد الاجتماعية التي تفرض قيود العبودية على النساء، إلا أن صباح ناصر تمكنت من كسر هذه العادات والتقاليد. وهي تقود منذ 10 أعوام دراجة بثلاث عجلات وتبيع البضائع لتؤمن معيشة أسرتها

رونيدا حاجي
الحسكة ـ .
تعاني النساء بشكل عام من القيود والعادات والتقاليد البالية التي يفرضها عليها المجتمع في غالب الأحيان، حيث تحرم المرأة من ممارسة حقوقها في العديد من المجالات، ومنها العمل. ويفرض على النساء التزام المنازل واستخدامها كأي أداة أخرى وحرمانها من المشاركة في الإنتاج. أما النساء اللواتي تحاولن كسر هذه القيود والعادات البالية فيتم نبذهم تحت أسماء وحجج مختلفة مثل الدين، والعار والعادات والتقاليد. العديد من النساء أقدمن على الانتحار جراء هذه العادات والتقاليد الاجتماعية البالية، فيما اختارت العديد منهن المقاومة والتصدي لهذه التقاليد. 
صباح ناصر امرأة تبلغ من العمر 37 عاماً من أهالي حي خشمان بمدينة الحسكة في شمال شرق سوريا. صباح كسرت جميع العادات التقاليد الاجتماعية، وتعمل منذ نحو 10 أعوام على قيادة دراجة بثلاث عجلات أو ما يعرف بـ "الطريزينة" تستخدمها لبيع البضائع في أحياء مدينة الحسكة. وتفتخر صباح بعملها هذا الذي يعتبر مصدراً لتأمين معيشة عائلتها وأولادها.
نظراً للعادات والتقاليد المتبعة فإن العديد من مجالات العمل، والعديد من المهن تعتبر خاصة بالرجال ويمنع على النساء الاقتراب من هذه المهن ومزاولتها. ومع انطلاق ثورة روج آفا، بدأت النساء رويداً رويداً بكسر وتحطيم هذه العقلية. النساء اللواتي بتن على وعي كامل بحقوقهن بدأن بالخروج من القوالب المفروضة عليهن.
صباح ناصر تحدثت لوكالتنا عن تجربتها في مجال عملها.
 
كفاح ضد العادات والتقاليد الاجتماعية
في مجتمع قائم على التمييز الجنسي، يتوجه المجتمع بشكل عام إلى نبذ ورفض نماذج النساء اللواتي تخرجن عن القوالب، كما فعلت صباح ناصر، حيث يعتقد المجتمع المهيمن إن كسر هذه القوالب يشكل خطراً على مجتمعهم. وحول هذا الموضوع تقول "عندما تزوجت كانت أوضاعنا المادية سيئة جداً، ولم نتمكن من إدارة شؤوننا وتأمين معيشتنا، ولم يتمكن زوجي من العثور على عمل. كنت أرغب منذ البداية بالعمل من أجل تحسين أوضاعنا المعيشية، وكنت أفكر بطريقة من أجل كسر العقلية التي ترفض خروج المرأة من أجل العمل. كنت أرغب بأن أكون امرأة رائدة في هذا المجال، وأن يكون لي دور فعال في هذا المجتمع، لذلك قررت أن أعمل وأن أؤمن معيشة عائلتي من جهدي وعملي. وقررت أن أتصدى للعادات والتقاليد الاجتماعية البالية، ومن أجل ذلك اشتريت دراجة بثلاث عجلات 
وبدأت بالعمل عليها. إذا كانت لدى الإنسان رغبة بعمل شيء ما، لا يمكن لأحد ان يمنعه من ذلك. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، أي منذ 10 أعوام وأنا أقود هذه الدراجة وأؤمن معيشة عائلتي من هذا العمل، وأنا فخورة بذلك وإرادتي قوية".
 
كان يجب أن يكون هناك امرأة قدوة
ونوهت صباح ناصر إلى أهمية دور المرأة في الحياة، وتقول "المجتمع الذي لا يعترف ولا يقبل أهمية دور المرأة، يبقى مجتمعاً متخلفاً. خروجي للعمل على هذه الدراجة ذات الثلاث عجلات، ألهم العديد من نساء الحي وعزز آمالهم، بأن الجميع يستطيع أن يعمل بحسب الإمكانيات المتوفرة. كان يجب أن يكون هناك امرأة قدوة في ذلك، حتى تزداد ثقة النساء بقدراتهن. إذا ما التفتنا إلى كلام الوسط المحيط بنا، فإننا لن نستطيع أن نفعل شيئاً، بل إن الأمر المهم هو أن نعمل. والمرأة وحدها هي التي يمكنها معرفة قيمة هذا العمل".
 
الإرادة تمنح القوة 
صباح ناصر تصطحب معها ابنتها زينب إلى العمل، وتعلمها قيادة الدراجة ذات الثلاث عجلات، حتى تعتاد على العمل ولا تعتبره أمراً معيباً مستقبلاً. وتضيف "خلال أشهر الصيف أبيع الجليد، وفي باقي أشهر السنة أبيع مستلزمات الأطفال، والخضار والفواكه. وعندما تتعطل الدراجة أقوم بتصليحها بنفسي. حالياً أصطحب معي ابنتي زينب لكي تتعلم قيادة الدراجة، وحتى لا تشعر بالخجل مستقبلاً من هذا العمل. يجب ألا يكون أطفالي عبيداً للتقاليد والعادات. لقد تمكنت من خلال عملي هذا من تحسين وضعي المعيشي، وأرسلت أولادي إلى المدارس، كما قدمت خدمة للمجتمع، وساهمت في تعزيز عزم وإرادة العديد من النساء. لا يوجد ما يعيب عملي هذا، فلولا هذا العمل، من كان سيقدم لي المساعدة. لأكن أول امرأة تعمل على كسر العادات والتقاليد المفروضة علينا. إرادتي هي التي منحتني هذه القوة".