نازحو زركان يجمعون الخبيزة والخردل في حقول تل تمر
نتيجة لهجمات الدولة التركية المحتلة على سوريا تجزئت مدنها، وفي الاجتماعات التي انعقدت لحل الأزمة السورية
اضطرت ملكة محمد للفرار والنزوح من قرية تل الورد بناحية زركان بسبب القصف على القرية واستقرت في مدارس تل تمر، وبدأت الآن في جمع نبات الخبيزة والخردل، "إن البديل عن عدم تناول الخضار والفواكه والأطعمة الأخرى هو جمع نبتة الخردل وطهيها وهي لذيذة وصحية".
سوركل شيخو
الحسكة ـ ، تم التخطيط لمشاريع الاحتلال والتغيير الديموغرافي. وبعد أن احتلت الدولة التركية مدينتي سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض في شمال وشرق سوريا في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، اقتربت من حدود ناحية تل تمر وزركان. فالدولة التركية التي لا تحترم الاتفاقات الدولية واتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بينها وبين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تقصف يومياً القرى التي يعيش فيها المدنيين، ودمرت العشرات من المدارس على خط النار وتسببت في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
في قرية تل الورد الواقعة بين زركان وتل تمر والتابعة لناحية زركان، يقاوم المدنيين منذ أكثر من عامين أمام القصف، ولكن في الآونة الأخيرة اضطرت عدة عائلات إلى الفرار من منازلها والنزوح والتوجه إلى تل تمر بسبب القصف العنيف. تم إيواء النازحين في مدرسة سيف الدولة، حيث أهملتهم المنظمات الإنسانية. تتوجه النازحة ملكة محمد مع مجموعة من النساء كل بضعة أيام إلى الحقول الواقعة على ضفاف نهر الخابور ويجمعن نبات الخردل.
"البشر والحيوانات والطبيعة يقعون ضحية المحتلين وقذائف العصابات"
وعن ألم الهجرة القسرية من مدينتها تقول ملكة محمد "اضطررنا للنزوح بسبب القصف العنيف على القرية التي كانت تقصف باستمرار واستخدم المحتلون الأسلحة الثقيلة. وقبل أن ننزح كنا نعيش على ضفاف نهر زركان ونحاول حماية أنفسنا من دون طعام وشراب. لكن ذلك لم يعد آمناً وكان هذا الوضع صعباً جداً على أطفالنا. فالوضع في القرية وتل تمر قريب من بعضهما البعض تقريباً، ولا يختلف في شيء. كما قتل العديد من أغنامنا في قصف المحتلين الأتراك والعصابات. ولأن القذائف لا تفرق بين البشر والحيوانات، يستهدفون أياً كانوا وأينما كانوا".
"عند شروق الشمس يكون لدينا ضوء، ولكن معظم ليالينا في الشتاء عاتمة"
أوضحت ملكة محمد أن الاحتلال التركي ألحق أضراراً كثيرة بأراضيهم الزراعية وممتلكاتهم "لقد تضررت منازلنا وممتلكاتنا بشدة، ودُمر معظمها. فإذا ما نظرت إلى القرية، سيكون واضحاً حجم الكارثة التي تسبب فيها المحتلون. أصبحت أرضنا الزراعية أرضاً محرمة لا نستطيع الاقتراب منها، لأن جزء منها محتلة والجزء الآخر واقع على خط النار. كيف سيعيش من ليس لديهم أرض؟ ليس الجميع أصحاب وظائف، لذلك من هم مثلنا يكسبون رزقهم من الزراعة. الوضع الاقتصادي أصبح صعباً، وعبئنا أصبح ثقيلاً. لا توجد كهرباء في المدرسة، استقدمت منظمات الإغاثة لنا الأنوار قبل بضعة أشهر وهي أيضاً تعمل على الطاقة الشمسية. فإذا ما كانت هناك شمس يكون ليلنا مضيئاً وإذا لم تشرق الشمس نبقى في ظلام دامس. ولأننا في فصل الشتاء ولا توجد شمس كل يوم، فإننا لا نرى الضوء ليلاً في اليوم الذي لا تشرق فيه الشمس".
"جمع الخبيزة والخردل من الحقول"
أشارت ملكة محمد إلى أنه مع هطول الأمطار نمت الحشائش والنباتات البرية وأنهم بدأوا في جمعها "خلال فصل الشتاء، تنمو العديد من الأعشاب البرية مثل الخبيزة والخردل والعديد من الأنواع الأخرى. الآن أتينا لجمع الخبيزة والخردل. في الأيام الماطرة لا نأتي، ولكن في باقي الأيام نأتي كل بضعة أيام إلى حقول القمح والشعير ونجمع الحشائش. تنمو الخبيزة في مثل هذه الأيام ولا تعمر كثيراً، تعمر شهرين فقط تم ينتهي موسمها. وطهيها أيضاً سهل، فنحن نجمع الحشائش وننظفها ثم نفرمها ونضعها في الماء الساخن. وبعد الغلي نصفيها من الماء ونعصرها ونقطع بصلة مع الفلفل الأحمر والأسود، ونخلطها معاً ليصبح طعاماً لذيذاً تفوح منه رائحة شهية. من ناحية أخرى تلك النباتات والحشائش علاج للأمراض. الزراعة قليلة هذا العام ويرجع ذلك إلى نقص نسبة المياه في نهر الخابور أيضاً. البديل عن نقص الخضار والفواكه والأطعمة الأخرى هو جمع نبات الخردل وطهيه، وهو طعام لذيذ وصحي".
"انتظر هذه البشرى"
وقالت ملكة محمد في ختام حديثها "أين من هم في منازلهم من أولئك الذين هم في محنة؟ هناك فرق كبير بينهم. نحن نعيش على أمل العودة إلى القرية. كل يوم نقول ربما تم إيجاد حل وننتظر تلك البشرى السارة بأن الغزاة غادروا أرضنا ونعود إلى حياتنا الطبيعية. نتمنى أن تنتهي هذه الحرب وأن يعود الجميع إلى موطنهم. حتى الآن نحن في تل تمر ولكن مرة أخرى عندما يحدث القصف يصرخ أطفالنا ويبكون وهم الآن يعانون من أمراض نفسية. هل هناك من لا يريد الأمان والسلام؟ نتمنى أن ينتهي هذا الوضع قريباً".
https://www.youtube.com/watch?v=gyXz-jiNXlg