المشاريع الحرفية ملاذ آمن ومستدام لتحسين أوضاع النساء الاقتصادية

تحافظ المرأة في مصر على الحرف التراثية من خلال العمل في المنتجات اليدوية، التي باتت فرصة للكثير من النساء لتوفير دخل مادي لهن، فالتمكين الاقتصادي للمرأة يتبعه تغيير حقيقي في حياتها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ يعتبر البعض أن عمل النساء مقتصر على المنتجات اليدوية، خاصة أن المؤسسات الحكومية تطلق مبادرات لتعزيز هذه الحرف لاعتبارهم بأن هذا النوع من العمل هو الأنسب لطبيعة المرأة.

إلا أن هناك نساء تمكن من كسر تلك التابوهات المحفوظة الأقرب في حالتها للنمطية المجتمعية واقتحمن مجالات يعتبرونها حكراً على الرجال كـ "تصليح الموبايلات وكذلك الأدوات الكهربائية والسواقة والجزارة" وغيرها من الأعمال التي جعلت المجتمع يرى المرأة من منظور أخر عزز من مشاركتها الفعلية في مختلف القطاعات.

والبعض يرى أن العمل اليدوي خاصة التراثي منه له أهمية لا يمكن الاستهانة بها لأنه يحافظ على الهوية المصرية من خلال نساء تمكن من حفر هذا التراث بخيوط من نور على مدار التاريخ وهو ما يستحق التقدير ولا يقل في أهميته عن الأعمال الغير تقليدية ويعتبرونه بعيد عن التنميط المجتمعي وموهبة تحتاج لمزيد من التأهيل والتطوير وتوفير مختلف الاحتياجات بل وتذليل العقبات التي قد تحول دون قدرتهن على الاستمرار.

 

الورش التعليمية ضرورة لدخول سوق العمل

قالت المترجمة المهتمة بقضايا المرأة والصحفية، ياسمين علاء الدين، أن فكرة تعليم الحرفة للمرأة هي وسيلة لفتح المجال أمامها في سوق العمل وتتيح لها ما يمكنه مساعدتها على تحقيق منتج يتوافق مع متطلباته، معتبرة أن ذلك غير كافي فأغلب النساء يمكنهن الاستفادة من ذلك لإدرار دخل مؤقت ولكن الأمر يحتاج لتعلم أشياء أخرى ومنها التسويق ليتم بالفعل تمكينهن ومساعدتهن بشكل أكثر استدامة.

وأكدت على أن النساء الراغبات في خوض غمار سوق العمل بحاجة لورش تعليمية دورية لتأهيلهن وتدريبهن على مستجداته، وأحد الأمثلة على ذلك مبادرةة وزارة التضامن الاجتماعي "فرصة" التي كانت جزء من مشروع "حياة كريمة" والتي عملت على تعليم آليات واستراتيجيات السوق من خلال المتابعة الدورية، معتبرة أن الفكرة ليست في امتلاك الحرفة وحدها وأن الأمر يتطلب اكتساب المهارات وامتلاك الأدوات التي تضمن الاستمرارية.

وأوضحت أن هناك مشروع في جزيرة القرصاية استهدف بالأساس حماية مياه النيل وتطور الأمر حينما وجدوا نساء لا تستطعن توفير ما تعلن به أسرهن خاصة مع سوء الأحوال الاقتصادية ومن هنا أطلقوا ورش للنساء تستهدف تدريبهن على إعادة التدوير وإنتاج الخامات التي يمكن بيعها في السوق المحلي سواء كانت ملابس أو زينة وغيرها، وهو الأمر الذي غير حياة الكثيرات وجعلهن قادرات على العيش وتوفير الدخل فاختلفت حياتهن بعد إتاحة فرص جديدة أمامهن.

 

التمكين الاقتصادي للنساء يتبعه تغيير حقيقي في حياتهن

أكدت أن النساء على استعداد للتطور وتغيير حياتهن بل والتعلم ومواصلة السلك الدراسي بما يتوائم مع عملهن الجديد، معتبرة أن تمكين المرأة يتبعه تغيير حقيقي في حياتها.

وشددت على أن تمكين المرأة يسهل على المجتمع آليات وعناصر هامة تساعده على التغيير الحقيقي في الأفكار والثقافة وذلك يقلل من حجم السلطة الخارجية على النساء ويحميهن من التنازلات التي قد تعرقل مسيرتهن وتجعلهن أكثر حرية في اختيار العمل الذي يليق بهن وعدم الاستسلام لأي وظيفة كمجال لكسب العيش وفقط.

