أول مشروع ريادي نسوي لإنتاج الفطر في قطاع غزة
تتعامل آلاء المصري وطاقمها النسائي مع مختبرات في دول مختلفة، لتبادل الخبرات حول المعيقات وكيفية اجتيازها خلال فترة تصنيع الفطر، ولفحص جودة المنتج والتأكد من مطابقته للمواصفات العالمية، قبل توريده للسوق المحلي.
رفيف اسليم
غزة ـ لم تكن تعلم تسع فتيات من قطاع غزة أن الفطر الذي وجدنه أسفل أحد الأشجار، في منطقتهن الزراعية هو بداية لمشروع نوعي لا منافس له، إلى أن اقترحت عليهن الشابة آلاء المصري بالعمل معها للبدء بأول مشروع ريادي نسوي لإنتاج الفطر في غزة، وبجودة تضاهي المستورد.
منذ عام 2018، بدأت آلاء المصري في مشروع إنتاج الفطر، وخطرت لها الفكرة خلال تجولها في إحدى المعارض ومشاهدتها لفطر محلي الصنع فأعجبها مذاقه كونه يعطي ذات مذاق اللحم، لافتةً إلى أن البداية كانت مجرد محاولات شخصية كي تخلق لنفسها نظام غذاء صحي خالي من اللحوم لكنه يحتوي على ذات الفائدة.
وقالت إنها تلقت عدة دورات تدريبية في المجال لتتعلم كيفية تحضير التربة التي يزرع فيها الفطر، خاصةً أن الدولة الوحيدة التي تنتجه هي بولندا، ومن ثم تعلمت كيفية استخلاص الأنسجة من نبات الفطر الذي ينمو وحده في الأراضي الزراعية لتستخرج بذور تصلح لإنتاج أنواع متعددة ومختلفة.
وأخذ الشغف آلاء المصري لدراسة تخصص التكنولوجيا الحيوية لمدة أربع سنوات كي تتعلم كل ما يتعلق بإنتاج الفطر، بالإضافة إلى العديد من الدورات التدريبية التي كانت تتلقاها مع المؤسسات والوزارات، لتنتج بعد عدة محاولات أولى عبواتها من فطر الغوشنة وتفتتح معملها الخاص الذي أصبح يورد كميات محددة لمراكز البيع المختلفة بالقطاع.
كبر المشروع وأصبحت آلاء المصري بحاجة لمن يساعدها في الإنتاج والتسويق والإدارة فخطرت لها فكرة أن تكون طاقم نسائي، خاصةً أن البعض منهن أصبحن تترددن على المعمل بشكل منتظم طالبات منها تعليمهن، مضيفةً أنها كانت سعيدة كون مشروعها الخاص معروف وأصبح منبر لفتيات تسعين للبدء بفتح مشاريعهن الخاصة، فاقترحت عليهن العمل معها.
ولفتت إلى أن فريقها النسائي المكون من تسع فتيات موزعات على الأقسام التالية، تتولى غادة سالم مسؤولية قسم البذور، بينما تدير إيمان الكيلاني مخبر الإنتاج، أما عن قسم العلاقات العامة تتولاه أريج رجب، ليبقى لأسيل أبو ندا المتجر الإلكتروني المختص بتسلم الطلبيات من الزبائن.
وأضافت أن الفتيات الباقيات تعملن ضمن الأقسام المختلفة، وتعقد الاجتماعات بشكل دوري للفريق لتتناقشن بالأفكار، وطريقة تقديم المنتج وتسويقه، مشيرةً إلى أنها دربت عضوات فريق الإنتاج على الأنواع التي نجحت في تقديمها للسوق المحلي حتى تستمر العملية، لتتولى هي دراسة نوع جديد من الفطر تستعد لتحصل من خلاله على براءة اختراع في الأيام القليلة المقبلة.
وتتعامل آلاء المصري وفريقها مع مختبرات في الجزائر وأمريكيا ونابلس، لتبادل الخبرات حول المعيقات وكيفية اجتيازها خلال فترة التصنيع، ولفحص جودة المنتج والتأكد من مطابقته للمواصفات العالمية، قبل توريده للسوق المحلي، مضيفةً أنها الآن تورد فطر الشامبنيون وعيش الغراب والمحاري وغيرها من الأنواع في أكثر من 15 نقطة بيع مختلفة.
وتسعى لإطلاق حملة تسويقية ضخمة تعلن من خلالها عن مشروعها الريادي النسوي عبر جداريات في الشوارع ومطويات تحوي أنواع الفطر التي يتم العمل على إنتاجها، حيث تعمل على إنتاج 400 كيلو من الفطر في الشهر الواحد، لافتةً إلى أنها تواجه مشكلة في الأدوات والمعدات التي من المفترض أن تتواجد في معملها إلا أنها تضطر لاستخدام طرق بديلة كي تستمر عجلة الإنتاج.
وتحتاج آلاء المصري إلى غرفة بسترة وتحضين وخط إنتاج متعدد للتعليب بدلاً من اليدوي، مطالبةً وزارة الاقتصاد الوطني بدعم مشروعها كونه الأول من نوعه في قطاع غزة والذي سيوفر للسكان منتج بدلاً من المستورد بأسعار تناسب الجميع، خاصةً النباتين الذي لا يفضلون تناول اللحوم.
وبدورها أشارت مسؤولة المتجر الإلكتروني أسيل أبو ندا إلى أنها كانت تأتي للمعمل لزيارة صديقها، لكن ما أن أنهت دراسة الجامعة واجهت البطالة لذلك عندما عرضت عليها آلاء المصري العمل لم تتردد لحظة بالموافقة والبدء في القسم الذي يناسب تخصصها الجامعي، لافتةً إلى أنه لبقية الفتيات المنتسبات في الفريق قصة مشابهة لقصتها.
وأوضحت أن عملها مع طاقم نسوي منحها القوة والقدرة على الإنتاج، خاصةً أن علاقتهن ببعضهن البعض لا تقتصر على العمل، فتقمن بالعديد من أنشطة التفريغ النفسي إلى جانب الدورات المستمرة التي تعقدها لهن آلاء المصري للتعريف بنبات الفطر وحساسيته، وكيفية التعامل معه كي لا تخطئ إحداهن خلال عملية الإنتاج في المختبر.
وترى أن تلك العلاقة التكاملية بينهن ساعدتها على إنتاج أفضل، فعندما يحدث خلل أو ضغط بالعمل تساعد إحداهن الأخرى بغض النظر عن القسم الذي تعملن به، فالمهم بالنسبة لهن جودة المخرج وتطوير المشروع كي يصبح أول مصنع وليس معمل فقط لإنتاج الفطر بالقطاع، مع استيعاب عدد أكبر من النساء اللواتي لديهن قدرة وشغف بالعمل.
وأوضحت أسيل أبو ندا أنها والفتيات قبل أن تبدأن العمل مع آلاء المصري لم تكن تبدين أي اهتمام لنبات الفطر الذي يجدونه تحت الأشجار خلال تجولهن في منطقتهن الزراعية، لكن بعد أن حققن اكتفاءهن الذاتي من خلاله تحولن إلى ملاحقات له حيثما وجد، لافتةً إلى أنها كثيراً ما تحدث أسرتها وصديقاتها عن أهمية ذلك النبات وعن سعادتها بنجاح المشروع أمام عينها يوماً بعد يوم.