عائشة نور... مغربية تكافح لتفرض نفسها في مهنة بيع "فواكه البحر"
تمكنت المرأة المغربية من دخول سوق العمل الحر ونجحت فيه رغم صعوبته، وأثبتت أنها قادرة على تحدى وقهر الظروف الصعبة
حنان حارت
المغرب ـ تمكنت المرأة المغربية من دخول سوق العمل الحر ونجحت فيه رغم صعوبته، وأثبتت أنها قادرة على تحدى وقهر الظروف الصعبة، كما هو الحال بالنسبة لعائشة نور، وهي شابة في العشرينات من عمرها، كافحت من أجل إثبات وجودها في مجال بيع فواكه البحر، كانت قوة شخصيتها والإرادة وراء نجاحها.
دافع اختيارها لبيع فواكه البحر
داخل سوق "مارشي سنطرال" الذي يعد من أقدم وأشهر الأسواق في مدينة الدار البيضاء المغربية، يوجد محل عائشة نور الذي خصصته لبيع فواكه البحر، استقبلتنا بابتسامة هادئة غمرت ملامحها السمراء، التي كانت تعبر عن ثقة وسعادة، وهي تقوم بترتيب سلعتها بعناية فائقة، فطريقة ترتيبها لفواكه البحر في الصناديق تجعلك تدرك أن هذه الشابة تهتم لأدق التفاصيل.
كانت تحمل بين يديها قطع الثلج دون اكتراثها للجو البارد، تحاول وضعه فوق المحار والسلطعون، وباقي فواكه البحر حتى تحافظ على طراوتها.
وعن سبب اختيارها لمهنة بيع فواكه البحر، قالت عائشة نور لوكالتنا "اخترت المهنة لأنني أحببتها، فمنذ أن كان عمري 16 سنة كنت أرافق خالتي إلى هذا السوق، حيث كانت تبيع فواكه البحر، وكنت حينها أحاول استكشاف هذا العالم، كنت طفلة أتنقل بين محل وآخر، وأراقب خالتي وأيضاً التجار كيف يتعاملون مع الأسماك وفواكه البحر فزاد تعلقي بهذه الكائنات".
وأضافت "خلال جائحة كورونا، فكرت في إقامة مشروع خاص بي؛ فنظراً للتأثيرات السلبية التي خلفتها الجائحة على الأسر في مختلف بقاع العالم، بما فيها المغرب، فكرت في إقامة مشروع خاص بي، وكنت حينها مشتتة التفكير، فلم أكن أعلم أي مشروع يمكنه الصمود خلال هذه الفترة، ففكرت في بيع الملابس، أو فتح محل للحلاقة، لكن في النهاية استقريت على فكرة فتح محل لفواكه البحر، بما أنني أفهم في هذا المجال وعلى دراية كبيرة بفواكه البحر وبحكم أني ترعرعت وسطها".
صعوبات وتحديات
عملت عائشة نور بكل عزيمة وطموح على إنجاح مشروعها، خاصة وأنها أطلقته بالتزامن مع جائحة كورونا، وهو ما جعلها تخوض تحدياً كبيراً مع نفسها، لتثبت للمجتمع أن المرأة المغربية، مهما كانت الظروف، فهي قادرة على تجاوز العراقيل وامتهان أي مهنة مهما كانت صعبة والنجاح فيها مهما كانت الظروف، خاصة وأن التعامل مع فواكه البحر مثل المحار والحبار والسرطانات ذات القشرة المخملية والأخطبوط، يحتاج تقنيات خاصة ودراية جيدة.
وعن الصعوبات التي تواجهها كامرأة تعمل في هذا المجال، قالت بابتسامة ظهرت على محياها "هناك صعوبات كثيرة واجهتني، تجربتي تشبه الطفل الصغير الذي يريد المشي ثم يتعثر، عديدة هي المراحل التي مررت بيها عندما بدأت العمل في هذا المجال، لكنني تمكنت بفعل التحدي من تجاوز كل العقبات والعثرات التي صادفتني، رغبتي ستضل دائماً هي فرض ذاتي في هذا الميدان، وكلي أمل أن أبقى صامدة في هذه المهنة الصعبة، فالتعامل مع المحار يحتاج قوة كبيرة، كما أن إزالة القشرة يحتاج جهداً ويتطلب معرفة جيدة وإتقاناً كبيراً حتى يثق الزبون فيه، ويعود إلى المحل في المرة المقبلة".
وحول كيفية تعامل التجار معها داخل السوق، وأيضاً الزبائن كونها امرأة تمتهن مهنة قلما تمارسها النساء قالت "أنا ابنة هذه السوق، لقد قدمت إليه وأنا صغيرة جداً، والكل هنا يتعامل معي بشكل جيد، وجدت الدعم والتشجيع من الكل، لم أشعر يوماً بأن أحداً من الناس تحدث عن عملي بسوء، وحتى الزبائن يدعمونني مادياً ومعنوياً، وباتت بيننا علاقة جيدة، مؤكدة أنها تشعر بالفخر كلما زاد انتشار صيتها كـ "بائعة لفواكه البحر".
امرأة في مهنة الرجال
تبدأ رحلة عائشة نور اليومية مع فواكه البحر في ساعات الصباح الأولى، وتستمر حتى المساء "ما يحكمني هو انتهاء الكمية، حيث ينبغي جلب كميات محدودة حتى لا تفسد السلعة لدي، كما أني أحرص على تقديم فواكه البحر ذات جودة عالية، من أجل الحفاظ على زبائني".
وفي ختام حديثها وجهت عائشة نور رسالة للنساء قالت فيها "المرأة يمكن لها النجاح إذا كانت شخصيتها قوية ولديها طموح، وأي امرأة لديها هدف في حياتها ما عليها إلا أن تركز عليه وحتماً ستصل إلى مبتغاها، يجب أن يكون لها جرأة وأن تبعد الخوف من حياتها"، مضيفة "يجب أن نفعل مثل الفرس الذي يجتاز الحواجز، هو يركز على تجاوزها ولا يفكر بأنه سيقع، لهذا على المرأة أن تضع نصب عينيها أهدافها وحتماً ستنجح".