"Green Girls" مشروع زراعي لثلاثة فتيات من غزة
تعمل غيداء قديح على مراقبة المحصول الزراعي الذي غرسته بمساعدة زميلتيها أسيل النجار وندين أبو روك لتكملن العمل على مشروع زراعي كإنتاج المحاصيل وحتى تربية الحيوانات والحصول على العسل.
رفيف اسليم
غزة ـ تخرجت غيداء قديح وصديقاتها من الجامعة ووجدن أن معدل البطالة بين الجامعيات في غزة تجاوز الـ 70% في ظل انعدام فرص العمل، فاتجه تفكيرهن بعد سنوات من التطوع بإنشاء مشروع خاص ليصبح لديهن عائد مادي.
تعيش غيداء قديح في منطقة تعتبر السلة الغذائية لقطاع غزة وسكانه نظراً لتربتها الخصبة التي تساهم في إنجاح أي محصول قد يزرع فيها، فيعتمد 80% من سكانها على الزراعة، ولهذا تحديداً عارضت والدتها فكرة مشاريع التجارة التي اتجهت إليها غيداء قديح في البداية، لأن الأرض موجودة وقد اعتادت الفتيات على الزراعة منذ صغرهن "فلماذا تخاطرن بالعمل على مشروع لا تعرفن عنه شيء؟".
اقتنعت غيداء قديح بالفكرة وبدأت مشروعها بمبلغ صغير، واستأجرت كما تقول "أرض في بلدة خزاعة المقابلة للحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، لأن الأراضي هناك ثمن استئجارها زهيد"، فقررت أن توفر باقي المبلغ للمعدات، أما عن البذور والسماد فقد تم شرائه بمبلغ مؤجل الدفع بعد إنتاج أول محصول، وفق اتفاقها مع المورد كي تستطيع الاستمرار في العمل.
وأشارت إلى أنها أطلقت على مشروعها اسم "Green Girl's" لتكون البازلاء أول محصول لها في بداية عام 2020، خلال جائحة كورونا في أرض بعيدة عن السكان والاختلاط، والأسمدة الكيمائية، مبينةً أن هذا ما ساعدها على نجاح المحصول خلال شهر فقط ليصدر إلى السوق المحلي ويلقى إعجاب كل من التجار والمستهلكين.
ولفتت غيداء قديح إلى أنها أنشأت صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعلن من خلالها عن توافر منتجات زراعية طبيعية خالية من الأسمدة والمبيدات، فأصبحت تبيع للمستهلك مباشرةً الذي يتواصل معها ليخبرها عن الكمية التي يحتاجها، مشيرةً إلى أنها خلال إنتاج المحاصيل الكبيرة كانت تتواصل مع التجار كمحصول الجزر ليباع في الأسواق المحلية.
وأضافت "بعد نجاح محصولي البازيلاء والجزر أنتجت الكوسا والبروكلي والشمام والبندورة والخس والعديد من المزروعات بحسب موسمها، ثم اتجهت لإنتاج العسل لأن النحل مفيد في عملية تلقيح المزروعات بالأرض، فينتج عسل طبيعي من رحيق الأزهار في ظل تواجد المراعي الحدودية، دون أن أطعمه السكر الذي يفقده قيمته"، مستدركةً أنها واجهت في البداية مشكلة في تسويقه فالسعر يناسب الجودة، لكن لا يناسب الوضع الاقتصادي لذلك تسعى لإيجاد حل ملائم.
وأوضحت أنه كان هدفها من الاستمرار في مشروعها الاستفادة من الأراضي الغير مزروعة على حدود قطاع غزة، خاصةً أن مساحة بلدة خزاعة قبل حرب 1967، كانت نحو ثماني آلاف دونم لتتراجع إلى أربعة آلاف دونم فقط، لافتةً إلى أنه "في كل يوم يسرق الاحتلال جزء من تلك الأراضي، فأرادت المحافظة عليها من جهة وإرجاع ثقافة أن تزرع المرأة بيدها من جهة أخرى في ظل اندثار تلك العادة خلال السنوات الأخيرة، بسبب انتقادات المجتمع لممارسة النساء تلك المهنة".
وأكدت على أنها تنتهج في الزراعة نظام أمن الذي قد يحتاج لوقت طويل ربما يصل لـ 30 يوماً، كي تكبر المحاصيل بعيداً عن السموم، وفق ما تأخذه من التربة عبر المواد الطبيعية، لذلك يعتبر الإنتاج مقارنةً بإنتاج الأراضي الأخرى قليل، كما أنها تستخدم سماد طبيعي تستورده من الخارج خلاف الذي يباع في الأسواق.
ومن الصعوبات التي تواجهها غيداء قديح بُعد الأرض الزراعية عن مركز المدينة بالتالي احتياجها لنفقات المواصلات، وعدم توافر المياه العذبة لري المزروعات فتضطر لشرائها بسعر باهظ، بالإضافة إلى "المبيدات التي يرشها الاحتلال الإسرائيلي على المحاصيل بهدف إتلافها، والكلاب الضالة التي تعيث الفساد في المحصول ببعض الأوقات، وحرماني من الوصول للأرض أثناء الهجمات التي قد تستمر فيهلك المحصول دون عناية".
وتطمح غيداء قديح خلال الأيام المقبلة أن يكون لها نقاط بيع مختلفة للمشروع المختص بالمواد الغذائية الآمنة والترويج له كي يعرفه كافة الأهالي في القطاع، ومن ثم تسجيل المشروع لتتمكن من التصدير للخارج في ظل التوسعات التي تنوي تنفيذها بالأرض، خاصةً بعد أن استطاعت بمساعدة مؤسسات توسعة مساحة الأرض من ثلاثة إلى ثمانية دونمات، مشيرةً إلى أنها ترغب بأن تصبح تلك الأراضي الزراعية وجهة سياحة للسكان، وخاصةً النساء كي لا تُهجر تلك المناطق.