المونة... رحلة الصيف والشتاء
أبدعت النساء في كافة المجتمعات بابتكار طريقة لحفظ الأطعمة وتجفيف الخضروات في أواخر فصل الصيف، واستفادت بشكل أساسي من طبيعة المنطقة الزراعية التي تعيش فيها
مركز الأخبار ـ .
لطالما كانت المرأة صمام الأمان للعائلة في تحملها مسؤولية تأمين غذاء أفراد أسرتها والحفاظ على الاقتصاد المنزلي فابتكرت طرق لحفظ الأطعمة التي تعرف بـ "المونة الشتوية" للتغلب على ندرة الموارد الغذائية في الشتاء وغلاء الأطعمة الموجودة.
في أواخر فصل الصيف تبدأ كافة العائلات بتحضير مونة الشتاء، ففصل الصيف معروف عنه أنه "موسم المونة"، والمونة من التقاليد المتوارثة وتتعلق بأنواع المأكولات المرتبطة بالتراث، والتي تقوم على تخزين مواد غذائية موسمية بكميات مختلفة حسب حاجة الأسرة ودخلها الاقتصادي؛ بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة وخاصة في فصل الشتاء، فتعمد النساء إلى تخزين الحبوب والخضروات المجففة والألبان والأجبان والقمح والدبس وغيرها.
تبدأ النساء بالاستعداد لتوفير مونة شتائهم الطويل، التي تعد مصدراً غذائياً وصحياً لغناها بكل أنواع البروتينات والفيتامينات، فربات المنازل على دراية بمكونات ومحتويات كل نوع منها، بدءاً من الحبوب "عدس، برغل، حمص، فاصولياء..." إلى الخضروات "مكدوس الباذنجان، رب البندورة، المخللات" وصولاً إلى توضيب بعض أنواع الخضروات في الثلاجة أو تجفيفها وغيرها كالمربيات والأجبان.
حواضر البيت
تقوم ربات البيوت بتجهيز كل ما يسمى حواضر البيت في وقت المونة، ففي بداية فصل الصيف تباشر بتحضير مونة الجبنة، حيث يتم الحصول على الحليب والجبنة من القرى، ويتم غليها وتخزينها في الماء والملح بعد إضافة حبة البركة إليها، وتكون الكمية بحسب عدد أفراد العائلة وحسب استهلاكهم، كذلك يتم تنشيف اللبن من الماء وتصنع منه كرات اللبنة وتخزن في علب مليئة بزيت الزيتون، كما تقوم النساء بتموين الزيتون حيث تقمن بتجريح الزيتون وإضافة الحمض والزيت إليه، وتختلف طريقة التخزين تبعاً لنوع الزيتون.
تعد المربيات من الأنواع المهمة في المونة، فهي أحد المنتجات الغذائية التي يتم تحضيرها باستخدام أصناف عديدة من الفواكه، وذلك كوسيلة لحفظها من التلف، وإمكانية استخدامها والاستفادة من فوائدها الصحية والغذائية على مدى العام، تتكون المربى من مخلوط الفاكهة والسكر، وتحفظ في مرطبانات زجاجية، ويختلف مظهرها بحسب نوع الفاكهة المستخدمة فقد تكون كاملة أو مجزأة أو مهروسة، وهناك أنواع كثيرة من المربى مثل مربى المشمش والتين والكرز والفراولة والتفاح والعنب واليقطين وغيرها.
يعد المكدوس الغني بالفوائد أحد أهم الحواضر المنزلية، فهو عبارة عن باذنجان يتم سلقه وتمليحه، حيث تجتمع النسوة لتساعد بعضهن بعضاً، بعد تمليح الباذنجان يتم تجفيفه من الماء ليتم حشوه فيما بعد بالجوز والفليفلة الحمراء إضافة إلى الثوم ليوضع في قطرميز من الزيت.
التيبيس (التجفيف) ... الجزء الأكبر من المونة
تعد عملية التجفيف أهم العمليات المستخدمة في تخزين الطعام، وتشمل تجفيف أنواع كثيرة من الخضار والفواكه والحبوب، وفي لوحة تتعدد فيها ألوان الخضروات تتلون أسطح وباحات المنازل التي تشكل مقراً أساسياً في عملية التحضير، فهناك سطح ينظف تمهيداً لفرش القمح المسلوق تحت أشعة الشمس ليجف قبل جرشه وتحويله إلى برغل، وسطح آخر تلون بالأحمر إذ يتم طحن الفليفلة الحمراء وعصر البندورة ووضعها في أواني كبيرة لتتعرض للشمس وتصبح ذات قوام متماسك وتتحول إلى دبس يستخدم في الطبخ.
وتأخذ حبائل القناوية المعروفة بـ "البامية" والباذنجان المحفور والفلفل الأحمر مكان نشر الملابس على الشرفات والأسطح لتجفف تحت أشعة الشمس بصورة كافية تمنع من تلفها، ورغم انتشار طريقة حفظ الخضروات