"الدوار" تحدي للظروف الاقتصادية في السويداء
مجموعة من نساء السويداء تحاولن ترويض الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المدينة، من خلال الضلوع في أعمال كانت حكراً على الرجال لتحقيق اكتفاءهن الذاتي.
روشيل جونيور
السويداء ـ افتتحت ثلاث نساء من مدينة السويداء السورية مطعماً، تحمّلن على عاتقهن كافة مسؤولياته بهدف مواجهة الظروف المعيشية الصعبة ولكسر نظرة المجتمع تجاه فكرة أن المرأة أضعف من أن تقوم بأعمال احتكرها الرجال.
بدأ مطعم ديانا الدعيش ونغم صعب وسمر النور لتحضير الوجبات السريعة بإمكانيات ومعدات بسيطة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها السويداء على خلفية الأزمة التي بدأت منذ قرابة ستة أشهر، في محاولة تحقيق اكتفائهن الذاتي وتشجيع غيرهن من النساء على العمل وتحدي العادات والتقاليد المقيدة لدور المرأة.
حيث قالت ديانا الدعيش وهي أم لطفلين إن فكرة المشروع انطلقت من مبدأ توفير فرص عمل للنساء لمواجهة الظروف الاقتصادية المتردية التي تعانيها المنطقة خاصة أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم دون وجود أي حلول تذكر "على الرغم من أن مساحة عملنا صغيرة وإمكانياتنا بسيطة إلا أننا استطعنا إثبات قدرتنا على العمل في مجالات كانت حكراً على الرجال، ومن خلال مشروعنا نحاول تغيير نظرة المجتمع تجاه المرأة وكسر القيود التي تكبل دورها فكل واحدة منا لديها الرغبة في إبراز إمكانياتها وشخصيتها وتوفير دخل لأسرتها".
وأضافت أن "هذا العمل ليس بالجديد علينا فنحن دائماً نعمل في المطبخ ونسبة نجاحه كانت مضمونة سواء من حيث النظافة والجودة وحتى طريقة التعامل من الزبائن، إلا أن الأمر لا يخلو من الصعوبات خاصة فيما يتعلق بمدى توفر مادة الغاز التي تكون في أغلب الأوقات مفقودة أو متوفرة بأسعار مرتفعة جداً بالإضافة للارتفاع المستمر في أسعار المواد الأولية من خضار وزيت وخبز وغيرها، كل ذلك يؤثر بشكل سلبي على مشروعنا وغيرها من المشاريع في المنطقة، بالإضافة للتعب الجسدي وساعات العمل الطويلة"، وحثت باقي النساء على العمل لتحقيق اكتفاءهن الذاتي "في ظل هذه الأوضاع المزرية التي نعيشها يجب على النساء أن تعملن وتخرجن من النطاق المعتاد، ولا داعي للشعور بالخجل فقد بات من الضروري دخول المرأة إلى سوق العمل لتثبت وجودها".
وبسبب ارتفاع البطالة في البلاد وبشكل أكبر منذ اندلاع الأزمة بقي الآلاف من الخريجين عاطلين عن العمل أو يعملون في مجالات بعيدة كل البعد عن اختصاصاتهم كـ نغم صعب التي تعمل محاسبة في المشروع، وتقول عن تجربتها "قلة فرص العمل بعد التخرج وصعوبة الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، كل ذلك دفعني للعمل خارج إطار دراستي، إلا أنه لم يؤثر عليّ ولقد تأقلمت بسرعة"، مضيفةً أن "النساء تتصفن بدقة عملهن ومدى اهتمامهن بالنظافة مقارنة بالرجال، لقد حصلنا على ثقة زبائننا، فهناك الكثير من النساء اللواتي تفضلن أخذ وجبات الطعام لعوائلهن من مطعمنا تحديداً، وتحصلن على كامل طلبهن من هنا ولا تكن مضطرات لجمع طلبهن من أكثر من مطعم فنحن نؤمن كافة طلباتهن".
وأضافت "نعاني التعب الجسدي الذي نحاول تداركه بالتأقلم على طبيعة العمل، وأرى أن من أهم فوائد عملنا هو اكتساب الثقة بالنفس وتقوية مهارة التواصل مع الأخرين، كما أن افتتاح هذه المشاريع ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض وأن نسبة نجاحه مضمونة ولا يتطلب مجهود فنسبة المغامرة عالية قد تؤدي لربح كبير أو خسارة مدوية الأمر كله يتعلق بالاستراتيجية المطبقة وحجم الصعوبات التي يجب أن نعمل بها بشكل صحيح لتخطيها".
بينما سمر النور فقد اكسبها هذا العمل ثقة بالنفس كونها كانت قليلة الاختلاط بالأخرين فهي غير معتادة على مغادرة المنزل والتعامل مع الناس، وقد كانت الموافقة على عملها في المطعم متوقفة على زوجها وأهلها لإبعاد نظرة ولوم المجتمع عنها كون هذا المجال حكراً على الرجال، لكن شخصيتها تطورت بفضل عملها وزادت ثقتها بنفسها.