منبج... نقلة نوعية في واقع المرأة نحو الاستقلال الاقتصادي

حققت النساء في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا استقلالهن الاقتصادي من خلال العمل في المعامل.

سيلفا الإبراهيم

منبج - شكلت النهضة الصناعية في مدينة منبج نقلة نوعية في واقع المرأة من خلال توفير فرص عمل لها، للاعتماد على ذاتها وتحقيق استقلالها الاقتصادي.

تعرف مدينة منبج في شمال وشرق سوريا بأنها منطقة زراعية، ولكن مؤخراً ونظراً لتوافد عدد كبير من السوريين في سنوات الأزمة إلى مدينة منبج لما تشهده من أمن واستقرار، شهدت نهضة صناعية في خطوط الإنتاج والذي واكب معه توفير فرص عمل للنساء اللواتي لطالما كان الاستقلال الاقتصادي إحدى أهدافهن في إدارة ذواتهن وأسرهن، وهذا ما أكدته الرئيسة المشتركة لغرفة الصناعة في منبج سهام الحميدي.

 

عملها في المعمل مصدر دخل لعائلتها

في إحدى معامل مدنية منبج بشمال وشرق سوريا التقت وكالتنا مع العاملة عواش اليوسف وهي في العقد الخامس من عمرها أم لخمسة أطفال وقالت "أعمل في معمل تدوير أكياس النايلون منذ ما يقارب 6 أعوام، لإعالة اسرتي وتوفير مصدر دخل لهم".

وعن ساعات العمل أوضحت "تعمل النساء 11 ساعة يومياً إذ يبدأ العمل من الساعة السابعة صباحاً حتى السادسة مساءً، نعمل من خلالها على نقل الأكياس وفرزها، وهذا العمل ليس شاقاً ولا ينال من طاقتنا ولا يحتاج لبذل جهد عضلي".

وتعمل خشفة الحسين (42) عاماً في معمل البسكويت منذ 5 أشهر، وتقول "لا يوجد مشقة في العمل ولكن العمل لساعات متواصلة متعب أحياناً ولكن هذا لا يؤثر على إنجاز العمل وجميع العاملين في المعمل هم من النساء".

 

ارتفاع سعر الدولار يؤثر على أجور العاملات

المشرفة على العاملات في المعمل خود سليمان (45) عاماً، أم لـ 3 أبناء و3 بنات وفقدت زوجها منذ عشر سنوات لأسباب صحية وهي الآن تحمل على عاتقها توفير الدخل لعائلاتها، ومصروف دراسة أبنائها، تعمل منذ 3 أعوام في المعمل، تقول "أعمل كمشرفة على العاملات في المعمل لتنظيم عملهن وتقسيم المهام وتوجيههن فالبعض يقوم بغسيل المواد، والبعض يفرزها والبعض الآخر ينقلها".

وأوضحت "بالنسبة للأجر الذي تتلقاه النساء هو ليس بقدر المطلوب، فارتفاع الدولار له دور في انخفاض قيمة الليرة السورية، وهذا الأمر يؤثر على أجور العاملات في المعمل".

وعن وضع العاملات في المعمل بينت "جميع العاملات في المعمل هن من يوفرن قوتهن اليومي لأن غالبيتهن تحملن مسؤولية دخل الأسرة لوحدهن، فمنهن منفصلات عن أزواجهن والبعض منهن أرامل، والمرأة دائماً تطمح للاستقلال الاقتصادي كيلا تحتاج لأحد وتعتبر فرص العمل هذه ملجأ للنساء لتحقيق استقلالهن الاقتصادي".

وعن ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا قالت خود سليمان "المرأة لا تحتاج لثورة حتى تصبح قوية، فهي دائماً قوية، ولكن هذه الثورة التي قادتها المرأة أصبحت حافزاً للنساء لتناضلن وتستمرين في كافة محافل الحياة وأظهرت للعالم أجمع أن المرأة صاحبة إرادة وقوة، وبدورنا كنساء نستمد القوة والمعنويات من هذه الثورة التي تمثلنا".

وقالت الرئيسة المشتركة لغرفة الصناعة سهام الحميدي "مدينة منبج تعرف بأنها مدينة زراعية، ولكن بعد تحرير مدينة منبج من مرتزقة داعش أصبحت ملاذاً آمناً للكثير من السوريين الذين توافدوا من خارج المدن السورية الأخرة التي كانت تشهد معارك وحروب، وغالبيتهم كانوا أصحاب مشاريع صناعية والذي شكل نهضة صناعية في مدينة منبج بدأً من مصانع الحديد حتى معامل الإنتاج الغذائي، إلى المنشآت الصغيرة والحرف، والتي أصبحت فرصة عمل للنساء".

 

النهضة الصناعية ساعدت على توفير فرص عمل للنساء

وعن نوعية المعامل التي تعمل فيها النساء أشارت "بقدر الإمكان نمنع المعامل من تشغيل النساء بالأعمال الشاقة والتي تتطلب مجهود بدني كبير، فغالبية المعامل التي تعمل فيها النساء تتطلب الدقة دون مجهود عضلي كمعامل المنتجات الغذائية، تدوير النفايات وأكياس النايلون، والكثير من المعامل في مدينة منبج قائمة على جهد النساء وتشكلن الحجر الأساس".

ولفتت إلى أن "المرأة سابقاً كانت تعمل بالفلاحة أكثر من أي شيء آخر لتوفير دخل لعائلتها، ولكن مؤخراً من خلال التطور الصناعي الذي شهدته مدينة منبج، تمكنت الكثير من النساء من توسيع نطاق عملهن داخل المعامل والمنشآت الصناعية".

وأكدت على أن "المرأة دائماً تبحث عن الاستقلال الاقتصادي لإعالة اسرتها والاعتماد على ذاتها، لذا كانت فرص العمل هذه متنفس لما تطمحه له في المجال الاقتصادي ليس لنساء منبج فحسب بل للوافدات أيضاً".

وأوضحت في ختام حديثها أن "التطور الصناعي ودعمه سيواكبه توفير فرص عمل للنساء، والكثير من المعامل تحتاج دقة وانتباه، وهذا ما تتقنه المرأة بشكل كبير".