مركز لصناعة مؤونة الشتاء يوفر إنتاج محلي وفرص عمل لنساء معيلات
أثقل الفقر وشح فرص العمل والاعتماد على المساعدات الإنسانية كاهل الكثير من النازحات في إدلب، ودفعهن للبحث عن مشاريع تساعد أسرهن للتخلص من هذا الهاجس والاعتماد على الذات.
لينا الخطيب
إدلب ـ تعتمد النازحات على أنفسهن من خلال مشاريعهن الخاصة، ما يزيد قدراتهن على الإنتاج ويجعلهن قادرات على إعالة أسرهن، والاستغناء عن المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الأرامل اللواتي يقع على عاتقهنّ مسؤولية رعاية أطفالهن.
الفقر والنزوح دفع النازحة جميلة دياب البالغة من العمر 32 عاماً التي نزحت من مدينة خان شيخون إلى مدينة إدلب، إلى الاعتماد على ذاتها فقد عجزت عن إيجاد فرصة عمل بعد إصابة زوجها في الحرب، فقررت أن تؤسس عملها الخاص من خلال افتتاح مشروع لصناعة كل أعمال المونة الشتوية من المواد الغذائية، بهدف تأمين دخل لأسرتها المكونة من ستة أفراد.
وقالت "كنت عاطلة عن العمل، كحال معظم النساء، ونشكو سوء أوضاعنا، فخطرت لي فكرة افتتاح مشروع داخل منزلي لإعداد مؤونة الشتاء من المواد الغذائية، وطرحت الفكرة على النساء المعيلات، وبدأن العمل"، وأشارت إلى أن موسم عمل النساء داخل المشروع يبدأ من شهر تموز ويستمر حتى نهاية فصل الخريف.
وعن الأصناف التي تعمل النساء على إعدادها في المشروع قالت "الملوخية والمكدوس والبرغل ودبس البندورة والعصائر والمربيات والمخللات ودبس الرمان، إلى جانب تجفيف البامية والباذنجان، كلها أصناف من المؤونة المخزنة داخل بيوت أهالي إدلب، لذا يزداد الطلب عليها في فصل الصيف بشكل أكبر عن بقية أيام العام".
وأوضحت أن أكبر الصعوبات التي تواجهها النساء هو غلاء أسعار الخضار، الأمر الذي يحول المونة إلى عبء مادي على ذوي الدخل المحدود، ما دفع الكثير من الأسر إلى التخلي عنها أو شراء كميات قليلة منها.
مريم المعراتي البالغة من العمر 29 عاماً نازحة من بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوب، أم لثلاثة أطفال، فقدت زوجها في الحرب منذ أكثر من عامين، وهي إحدى المساهمات في المشروع.
وعن استفادتها من المشروع قالت "كنت سابقاً أعتمد على المساعدات المالية والإغاثية، ولكن المشروع ساعدنا رغم بساطته على خلق فرصة عمل وتحسن أوضاعنا المعيشية، وانتقل بنا من مرحلة الاستهلاك والعوز إلى الإنتاج والاعتماد على أنفسنا في كسب لقمة العيش الكريمة".
وأشارت إلى أن العمل ملأ وقتها بما هو نافع ومفيد، فيما كانت سابقاً تشعر بالملل في أوقات الفراغ، كما تشيد بهذا العمل لإمكانية مزاولته من المنزل، وبالتالي حماية أنفسهن من التعرض للمخاطر في ظل سوء الأوضاع الأمنية في المنطقة.
أما روان الغنوم البالغة من العمر 23 عاماً نازحة من بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، وتقيم مع عائلتها في منزل غير مجهز بمدينة إدلب، تشارك في العمل لتحصيل نفقات دراستها في معهد إعداد المدرسين، وعن ذلك قالت "أجني من عملي مبلغاً من المال يساعدني على الإنفاق على دراستي، دون أن أثقل كاهل أسرتي التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، جراء نزوحنا من بلدتنا نهاية عام 2019، والارتفاع القياسي في الأسعار، وشبه انعدام المساعدات الإنسانية".
وأوضحت إنها تطمح لإتمام دراستها لتحصل على وظيفة براتب ثابت، تساعد من خلاله أهلها في تأمين متطلبات الحياة.
وتقبل المعلمة سناء العباس البالغة من العمر 36 عاماً من مدينة إدلب، على شراء مونتها من "مؤونة الشتاء" التي تؤمن كل ما نحتاجه من مؤونة بأسعار مناسبة ونظافة وجودة.
وأشارت إلى أنها في ظل الغلاء والواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه، تفضل شراء المونة بكميات قليلة على إعدادها في المنزل، كما أن الكثير من الأسر استغنت عن المونة، فمن الصعب استدانة مبلغ لشراء المونة وسيكون من الصعب تسديده لاحقاً.
وأكدت أن إنشاء النساء مشاريعهن الخاصة، يزيد قدراتهن على الإنتاج ويجعلهن قادرات على إعالة أسرهن، والاستغناء عن المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الأرامل اللواتي يقع على عاتقهنّ مسؤولية رعاية أطفالهن. فهذه المشاريع تعد فرصة بالنسبة لهنّ لإثبات قدراتهن على إعالة أسرهن، بعيداً عن براثن العوز والحاجة".