 

 

المرأة في سيناء تحتاج لتشجيع ودعم لتنشيطها وإشراكها في العمل الحرفي

قالت الاستشارية بعدد من الهيئات العاملة على قضايا التمكين الاقتصادي والنوع الاجتماعي ومؤسسة "نون لرعاية الأسرة"، منى عزت إن المرأة في سيناء مرت بظروف صعبة ومؤخراً الأوضاع تتجه نحو الاستقرار، والتي أثرت سلباً على حياة النساء، مشيرة إلى أنهن تصنعن بأياديهن ما يرتبط منه بالتراث الذي عكس طبيعة تلك البيئة سواء في صناعة الزي أو المأكولات وغيرها.

ولفتت إلى أن سيناء هي بالأساس مكان سياحي ونتيجة الأحداث التي شهدتها وتحديداً في شمالها تأثرت الأوضاع وتأزم الموقف إلى حد كبير، إلا أن هناك تدخلات دائمة للحفاظ على التراث ووضعه العام وتطلق من حين لآخر مبادرات تستهدف تنشيط ثقافة المرأة في سيناء في عملها وإنتاجها.

وأوضحت أن الأمر بات يتطلب مزيد من الاهتمام بفكرة التسويق وتوفير ودعم مواد الإنتاج التي ارتفعت أسعارها في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فضلاً عن ضرورة التدريب خاصة بعد عودة السياحة مرة أخرى وتوفير أسواق متعددة لأن السياحة وحدها غير كافية لاستيعاب كامل إنتاج المرأة في سيناء.

 

فتح أسواق في الداخل والخارج يعزز من تمكين النساء اقتصادياً

أن فتح أسواق للعاملات في الحرف اليدوية من مختلف المناطق والمحافظات ومنها سيوة ومرسى مطروح والصعيد وغيرها واحد من أهم الوسائل المساعدة لهن.

وأوضحت أنه سبق واقترحت إنشاء هيئة وسيطة تجمع المنتجات من النساء وتوردها للأسواق التي سيتم إنشاؤها في الداخل والخارج وهو أمر في حال إدماجه بمنظومة الشمول المالي في دفع عوائد المعارض مرة أخرى للمنتجات من النساء سيساهم بشكل أساسي في حل الكثير من الأزمات التي تواجه النساء، مشيرة إلى أن هناك ترجمة لذلك على الأرض وهناك تنشيط حدث بالفعل من خلال المعارض ومنها "ديارنا وتراثنا" بوتيرة أسرع من ذي قبل ليرتفع المعدل عن الفترات السابقة.

وأكدت أن خطة التسويق والدعم المؤسسي هام للغاية ويضمن فرص عمل مستدامة للنساء بما يلبي احتياجاتهن وهو ما يؤثر على التنمية وينعكس عليها وهناك دول عربية كالمغرب وتونس لديهم اهتمام كبير بفكرة الحرف التراثية ودعمها من خلال الأسواق الواسعة، مبينة أن مصر يوجد فيها تنوع شديد في المنتجات والأمر لا يحتاج سوى الدعم والتنظيم وهو بدوره يساعد على تحسين مؤشرات التنمية.

وشددت على ضرورة الحفاظ على الحرف التراثية التي عليها إقبال فالكثيرون يحبون اقتناءها والذوق العام عند قطاع كبير يتجه نحوها كما أنها توفر فرص عمل للنساء.

وعن إشراك النساء في قطاعات عمل جديدة بهدف إدماجهن وتطويرهن أوضحت أنها عملت في مشروع "سوق زنين" الذي تواجد فيه نساء تقمن بتصليح أدوات كهربائية وأخرى عملت بالجزارة، مؤكدة الأمر يجب أن يتم شموله باهتمام من يعملون عليه لإتاحة فرص التغيير الفعلي، معتبرة أن ذلك يحتاج لسياسات عامة تدعم تلك الفكرة لتوفير فرص التدريب المختلفة والمساندة حتى تستطيع النساء الإقبال على الحرف المختلفة ويثق بها المجتمع المحيط بهن.

 وأوضحت أن عمل تعاونيات ووحدات انتاجية للنساء من شأنه أن يكسر القالب النمطي وتساعد في الدمج والتأهيل وهو ما يساعد على حصر الأعداد والعمالة وتنظيم العمل الغير رسمي خاصة وحماية أفراده من خلال التأمين الصحي والاجتماعي ومن ثم تنظيمهم بما يدفع في عجلة التنمية ويجعلها مستدامة.