مصنع رياديات الريف... منفس النساء المهمشات هرباً من الفقر في غزة

تعمل النساء في مصنع رياديات الريف من أجل توفير قوت عوائلهن وتأمين متطلباتهم الأساسية بدلاً من العوز وطلب المساعدات، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة في غزة.

نغم كراجة

غزة ـ منذ تفشي فايروس كوفيد-19 والنساء أحدثن ثورة اقتصادية في كافة مجالات العمل من أجل إعالة أسرهن وتلبية احتياجاتهم في ظل عدم وجود مصدر دخل للعائلة، ومن هذا المنطلق انطلق مصنع رياديات الريف وفتح باب العمل لأكثر من 15 امرأة.

قالت عضو إدارة شركة رياديات الريف إيمان كالي "مصنع تستهدف مجموعة من النساء اللواتي تمكثن في المناطق المهمشة وتهدف فكرة العمل الأساسية إلى توفير فرص عمل تمكن النساء من توفير قوت أسرهن بسبب استياء الظروف الاقتصادية"، مشيرةً إلى أن طاقم إنشاء الشركة مكون من خمسة نساء خريجات جامعيات لم يحالفهن الحظ في سوق العمل.

وأوضحت أن المصنع يستهدف النساء والفتيات اللواتي لم تنهين تعليمهن بسبب تعرضهن للكثير من الحرمان والظلم والعنف، إلى جانب ذلك أنهن معيلات لعوائلهن بالدرجة الأولى والمسؤولية ملقاة عليهن بالكامل "قمنا بإنشاء المصنع في وادي السقا الذي يفتقر لخدمات متعددة، وتعاني منه المرأة كونها تقطن في منطقة مهمشة خالية من الإمكانيات والحياة المعيشية".

وعن فكرة العمل أوضحت "نقوم بشراء الفواكه والخضروات عند انخفاض أسعارها ووفرتها في الأسواق وحسب مواسمها كالفراولة والبلح والرمان والبقوليات وغيرها ومن ثم غسلها وتخضيرها ووضعها داخل ثلاجات التبريد حتى يزيد الطلب عليها وتباع بسعر مضاعف لشحها في الأسواق".

وحول التحديات التي واجهتهم قالت "نعاني من ضيق المساحة حيث أننا لا نستطيع إنجاز كميات كبيرة لعدم وجود مساحة لأعداد النساء كذلك قلة المواد والمعدات بسبب قلة التمويل، ونسعى أن نمول أنفسنا دون حاجتنا لأي دعم، كذلك الأجور التي تحصل عليها النساء العاملات ضئيلة"، مشيرةً إلى أن قانون العمل غير مطبقة بنودها في القطاع والتي تنص على العمل لمدة ٦ ساعات يومياً مقابل 50 شيقل فما أكثر.

وعن الخطة التطويرية القادمة أوضحت "سنسعى جاهدين إلى توسيع صالة الإنتاج والحصول على خط إنتاجي متكامل يشمل إضافات جديدة لتحسن العمل، وزيادة عدد النساء العاملات خاصة اللواتي تبحثن عن أي فرصة عمل تدبر احتياجاتهن وتحفظ كرامتهن".

وأشارت إلى أن المرأة الريفية مضطهدة أكثر من غيرها كونها تعيش في بيئة تنصاع للعادات والتقاليد "تتحمل المرأة الريفية ما لم يتحمله الرجل حتى تستطيع تدبير شؤون الأسرة وتجهد ذاتها في العمل وتتعرض للكثير من المخاطر، فضلاً عن التسول وتعاطف الآخرين".

 

 

لم يكن بوسع نوال أبو هداف البالغة من العمر ٤٨ عاماً أن تقف مكتوفة الأيدي تنظر إلى عائلتها التي نهشها الفقر والعوز، فوجدت إعلان مصنع رياديات الريف عن حاجتهم لعاملات هو فرصة لها كون المعلن عنه لا يحتاج شهادة تعليمية أو خبرة.

وأوضحت أنها تعاني العديد من الضغوطات ما بين النفسية والاقتصادية حيث أنها تعمل بشكل مكثف وتحت أي ظروف تطرأ عليها من أجل تأمين علاج أبنائها ذوي الاحتياجات الخاصة ومن الجانب الآخر زوجها عاجز عن العمل لما يعانيه من لآلام في العظام "وصلت إلى حد اللامبالاة وأتغاضى التعب واستياء أحوالي الصحية حتى أستطيع حمل المسؤولية الملقاة على عاتقي".

وعن طبيعة عملها في المصنع قالت "أقوم بتنظيف المنتجات أيا كانت سواء خضراوات أو فواكه ومن ثم غسلها جيداً ووضعها داخل أكياس مخصصة للتخزين ومن ثم وضعها على الميزان قبل إدخالها ثلاجة

التجميد"، مشيرة إلى أن العمل شاق في بعض الأحيان خاصة عن تجهيز كميات كبيرة وتقضي ساعات طويلة في الدوام.

 

 

ومن جانبها تجد محاسن عواد البالغة من العمر 42 عاماً أن فكرة العمل للنساء أياً كانت هي أفضل من العوز وطلب الحاجة، وإن القطاع يزاد سوء أوضاعه الاقتصادية بين الحين والآخر، وفي ظل انعدام الإمكانيات الصحية والتعليمية في وادي السلقا تحديداً "لقد زاد الفقر العبء على المرأة الفلسطينية المحاصرة بسبب تحملها مسؤوليات فوق طاقتها ومقدرتها".

وأوضحت "لا أستطيع أن أمكث في البيت طويلاً دون عمل، بالرغم من أنني أعمل تسع ساعات يومياً وأجني مبلغاً لا يتجاوز 20 شيقل أي يكفي المطالب الأساسية فقط وغالباً لا تكفي".

وأشارت إلى أنها تعيل ثلاث من أبنائها ذوي الاحتياجات الخاصة وآخر يحتاج إلى عملية زراعة قرنية مما يضطرها الأمر إلى الذهاب للمشفى كل يومين تقريباً وهذا دفعها للعمل بشكل إضافي في حال أحتاج المصنع لعاملات تعملن بعد ساعات الدوام "أبذل قصارى جهدي حتى أتمكن من سد الحاجات الضرورية، وفي الحقيقة المرأة دائماً هي رمزاً للصمود والتحمل".