رغم الإحباط والرفض... تونسية تنجح في إنتاج السكر والعسل من نواة التمر
اختارت التونسية سلوى شمام إلى جانب عملها كمهندسة في مؤسسة عمومية، إنشاء تعاونية من أجل إنتاج السكر والقهوة والعسل من نواة التمر، فما هي التحديات والصعوبات التي واجهتها خلال مسار عملها؟.
زهور المشرقي
تونس ـ أكدت المهندسة سلوى شمام أن نشأتها في أسرة تهتم بما هو تقليدي وصحي في إعداد الأكل مكّنها من البدء بمشروعها في تحويل لب التمور ومشتقاتها إلى سكر وتمر وقهوة وعسل والتي لاقت ترحيباً واسعاً من حولها.
لم يكن مسار التونسية سلوى شمام محاطاً بالورود بل كان طريقاً محاط بالإحباط والرفض، كانت تخيط الأمل وكان الآخرون يزرعون أشواكاً بطريقها عبر الكلمة السيئة، لكنها لم تيأس وتتوقف في أول حاجز اعترضها، فعلى الرغم من الإمكانيات المنعدمة حاولت المضي وتسلق جبل وعر في فترة صعبة كان فيها حتى التسويق صعباً، سعت جاهدة بمفردها نزع الخوف الذي كان بداية النجاح.
وعملت سلوى شمام كمهندسة بإحدى المؤسسات العمومية التونسية، لكن شغفها دفعها عام 2019 لتنفيذ خطة حلم تراودها منذ الطفولة، ولأنها ابنة الجنوب التونسي ترعرعت في أسرة تهتم كثيراً بما هو تقليدي وصحي في إعداد الأكل.
وبدأت سلوى شمام بمشروعها في تحويل لب التمور ومشتقاته إلى سكر وقهوة وعسل أو ما يعرف برب التمر منذ بداية انتشار فيروس كورونا وانطلقت في رحلتها بتحويل هذه المنتجات بإمكانيات منعدمة وذاتية، لكن مشاركتها في المعارض المحلية مكّنها من التعريف بمشروعها وقد باتت اليوم مرجعاً في مجالها وتصدر إلى أفريقيا ولم يعد السوق التونسية ملاذها الأول.
وأكدت أنها حاولت الحفاظ على طريقة الأجداد والجدات لكنها حسنت فيها بما يتماشى مع النظام الصحي اليوم للتونسي والافريقي إضافة إلى تركيزها على التعليب الجيد "قدمت لكل مرحلة قيمتها ووضعت المنتج في مكانتها الحقيقية حتى لاقى هذا الطلب الاستحسان الواسع"، معتبرة أن خوضها هذه التجربة كان صعباً نتيجة غياب الدعم والتشجيع وعدم الإيمان بفكرتها التي أصبحت اليوم قصة نجاح ترويها لكل النساء حتى تنسجن على منوالها دون خوف واكتراث لتلك النظرة المجتمعية الدونية.
وأضافت أنها اكتشفت القارة السمراء عبر منتجاتها التي باتت تجول في العديد من الدول ولاقت ترحيب واسع "لقد باتت سوقاً مهمة، يجب أن نتعامل بشكل مهني مع هذه السوق التي ستكون المستقبل"، مشيرةً إلى أهمية دعم النساء وبشكل خاص صاحبات المشاريع الصغيرة لاعتبار ذلك يدعم توجه سياسة الحكومة في تكثيف دعم عمل النساء بعد أن أصبح سوق العمل شبه مذكرة بسبب العقلية الذكورية المحبطة لأحلام النساء.
وعن الصعوبات التي واجهتها، تقول إن "المجتمع يضع عراقيل أمام النساء، فكل الروايات سمعتها حين عزمت على بداية تحقيق حلمي، لا مستقبل لفكرتك، أين ستصلين، أين ستعرضين منتجاتك؟ انتِ مهندسة وهذا المجال في تحويل المنتجات ليس اختصاصك، ستفشلين، هذه الانتقادات جميعها حفزت شغفي لأكون اليوم ما أنا عليه، نزعت كل ما سمعت وانطلقت من راتبي الشهري، أعرف قيمة أفكاري وقيمة النخل وما أقوم به، كنت متأكدة من نجاحي قبل بدايتي وهذه الثقة كانت السبب في قوتي".
وأشارت إلى أنها حاولت تخطي العجز المادي لتثبت قدرتها كإمراه تونسية أفريقية على التألق "تركت ورائي اليوم قصصاَ نسائية أخرى في مجال تحويل المنتوجات المنزلية والمحلية في مدينة قبلي بالجنوب التونسي، قصتي ألهمتهن وأعتقد أنني حققت ما أردت بلوغه في تحفيزهن".
ودعت النساء إلى التمسك بما ترغبن في تحقيقه برغم الحواجز التي قد تكون هي الطريق للتشبث بحلمهن وتحدي النظرة المحبطة التي تحاول الاستنقاص من قدرتهن "عدت لحلم طفولتي حين وجدت الفرصة فترة انتشار فيروس كوفيد19قمت باستغلال الوقت والانطلاق برغم أنني لم أجد الدعم إطلاقاً ولم يؤمن بي أي طرف ولم اسمع كلمة تشجيع واحدة تقول إنني قادرة وهذا أعطاني قوة مضاعفة".
وفي ختام حديثها قالت سلوى شمام "اليوم لدي القدرة على مواجهة أي صعوبات قد تعترضني، أخذت طريق المخاطر ولم أتوه بل نجحت واكتسبت الخبرة وصنعت ذاتي التي أحب بعيداً عن أي ضوضاء محبطة "كنساء يجب علينا طرد الخوف، والإقبال على المغامرة في إنشاء المشاريع من أجل إثبات ذواتنا وتحقيق الاستقلالية، وحتماً سيكون النجاح حليفنا".