مع بداية موسم الزيتون... نازحات تعملن على خطوط الجبهات رغم المخاطر
موسم الزيتون بات الفرصة الوحيدة للكثيرات من أجل تأمين مؤونة الزيت وجلب مواد تدفئة الشتاء في كل عام، رغم المخاطر والصعوبات الكثيرة.
هديل العمر
إدلب ـ يشكل موسم الزيتون في كل عام فرصة عمل للكثير من النازحات في إدلب، ممن ضاقت بهن سبل الحياة وحاصرهن الفقر وقلة الموارد، غير أن خطوط التماس في ريف إدلب الجنوبي كانت ضمن تلك الفرص التي لم تفوتها الكثيرات رغم خطورتها.
التحقت سليمة البري البالغة من العمر 32 عاماً، بورشات القطاف التي انطلقت لجبل الزاوية وهي نازحة من قرية معرشمشة ومقيمة في مخيمات سرمدا، غير أبهة بالمخاطر المحيطة، من قصف وقنص واستهداف من قبل عناصر النظام على الجانب الآخر.
وقالت "الفقر والأوضاع المعيشية التي نعيشها قاسية جداً لدرجة أننا لم نعد نفكر بسلامتنا بقدر ما نفكر بكيفية تأمين قوت اليوم لأطفالنا القابعين في مخيمات النزوح".
وعن تلك الصعوبات أوضحت أنها تتعلق بساعات العمل الطويلة التي تبدأ مع الصباح الباكر والسفر عبر شاحنات لأكثر من ساعة ذهاباً وساعة إياباً، عدا عن المخاطر المتعددة المتعلقة بإمكانية الاستهداف في أي لحظة، فضلاً عن وجود الألغام على خطوط التماس.
ومن جانبها تعمل سهام الخروم البالغة من العمر 36 عاماً بنظام المحاصصة أي "العمل مقابل الحصول على نسبة من الإنتاج سواء الزيت أو الزيتون"، منذ نزوحها عن بلدتها في ريف مدينة خان شيخون وإقامتها في مخيمات قاح الحدودية، وذلك بعد أن شكلت ورشة مؤلفة من نساء نازحات من مخيمها وراحت تقصد الأراضي الواقعة على خطوط التماس لكثرتها وقلة العاملين فيها وزيادة أجورها قياساً مع الأراضي الأخرى الأكثر أماناً.
وعلى الرغم من المخاطر المحتملة قالت إن قلة فرص العمل بدأت تدفع الباحثين عن عمل لخوض غمار أي عمل بغض النظر عن المخاطر المحيطة به.
وأشارت إلى أن الأجواء والطقوس المرافقة لرحلة قطاف الزيتون تفيض بالذكريات لأيام مضت بينما كن تعملن في حقولهن وأراضيهن قبل أن ينزحن منها مرغمات، "تلك الذكريات ورغم غصتها تضفي جانباً من المتعة في العمل ما يخفف من العناء والتعب الذي يثقل كاهلنا مع مرور ساعات النهار حتى موعد انتهاء العمل".
وأوضحت أن الموسم الحالي أفضل من سابقه رغم قلة الأمطار وتعد الأراضي المنتشرة في جبل الزاوية هي الأكثر إنتاجية من ناحية الزيتون المزروع والتربة البيضاء، لافتةً إلى أن عدد العاملات والمدة التي يتطلبها قطاف الحقل تختلف حسب المساحة وكمية الإنتاج.
وعملت على ضمان 300 دونم من أشجار الزيتون هذا العام لقطافها، وتتركز الصعوبات المتعلقة بعملية القطاف بعوامل عدة أولها مخاطر القصف المتوقعة، والتكاليف الكبيرة التي تترتب على عملية الضمان تلك من نقل العاملات يومياً إلى حقول الزيتون وكذلك نقل المحصول من الحقل إلى المعصرة إضافة إلى عبوات تعبئة الزيت وأجور المعاصر التي تزداد عاماً بعد آخر.
فيما تحصل ريمة الكريد البالغة من العمر 27 عاماً، وهي نازحة من بلدة حيش ومقيمة في مخيمات قاح وتعمل بذات الورشة العاملة مع سهام الخروم على أجرة يومية تبلغ 50 ليرة تركية في اليوم الواحد، وهي أجرة وصفتها بالمعقولة في ظل انخفاض أجور العمال بشكل عام في المنطقة قياساً بزيادة الأسعار والغلاء الناجم، وترغب من خلال عملها مساعدة زوجها في تأمين بعض متطلبات المعيشة التي أثقلت كاهله.
أما هيام المرعي البالغة من العمر 40 عاماً فهي تعمل مع أخواتها وبناتها في إحدى الورش مقابل حصة تبلغ كيس أمام قطاف سبعة أكياس لصاحب الأرض، وقالت إنها توفر مؤونة الشتاء من الزيت وزيتون المائدة في ظل ارتفاع أسعارها بالأسواق من خلال عملها الموسمي بقطاف الزيتون في كل عام.
وتعد إدلب الأولى من بين المحافظات السورية بعدد أشجار الزيتون وإنتاج زيت الزيتون ما أعطاها اسم إدلب الخضراء، فيما ساهمت عدة عوامل في تراجع محصول الزيتون في إدلب، حيث تعاني المنطقة من تدني كمية الإنتاج بشكل ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة.