مبادرة نسوية للحد من الأزمة الاقتصادية في لبنان
تواجه الفئة الشابة ولا سيما النساء في لبنان تحديات عدة، فأمام الضائقة الاقتصادية والبطالة المتفشية، لم يكن أمام هذه الفئة إلا خيار الهجرة خارج البلاد أو تطوير مهاراتهم للمواجهة بمبادرات تمكنهم من الإنتاج في المجالات المختلفة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أثرت الأزمة الاقتصادية على مختلف القطاعات في لبنان والفئة الشابة خصوصاً، ولا سيما النساء، لكن المهندسة سيرين بو زين الدين تحدت هذه الأزمة بتأسيس شركة ناشئة، في مجال الزراعة والتصنيع الغذائي وصناعة الصابون، تؤمن لها ولعائلتها دخلاً ثابتاً.
فعلى الرغم من حصول سيرين بو زين الدين على الهندسة الزراعية من الجامعة اللبنانية وبعدها شهادة الماجستير في العلوم الزراعية العضوية من إيطاليا، إلا أن عملها اقتصر في السنوات الأخيرة على تنفيذ المشاريع المؤقتة لصالح جمعيات وجهات داعمة، وكون هذه الأعمال غير دائمة، اتجهت لتأسيس شركة خاصة.
وقالت سيرين بو زين الدين "بعد تخرجي عملت على العديد من المشاريع التنموية في مجال الزراعة العضوية ومنها مشروع للزراعة العضوية مع وزارة الزراعة لمدة 6 أشهر، وبعدها ضمن وحدة Qualeb التابعة لوزارة الإقتصاد في مجال سلامة الغذاء وتطبيق معيار الأيزو ISO للجودة لمدة عامين، فعملنا تضمن زيارات دورية للمؤسسات الغذائية بهدف التتبع وسلامة الغذاء، كما عملت عبر إحدى الجمعيات مع وزارة الصحة لحوالي سنة ونصف السنة بحملة سلامة الغذاء".
وأضافت "عملت أيضاً مع جمعية ICU وهي جمعية إيطالية تنموية كمنسقة ميدانية، حيث تضمن المشروع عدة قطاعات زراعية منها الري، المشاتل، المواشي، الزيتون والصابون، التي تسعى إلى تنمية مهارات المواطنين واللاجئين ولا سيما النساء وتمكينهن، وذلك عبر دورات مهنية عملية ونظرية في معظم مناطق لبنان، كما تابعت دورات عدة ومنها دورات صناعة الصابون، وعلى الرغم من دوري كمنسقة في المشاريع المختلفة التي شاركت فيها، إلا أنني تعلمت الكثير وعملت على تطوير مهاراتي في كافة المجالات".
وحول فكرة تأسيس المعمل قالت "الفكرة راودتني منذ 3 سنوات، ففي السابق وبمساعدة عائلتي كنا نبيع العديد من المنتجات الغذائية ذات الجودة العالية، وكذلك الحلويات التقليدية مثل كعك العيد والكيك والمونة البلدية التي ننتجها في الأرض أو نشتريها من المزارعين، ووفقاً للطلب الذي استمر بالزيادة بسبب ثقة الناس، وبعد تجربتي الناجحة بتصنيع الصابون الذي كان مطابقاً لما وصفه المدربون من جودة، بدأنا وكعادتنا بدراسة جدوى المشروع مع العائلة، وخصوصاَ مع زيادة الطلب، فشقيقتي الصغرى متخصصة في مجال إدارة المشاريع، وبالفعل باشرنا بالإنتاج ولكن كنا نحتاج للعديد من التجهيزات، ولم تتوفر لدينا أموال كافية لها، لتأتي الفرصة المناسبة بعد تقدمنا لمشروع "المشاركة الاقتصادية للمرأة في الشمال وجبل لبنان" وتم منحنا الدعم من عدة جهات، وقدمنا مقترحات لثلاثة مشاريع في مجال الزارعة والمونة والصابون، وتم قبول مشروعين وهي المونة والصابون حيث قدمت لنا آلات لتجهيز المونة وتصنيع الصابون".
وأوضحت "بدأنا العمل بتصنيع الصابون بالطريقتين على البارد والساخن، وكنت أستخدم في البداية الروائح والزيوت العطرية، ولكن حالياً يطلب مني العديد من المنتجات المختلفة مثل صابون حليب الحمير وصابون الشبة وغيرها، والتي أضطر أحياناً لطلب بعض المواد الخام من الخارج، بسبب عدم توفرها في لبنان أو بسبب عدم التأكد من الجودة والنوعية".
وعن الصابون البلدي المصنع على البارد قالت "يوجد في الصابون البلدي زيت الزيتون والمياه ومادة القطرون أو الصويا الكاوية NaOH، وهي مادة قاعدية حارقة، لذا يتم استخدام الصابون البلدي بعد 6 أشهر على الأقل لكي يتم معادلتها، ومن المنتجات الأخرى صابون الغليسرين الذي أصنعه من زيت جوز الهند وزيت الخروع ومواد أخرى ويحتاج العديد من المواد الأخرى والوقت لينتج صابوناً شفافاً".
وأضافت "لم أهمل اختصاصي في مجال الزراعة، فأتابع بالإضافة إلى المونة البلدية وتصنيع الصابون، زرع الشتل في المشاتل التقليدية، كما بدأنا مشروعاَ لإنتاج العسل، بهدف البيع وزيادة عدد الملقحات طبيعياً".
وعن التحديات التي يواجهها المعمل قالت "على الرغم من أنه لدينا الكثير من الآلات ولكن للأسف لا نستطيع استخدام معظمها بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ولا تستطيع المولدة أن تتحمل طاقتها العالية، ومنها الآلة المخصصة للتعليب والتغليف"، موضحةً أنه "يتم استقبال الكثيرين لاستخدام آلة طحن البندورة والرمان والزعتر والمنتجات المختلفة وبأسعار مدروسة لنساهم في خدمة المجتمع، والوصول للاكتفاء الذاتي".
وحول ما ينتجه المعمل من منتجات قالت "نحرص على إنتاج مواد من أفضل المصادر، وما يلبي الطلب، وأخرها مربى البلح، ومربى القرع، ومربى التين المجفف مع المكسرات وصابون حليب الحمير والشبة، وأنواع مبتكرة من الصابون السائل وغيرها، فضلاً عن أصناف الشتل التقليدية التي تنال إقبالاً كبيراً، كما ونحاول إعادة استعمال العبوات الفارغة من الماركات التجارية المختلفة لاستخدامها في تعبئة الصابون السائل الذي نصنعه وبروائح وأشكال متعددة مثل صابون الرغوة وغيرها".