جزائريات أثبتن جدارتهن وتحولن إلى معادلة فاعلة في الاقتصاد
تعد الجزائر من بين الدول التي تزخر بالعديد من النساء الماكثات في البيت اللواتي تحولن إلى معادلة فاعلة في اقتصاد البلاد
رابعة خريص
الجزائر ـ ، فرغم الصعوبات والتحديات التي تواجههن، أثبتن قدرتهن على تحقيق التنمية الاقتصادية والحفاظ على استقلالهن الاقتصادي.
كانت إشكالية مجالات مساهمة المرأة الجزائرية الماكثة بالبيت في تحقيق التنمية الاقتصادية محور دراسة اجتماعية ميدانية لمؤسسة اقتصادية نشرتها منصة المجلة العلمية الجزائرية، سلطت الضوء على فهم مناخ المرأة في البيت باعتبارها فاعلة ومدمجة في المنظومة الاقتصادية والاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الوطنية في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة في البلاد.
شملت الدراسة عينة من النساء بالعاصمة الجزائر، باعتبار أن المرأة الجزائرية وبفضل تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال، أصبحت أكثر وعياً بالوضع الاقتصادي الراهن مما جعلها فاعلة في العلاقات الاقتصادية ومنتجة ومشاركة في العملية التنموية، وأكثر إدراكاً لدورها الأساسي في النشاط الاقتصادي والنمو والرفاهية، مشيرةً إلى أن المرأة أصبحت مؤشراً لانطلاق ثورة اقتصادية ناجحة وبامتياز نظراً لاتباعها السلوك الاقتصادي الرشيد في الاستهلاك والادخار، والاستثمار والمشاركة الاقتصادية الفعالة.
ورغم الخطاب الرسمي الذي يؤكد على ترقية المنتوج المنزلي للمرأة وتثمين دورها، غير أن تقارير رسمية أفادت بأن المرأة المنتجة لا تزال تبحث عن فضاءات تجارية لعرض مختلف منتجاتها للمحافظة على استقلاليتها المالية وضمان مردودية مفيدة للمجتمع وهو ما أكدته كل من رجاء بن عياد وهند براشد خلال لقاء مع وكالتنا.
تقول رجاء بن عياد مصممة أزياء في العقد الثالث من عمرها، واحدة من النساء اللواتي ساهمن في تنمية الاقتصاد المنزلي، أنها أحبت تصميم الأزياء منذ نعومة أظافرها، مشيرةً إلى أنه كان لديها ميول كبير لتنسيق الملابس وألوانها، بالإضافة إلى صنع الأشغال اليدوية والديكورات، لافتةً إلى أن أبرز عامل زاد من شغفها، هي والدتها التي كانت تتقن الخياطة.
تابعت رجاء بن عياد واحدة من أكبر المصممات في البلاد، تعلم هوايتها وهي تدرس في نفس الوقت إلى أن حصلت على شهادة عليا، حينها دفعها شغفها إلى إطلاق مشروع استثماري خاص بها كمصممة أزياء، ونوهت إلى أن مسألة تطوير الذات لدى المرأة لها علاقة قوية بـ "الشغف"، فممارسة هذه الهواية بشكل يومي ومتقن والمواظبة عليها لم يكن بالأمر الهين إطلاقاً بالنظر إلى الصعوبات والعراقيل والعقبات التي اعترضت مسارها المهني أبرزها "التوجه الذكوري للمجتمع الجزائري".
رجاء بن عياد التي ساعدتها والدتها في اتقان مهارات الخياطة أصبحت تسوق منتوجاتها المحلية إلى خارج البلاد وبالتحديد إلى الجالية العربية في أوروبا وبعض البلدان العربية، بعدما تخصصت في تصميم العباءات كمنتوج جزائري خالص وهو الهدف الذي كانت تسعى من أجله.
ومن أبرز الصعوبات التي اعترضت مسار رجاء بن عياد، قلة اليد العاملة، مشيرةً إلى أنه بعد أن كثر الطلب على منتوجاتها أصبحت غير قادرة على التكفل بالطلبات بمفردها، إضافةً إلى قلة المواد الأولية في السوق المحلية.
ورغم ذلك تطمح إلى افتتاح فروع لها في دول أخرى وتوسيع علامتها التجارية، بالإضافة إلى إنشاء معهد خاص لتعليم تصميم الأزياء ومساعدة الفتيات اللواتي لديهن الموهبة وتطمحن للولوج إلى هذا العالم خاصةً وأن الجزائر تفتقر للمعاهد الخاصة بهذا المجال.
وتأتي جهود هؤلاء النساء بمعزل عن مشروعات الدولة لتمكينهن عبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فأغلبهن تتخوفن من الإجراءات والقيود وحتى ارتفاع نسب الفائدة في البنوك، لذلك تفضلن الاعتماد على المساعدات الأسرية والاكتفاء بالإمكانيات المتوفرة لديهن عوض مواجهة سداد القروض البنكية أو قروض الاستثمارات الموجهة للاستثمارات الصغيرة والمتوسطة.
ولا تعتبر رجاء بن عياد الوحيدة التي تمكنت من افتتاح مشروع خاص بها رغم صغر سنها، فالوضع ذاته ينطبق على المصممة الجزائرية هند براشد وهي شابة في مقتبل العمر، شغوفة بمهنة تصميم الأزياء التي لطالما عشقتها منذ نعومة أظافرها، مدفوعة بإلهام وعشق عميقين وكبيرين لعالم الموضة.
وعن بدايتها في مجال تصميم الأزياء تقول أنها ضبطت مراحل حياتها، فلم تمنعها موهبتها من إكمال مشوارها الدراسي والحصول على الشهادات العليا لكنها في نفس الوقت قررت تطوير موهبتها في التصميم، ومع مرور الوقت بدأت بتصميم أزياء تحمل علامتها التجارية الخاصة، لتصبح من النساء المستثمرات في الاقتصاد اللواتي لم يفارقهن حلم العمل والنجاح رغم كل العراقيل والصعوبات.
وأوضحت هند براشد أن تصاميمها لقيت رواجاً كبيراً في السوق المحلي، لافتةً إلى أنها تحلم أن يكون لديها دار أزياء خاص بها.
الرسامة ومصممة الحلي آسيا بلوحبال أيضاً من النساء المساهمات في الحفاظ على استقلالهن الاقتصادي، تقوم آسيا في إطار الحفاظ على التراث الجزائري على البحث في اللباس التقليدي الذي تزخر به الجزائر وتعيد نقله على شكل رسوم ولوحات تعرض على الجمهور الجزائري في المعارض والصالونات التي تنظم بين الحين والآخر في محاولة منها للحفاظ على قداسة هذا اللباس وحتى الحلي التقليدية والمجوهرات التي تصممها.
تقول آسيا بلوحبال أن شغفها بهذه الحرفة جعلها لا تكتفي باللباس التقليدي الجزائري فقط بل تطفلت حتى على اللباس الموجود في بعض الدول الإفريقية والأوروبية في محاولة منها للتوصل إلى أوجه الاختلاف في مدى التنوع والثراء، ليشمل ذلك بمرور الوقت الحلي والمجوهرات حيث عملت على تصميم حلي خاصة.
وتأتي آسيا بلوحبال بالأحجار التي تصنع بها حليها الخاصة من خارج البلاد، وفي كل مرة تبتكر أنواع وأشكال تحمل بصمتها الاستثنائية والخاصة، تمكنت من خلالها استقطاب الكثير من السياح المحليين والأجانب.