بالرغم من مردوده المادي الضئيل... نساء تعتمدن على إعداد الخبر لسد احتياجاتهن
بالرغم من مردوده المادي الذي لا يسد احتياجات عائلاتهن في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، تقوم العديد من النساء الريفيات بإعداد الخبز وبيعه على الطرقات.
إخلاص الحمروني
تونس ـ على طول الطريق المؤدية إلى مدينة قفصة وخاصة في مدينة القيروان تجد النساء وهن تبعن الخبز، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الريفيات في المناطق الداخلية التي يطغى عليها الفقر والتهميش.
رضية رفرافي امرأة في العقد الخامس من عمرها تعيش في معتمدية الشبيكة التابعة لمدينة القيروان، تسكن بالإجار في ريف هذه المدينة مع زوجها المريض وأطفالها الصغار، تمضي أكثر وقتها بل كل يومها على قارعة الطريق وبالتحديد تحت "براكة" (كوخ قصديري) تحتمي بها صيفاً وشتاءً من أجل صنع الخبز وبيعه للمارين من هذا الطريق الذي يربط جنوب البلاد بشماله بعد أن تستنشق كل الغبار ودخان السيارات وفي بعض الأحيان تتعرض لمضايقات من المارة.
تقول رضية رفرافي التي تعمل منذ ستة عشر عاماً على بيع الخبز "انهض في الساعة 3 صباحاً لأبدأ بتحضير عجين "الكسرة"، ومن ثم أقوم بإعداد البيض وتحضير السلطة المشوية وهي عبارة عن طماطم وفلفل وبصل تشوى فوق النار وتفرم وتوضع داخل الخبز الذي أقوم بخبزه"، مضيفةً "احزم فوق ظهري ما استطعت حمله وأذهب إلى مكان عملي لأشعل النار وأعد الخبز للزبائن".
وعجين "الكسرة" خبز دائري الشكل عبارة عن سميد يضاف له الزيت والخميرة والماء ويعجن على شكل كرات ويفرد في صحن ويوضع على النار.
وحول الظروف الصعبة التي أجبرتها على العمل في هذه المهنة تقول أن زوجها مريض وسبق وأن قام بإجراء 3 عمليات جراحية حرمته من العمل، لذا لا يوجد معيلاً سواها لأسرتها "أعمل مع ابني على بيع الخبز المحشي طوال النهار، مع ذلك أحياناً لا نستطع أن نشتري الطعام"، مضيفة أن غلاء الأسعار جعل رزقهم قليل "أصبحنا نشتري الحطب والسميد والفلفل بأسعار باهظة الثمن، الأمر الذي جعل مصدر رزقنا مهدد وما نحصل عليه لا يكفي لتأمين احتياجات المنزل، فالمواد التي استخدمها ارتفعت اسعارها كالحطب والفلفل، فيما السميد شبه مفقود".
وتبدأ رحلة رضية رفرافي من ساعات الصباح الباكر، وقد يمتد يومها إلى ساعات المساء بحسب الطلب، ورحلتها هذه دائماً تكون شاقة كبقية النساء الريفيات، فلهيب النيران ودخان السيارات تسبب بألم في بلعومها ومعدتها حتى أن الطبيب منعها من مواصلة العمل "في الصيف تصبح الشمس حارقة، وقد تركت علاماتها على وجهي لتذكرني كل يوم بأنني أعمل في صنع الخبز وبيعه، أما في الشتاء تنخفض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر أحياناً، أذكر أنني في أحد الأيام الباردة لم أعد أشعر بأطرافي، وظننت أنها تجمدت لكنني بقيت حتى أنفقت كيس الخبز الأخير وغادرت المكان".
وحال رضية رفرافي كحال بقية نساء منطقتها اللاتي تجبرن على العمل من أجل إعالة أسرهن "في اليوم الذي نمرض فيه أو نتعب لا نحصل على عشاء لأننا لا نملك مصدر رزق آخر، لذلك نطلب من الجهات المعنية أن تمد لنا يد المساعدة وأن تخفض لنا أسعار المواد الأولية وخاصة السميد (الدقيق)".