لتحقيق الأمن الغذائي "بتقدري" تدرب النساء على حفظ الأغذية

قامت مؤسسة بتقدري المجتمعية بتدريب خمسين امرأة على طرق حفظ الأغذية من أجل تفادي مشاكل تتعلق بموسمية بعض الأغذية وزيادة مدى توفر الخضروات والفواكه طيلة أيام السنة وتفادي ارتفاع أسعارها.

ميساء القاضي

السودان ـ اختتمت مؤسسة بتقدري المجتمعية البرنامج التدريبي والتقني الذي أقامته بالشراكة مع شركة زين السودان، وقد استهدف البرنامج عدد كبير من الأشخاص في ولايات مختلفة، وكانت المؤسسة معنية بتدريب النساء في الولاية الشمالية.

قالت منتهى عبد الله المديرة التنفيذية لمؤسسة "بتقدري" أنها مؤسسة تسعى لتمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً وتهدف إلى تعزيز مشاركتهن خاصة في ظل الظروف التي تمر بها السودان بعد النزاع المستمر منذ أكثر من عام، ولدى المؤسسة برامج تهدف من خلالها إلى تمكين المجتمع وإيجاد حلول مستدامة للعقبات التي تواجه النساء.

وأضافت أن "بتقدري" تعمل في أكثر من ستة ولايات "المؤسسة دربت خمسين امرأة في منطقة مروي في مجالات مؤثرة حالياً بحسب متطلبات السوق المحلي، وسيكون للمرأة دور وإسهام واسع في تحقيق الأمن الغذائي والتقليل من ندرة الطعام وتوفير فرص عمل مختلفة للنساء أولها في مجال حفظ الأغذية الذي وفر لهن الفرصة للاطلاع على برامج تدريبية متنوعة وطرق مختلفة لحفظ الأغذية والمواد حتى نستطيع الاستفادة من الإنتاج المحلي سواء في الخضروات أو الفاكهة".

ولفتت إلى أنه "ستكون لدينا منتجات محفوظة في غير مواسمها الأمر الذي سيساعد على التخفيض من أسعارها في السوق وستتوفر تغذية جيدة للأطفال الذي هم بأمس الحاجة للخضروات والفاكهة ففي بعض المواسم تكون هناك مشاكل في مدى توفرها، بالإضافة إلى ذلك هذا المجال حيوي ومتجدد على مدر السنة ويوفر فرص عمل دائمة للنساء، ومجال حفظ وتخزين الأغذية من أهم المجالات المهنية الحالية ومن المفترض التركيز عليه".

وأوضحت منتهى عبد الله أن النساء اللاتي تدربن على حفظ الأغذية بعد انتهاء فترة التدريب أطلقن مبادرة "عملت النساء مع بعضهن وأطلقن علامة تجارية خاصة بهن ونتمنى أن يكون لدينا علامة تجارية قوية في مختلف الأسواق داخل السودان وخارجه، وتكون لدينا تعاونيات تعمل في مجال حفظ الأغذية وأن يكون لدينا رائدات أعمال في جميع أنحاء البلاد وتكن قادرات وقويات لأن مؤسسة بتقدري تؤمن بأن المهارة لوحدها غير كافية وقد قدمنا لهن برنامج دعم وتمكين تضمن دعم نفسي وريادة أعمال إلى جانب المهارات الحياتية التي تساعدهن على أن ينمين مشاريعهن وتفهمن أهمية دورهن وتقدرن على تجاوز العقبات".

وأضافت تدربت النساء أيضاً على تصنيع مواد التجميل الطبيعية والمعجنات والصناعات الغذائية "الفكرة أننا نريد تشجيع النساء على البدء بمشاريع صغيرة برأس مال بسيط والاستفادة من الموارد المحلية المتوفرة في المناطق التي تتواجدن فيها وتصنعن منتجات غير ضارة بصحتهن ولا يكون لها جوانب صحية سيئة وهو مجال دخله ممتاز وأي امرأة تستطيع البدء في مشروع وسيكون نقطة تحول حقيقة في حياتهن".

وقالت منتهى عبد الله أن من تدربن في هذا البرنامج سيكن مؤثرات في المجتمع "نتمنى أن تكون كل سودانية منتجة وقادرة وقوية ومؤثرة، وكما نقول في شعارنا امرأة قوية تعني سودان قوي فكلما كان لدينا نساء قويات ستكون بلادنا قوية وممتد وفيه تنوع وتنمية مستدامة وخالي من الحروب يعيش في أمن واستقرار".

 

 

في إطار العمل المهني في ظل الأوضاع التي يعانيها السودان تهوى فاطمة عوض الكريم الطبخ وصناعة الحلويات منذ صغرها لكنها لم تكن تتخيل أن هوايتها ستصبح مشروعاً ناجحاً بعد عام ونصف وتحجز مقعداً بين كبار العاملين في هذا المجال حيث ينافس محال الحلويات الشهيرة في المدينة التي تقيم فيها.

قالت فاطمة عوض الكريم إنه على الرغم من إغلاق المختبرات الطبية في جامعتها وعدم تمكنها من إكمال تعليمها بسبب النزاع الدائر في السودان، إلا أنها عادت إلى مسقط رأسها ولم تستسلم لتبدأ مسيرة جديدة في صناعة الحلويات التي تجيدها، وأطلقت مشروعها من المنزل تحت اسم "فاطمة سويت"، مضيفةً "كنت أقول إن ما حدث فيه حكمة عظيمة وهناك خير لا نعرفه، يجب علينا ألا نحبط وألا نتحطم، يجب على كل شخص أن يتحلى بالشجاعة ويعرف ماذا يريد أن يفعل وإلى ماذا يريد أن يصل، ويجب ألا تجبره ظروف الحرب والبلاد أن يتراجع عن تحقيق طموحاته، يجب علينا أن نتحدى الظروف ونكون أقوى منها".

