من خلال مزرعتها الخاصة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد

لم تسمح علياء موسى للزواج المبكر أو الطلاق أو حتى العمر أن يكون عائقاً في طريقها بل عملت بكد لتحقق استقلالها الاقتصادي من خلال مشروع مزرعة خاص بها.

قامشلو ـ
ترتقي المرأة بنفسها من خلال مشاريعها الخاصة، التي تؤمن بها دخلها، وتنمي من خلالها اقتصاد بلدها، واليوم نرى العديد من النساء اللواتي يكافحن لإنجاح مشاريعهن على اختلافها.   
علياء موسى (50) عاماً، من منطقة السَّلمية في مدينة حمص السورية، تزوجت بضغط من عائلتها وهي بعمر الـ15 عاماً، ولأنها عانت من تسلط  وتحكم زوجها، انفصلت عنه، والآن تعيش بمفردها بمزرعتها في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا.
تقول "تعلمت من والدي حب مطالعة الكتب والقراءة وكتابة ما يجري من أحداث خلال حياتي، وأعشق الطبيعة فأنا ابنة الطبيعة، كوني عشتُ في الأرياف كريف لبنان وحمص".
وطيلة حياتها تمنت علياء موسى أن تكون إنسانة حرة "لا أحبذ أن يأمرني أحداً أو يتحكم بي، ولا أن أكون مقيدة بالعادات والتقاليد المجتمعية الرجعية".
خضعت لدورات فكرية مغلقة منذ خمس سنوات، وتلقت دروس في الكومينات والمراكز عن تاريخ المرأة، والتحرر الجنسي الاجتماعي "تلقي الدروس جعلني أكثر انفتاحاً، إضافة إلى قراءة كتب القائد عبد الله أوجلان الذي فتح المجال أمام المرأة للتطور والحرية، وتعلقي بهذه الكتب كان نتيجة لأني امرأة وجدت كينونتها وحريتها فيها". 
ومنذ حوالي السنة والنصف بدأت بمشروعها في مزرعة خاصة، معتمدة على خبرة اكتسبتها أثناء عملها في شركة زراعية باسم "فريجي" في لبنان، لمدة 7 سنوات تقريباً، "فكرت بالمشروع بالتعاون مع أحد أقربائي، إذ قمنا بدراسته لمدة سنة، أحصينا خلالها التكاليف والإنتاج، وزرعنا 25 شجرة حمضيات، 400 شجرة سرو، و 100 شجرة فاكهة، و200 عريشة عنب، و400 شجرة فستق حلبي، كما قمتُ بزراعة 10 أشجار بندق كتجربة، إضافة للنباتات الطبية كالميرمية، والورود الطبية، المليسة، العطرة، النعنع البري، إكليل الجبل، الزعتر البري، وغيرها". 
وحول هدفها من المشروع تبين "أردت أن أحقق الاكتفاء الذاتي، ولهذا أرى أنه على كل أسرة أن تعمل في الزراعة،  لكي تحصل على الخضراوات والفواكه، وكل ما تنتجه الأرض من دون الحاجة لشرائها من الأسواق وبأقل التكاليف".
وتزرع علياء موسى في فصلي الصيف والشتاء، "خلال عملي اعتمد على الاحتفاظ بالبذور التي تنتجها المزرعة فإن وجدت بذور مناسبة احفظها من العفن والرطوبة لكي أزرعها العام المقبل، كـ "الباذنجان، الفليفلة، عباد الشمس، البندورة، الكوسا وغيرها".
وأما عن تربية المواشي فتشير إلى أنها بدأت بذلك منذ خمسة أشهر، ووصل عددها اليوم إلى 50 رئساً من البقر والأغنام، و100 دجاجة "حتى الآن لم أبع أي شيء من منتجات الحيوانات التي نربيها، إلا أننا حققنا الاكتفاء الذاتي، لكننا بحاجة لتغطية تكاليف المشروع"، وتضيف "البيض الذي نحصل عليه يذهب أغلبه للتفريخ أو الطعام، كما صنعت الزبدة والسمن واللبنة والجبن".
"الإنسان عندما يرى ثمرة تعبه أمامه، يشعر بإحساس جميل، أنني أجد حياة المزرعة والتعامل مع الحيوانات عمل ممتع ومفيد".
وفي كل صباح تحضر الأعلاف وتقدمها للحيوانات، وتخرج الدجاج من القن، وتروي المزروعات وتغرس الشتلات في الصباح الباكر أو المساء، وترعى الحيوانات كذلك وتأمن لها الأعلاف من مراكز توزيعها.
وعن رغبتها في توسيع المشروع تقول "أفكر بإيصال عدد الدجاج البلدي إلى الألف طير، لأنها الأقل تكلفة وجهد بين جميع الأعمال هنا، إضافة لأن الإنتاج منها يكون كبيراً"، وعن معالجتها للأمراض التي تصيب الحيوانات تقول "أنقع قشر الليمون والرمان والبرتقال مع الثوم والبصل في ماء دافئ، لمكافحة الأمراض، ونجحت في ذلك فلم أفقد هذا العام طيراً واحداً، على الرغم من انتشار الأمراض، فأنا لا أستعمل الأدوية كثيراً، وأجد أن المواد الطبيعية أكثر فائدة".
تقول "أسجل جميع الأمراض التي تصاب بها المواشي في أرشيفي، حتى أعرف ما هي المسببات والعلاج، لأتجنبها في الأيام المقبلة، فعلى سبيل المثال هناك دواء يدعى "إبرة الراعي" لحالات الحكة والرشح والتهاب الضلع، وفي حال أصيبت البقرة بحالات انتفاخ أعطيها الكمون المغلي أو زيت الزيتون، وإذا أصيب الدجاج بالبرد أذيب حبة السيتامول في الماء وأعطيها له". 
وتربي علياء موسى خليتي نحل، ويساعدها في العمل بالمزرعة أحد العمال، إلا أنها وبشكل عام تشرف على مشروعها، وتحاول تنميته وتوسيعه في المستقبل. 
ولم تكن هذه المهنة جديدة على علياء موسى فوالدتها من ريف لبنان وسكنت لفترة من الزمن في ريف حمص، كما أن والدها كان يعمل بالزراعة، "عملت في العديد من المجالات، لكنني لم أشعر بحريتي إلا بين أحضان الطبيعة".
وتمنت علياء موسى من كل امرأة أن تمتلك الإرادة القوية ولا تخاف من أي شيء، وتعمل في الأرض وتربية المواشي والدواجن، لأنها لن تسهم فقط في رفع اقتصادها الخاص، بل كذلك سترتقي باقتصاد بلدها.