بإعادة تدوير مخلفات البيئة تحقق اكتفائها الذاتي بمشروع "حصاد"
تسعى الفلسطينية زوزو السلطان إلى تحسين دخلها الاقتصادي، من خلال استخدامها لمخلفات البيئة المتنوعة.
نغم كراجة
غزة ـ تعمل النساء والفتيات في قطاع غزة على تحسين المستوى الاقتصادي والبيئي وسد احتياجاتهن اليومية، من خلال الاستفادة من الموارد البيئية وإعادة تدوير المخلفات وإنتاج السماد الطبيعي "الكومبست".
في أرض صغيرة بشمال قطاع غزة تتنقل زوزو السلطان البالغة من العمر 39 عاماً، بين مزروعاتها الخضراء؛ لتلقي النظر عليها وتطمئن أن خطة العمل تسير كما هو مخطط لها، بغية إنتاج محصود جيد في ظل التدهور الزراعي الذي يتعمده المزارعون من أجل بيع المنتجات سريعاً والحصول على مردود مادي.
وليس من السهل أن تتمكن امرأة جامعية تقطن في منطقة شرقية من إنشاء أول مشروع ريادي يحارب الأمراض السرطانية، ويوفر المال للأهالي "أتتني فكرة المشروع بمحض الصدفة فأنا أحب زراعة بعض الشتلات داخل المنزل، وكنت أتساءل لماذا بعض المزروعات تنمو والأخرى تذبل، إلى أن تمكنت من إيجاد الحل وهو الاستفادة من مخلفات الطعام المنزلي في إنتاج السماد الطبيعي الذي يجعل التربة صالحة لإنتاج محصول خالي من الكيماويات".
واستوحت الفكرة من الموارد الطبيعية الملقاة أمام عيناها، فقررت أن تخوض التجربة لأول مرة منذ ٣ أشهر؛ لتكن النتيجة مبهرة عند تحلل بقايا الطعام لسماد طبيعي وتكوين تربة لنبات البطيخ الذي حقق نجاحاً باهراً في النكهة والجودة.
وأوضحت أن إنتاج الكومبست "الذهب الأسود" من تحليل بقايا الطعام وروث الطيور يلزمه فترة زمنية من أسبوعين لشهرين حسب حرارة الجو، ولا تعتبر المهمة صعبة بقدر احتياجها للتركيز والاهتمام، وأطلقت على مشروعها اسم "حصاد" في آب/أغسطس الماضي.
وأكدت أن هذا المشروع حقق لها اكتفاء ذاتي قبل أن يكون مصدر دخل، فقد كانت تشتري الخضار والفواكه من السوق صباحاً؛ لتتفاجأ بأنها ذبلت مساءاً، أما اليوم فهي تقوم بتدبير شؤون المنزل من خلال ما تزرعه وتجنيه "ما أزرعه بمواد طبيعية جعلني أتذوق النكهة الأصلية للطعام، بالإضافة إلى توفير الأموال التي كانت تذهب سدى".
وعن الصعوبات والتحديات التي واجهتها من العائلة والمحيط في بداية عملها أوضحت "لقد تعرضت للتنمر والسخرية، كون الفكرة جديدة من وجهة نظرهم وغير مألوفة، وكثرة العبارات المحبطة بأن ما أفعله هو مجرد عبث، وقضاء أوقات الفراغ لكنني لم أستسلم وأكملت العمل حتى حقق إنجاز لم يسبق، واليوم يأتون إليّ لطلب الكومبست".
وتواجه زوزو السلطان عراقيل أخرى مثل ضيق مساحة الأرض الذي يقيد حركتها وتطوير فكرتها، كذلك إغلاق المعابر التي تتسبب في غلاء أسعار المعدات والآلات المطلوبة، لكنها استكملت العمل ببدائل مؤقتة تؤدي الغرض.
وأكدت أن المرأة أياً كان مؤهلها العلمي تستطيع أن تخرج عن المألوف، وتحدث تغييراً في الواقع؛ وتحقق اكتفائها الذاتي بأقل الإمكانيات، وعدم الانتباه إلى انتقادات الآخرين التي تحرم المرأة من إخراج الطاقة الإيجابية المكنونة بداخلها؛ باعتبارها عنصر أساسي في المجتمع.
وقالت أن النساء والفتيات تساهمن في تحسين المستوى الاقتصادي، وسد الاحتياجات اليومية، إضافةً إلى الاستفادة من الموارد البيئية وتقليل نسبة الأمراض والتلوث الذي يخلفه رمي مخلفات الطعام وروث الطيور وغيرها من الإمكانيات المهدرة دون جدوى خاصة بعد الحروب المتتالية على قطاع غزة والتي تسببت في ارتفاع المخلفات البيئة "المرأة سلاح فكري قوي، لابد من استثماره في تحسين المجتمع وتطويره على كافة الأصعدة".
وتطمح زوزو السلطان بتوسيع مشروع "حصاد" وتوفير المعدات والأدوات اللازمة؛ لتطويره، وزيادة مصدر الدخل، كذلك إنتاج محاصيل زراعية طبيعية خالية من المواد الكيمياوية تحافظ على صحة السكان، وتقليل الإصابة بالأمراض السرطانية؛ وتوفير معدل المصاريف المنزلية التي تستهلك في شراء الخضروات والفواكه المؤقتة على مدار ساعات محدودة، مؤكدة على أنه "لابد من نشر التوعية بالاستفادة الموارد الطبيعية من حولنا، محاولةً خلق مجتمع ذو بيئة صحية ونظيفه".