وعن بدايات مشروعها قالت إنها وجدت التشجيع من أهلها وصديقتها لكن بالمقابل كانت هناك الكثير من التحديات أبرزها كيفية الدخول لسوق العمل وتوفير المواد الخام فأغلب المواد الداخلة في صناعة الحلويات أصبحت غير متوفرة فالأسواق التي أغلقت غالبيتها أبوابها والمصانع لا تعمل، لذلك اضطر لتوفيرها من خارج السودان، وقد يتوقف العمل لعدم توفر المواد.

وقد لفتت إلى أهمية دعم النساء وتضامنهن مع بعضهن البعض "على سبيل المثال وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مهمة في التسويق للمنتج والإعلان عنه حتى يعرفه الناس، لكن علاقتي بوسائل التواصل ليست جيدة لا أتابع باستمرار لكن صديقاتي يساعدنني ويدعمنني في ذلك"، وأضافت "إذا دعمتي امرأة فقد دعمتي نفسك وكما تحب الخير لنفسك أحببه للغير والمرأة بالمرأة تصبح أقوى".

ويتميز مشروع فاطمة عوض الكريم عن غيره بتنوع الحلويات التي تقدمها، الأمر الذي يجعل من يقصدها يجد ما يطلبه من حلويات شرقية وغربية بالإضافة إلى أنها تصنع أصنافاً جديدة من الحلويات هذا ما يجعل زبائنها في شوق دائم لتجربة طعم مختلف وأنواع جديدة من إبداعاتها وابتكاراتها، "أحياناً أصحو من النوم عند الواحدة أو الثانية صباحاً لتحضير وصفة من ابتكاري وأحياناً أنتظر حلول الصباح بفارغ الصبر حتى أقوم بتحضيرها".

 

 

فاطمة عوض الكريم ليست السودانية الوحيدة التي تحاول جاهدة متابعة حياتها على الرغم من الظروف الصعبة والنزاع الدائر، فقد أطلقت النازحة ساجدة أحمد مشروعاً لصنع حلوى الكنافة منذ عام تقريباً، وكانت قد احتفلت بإشعال الشمعة الأولى لانطلاق مشروعها من خلال إلقاء محاضرة على نساء مدينتها حول كيفية تأسيس عملاً وإنجاحه وما هي العناصر الأساسية لهذا العمل بناءً على تجربتها التي أكملت العام وعلى خبرات أخرى اكتسبتها عبر التدريب وجمع المعلومات.

حال ساجدة أحمد المهندسة الزراعية كحال غيرها من السودانيات حيث رضيت بالنتائج التي حققتها قبل النزاع فقد بدأت بتحقيق أحلامها واحداً تلو الآخر، لكن بعد النزاع نزحت إلى الولاية الشمالية وكانت محبطة، وقالت إنها أصيبت باكتئاب فكل ما كانت تعمل عليه في الخرطوم لم يعد متوفراً في الولاية الشمالية "ما كنت أقوم به هناك لا يمكنني عمله هنا، فالشركة التي كنت أعمل فيها توقفت عن العمل والمجتمع الذي انتمي إليه غير موجود، وحتى لو وجدت شيئاً هنا سيكون مختلفاً، التوقف عن العمل تسبب ليّ بحالة من الاكتئاب على مدار ستة أشهر، عندما قررت العمل قضيت شهرين آخرين أفكر، مع أن مشروع الكنافة لم يكن جديداً بالنسبة لي فقد عملت فيه قبل أربعة أعوام إلى جانب أعمال أخرى وكان الناس يسألونني عنه حتى بعد أن توقفت".

وتجربة النزوح فتحت لساجدة أحمد فرصة أخرى لإحياء مشروعها من جديد بعد طول تفكير وتردد، حيث قالت إن عدم توفر رأس المال من أهم الصعوبات التي واجهتها، حيث أنها بدأت بمبلغ صغير عبارة عشرون دولار تقريباً، "كنت أشتري المواد بهذا المبلغ لأصنع منها الكنافة ثم أبيعها وأضيف الأرباح على رأس المال لأتمكن من شراء كمية أكبر من المواد، لقد اجتهدت كثيراً حتى يصل رأس المال إلى مبلغ جيد أستطيع أن أوفر منه دخلاً جيداً وهو أمر يحتاج إلى الكثير من الصبر والاستمرارية حتى استطعت تحقيق أرباح منه".

وعن شعورها بما حققه لها مشروعها قالت "سعيدة لأنني استطعت الاستمرار فعادةً يصيبني الملل بسرعة، كما أنني سعيدة لكوني الخيار الأول عند الكثير من الناس في مجال صناعة الكنافة والكثير منهم يعرفونني وما زلت أرغب في تحقيق المزيد".

وفي ختام حديثها وجهت ساجدة أحمد رسالة للنساء "أقول للنساء توقفن عن الكسل، فإذا كنتن تفكرن من غير القيام بفعل ملموس فأنتن ومن لا يفكر سواء، إذا فكرتي في فكرة فعليك تنفيذها فوراً وبالتأكيد سوف تنجحين طالما كنتي تفكرين بشيء ترغبين فيه وترغبين في تحقيق النجاح من خلاله".