الدكتورة الليبية ابتهال الشامي وتأريض التربة بمدينة بنغازي
قد يبدو العنوان غريباً للبعض تحديداً كلمة "تأريض التربة"، للوهلة الأولى يصاب غير المتخصص بالدهشة من هذه الكلمة، ولكن بعد معرفة ما تعني، وكيف خاضت دكتورة ليبية تجربة أن تفتح شركة خاصة بها للقيام بهذه العملية تزول الدهشة
ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
كلمة تأريض التربة أو المبنى تعني أن "هناك مادة تستخدم في تربة المباني من أجل خفض حدة التيار الكهربائي خاصة في حالات الانقطاع المفاجئ وعودة التيار بقوة، فإن عملية التأريض تخفف من حدة التيار بحيث لا تتضرر الأجهزة الكهربائية المختلفة المستعملة في المباني"، هذا التعريف بحسب ما قالته الدكتورة ابتهال الشامي المتحصلة على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية الإلكترونية وهي عضو هيئة تدريس بجامعة بنغازي.
"ظهور كورونا كان في صالحي"
تقول ابتهال الشامي عن فكرة افتتاح مشروعها "في العام الماضي عندما ظهر فيروس كورونا اختفت المادة المستخدمة في التأريض من السوق الليبية، وبما أن تخصصي هندسة إلكترونية كهربائية ولدي شهادة عليا بها، طلبت مني إحدى الشركات استشارة علمية حول كيفية الحصول على هذه المادة"، وتضيف "بعد الاطلاع والبحث في المجلات العلمية العالمية والمحلية المتخصصة، وجدت أن المادة الأساسية للمنتج متوفرة لدينا في ليبيا".
ومن خلال معرفتها بالمادة الأساسية لصناعة المنتج قامت بعمل التركيبة التي ينتج عنها مادة الكاد التي تستخدم في التأريض، وأعطت شركة كهربائية عينة من عملها، تقول "لقد كانت النتائج ممتازة جداً، وبعد ذلك حولت هذه العينة إلى مشروع ربحي، ولا يقتصر بيعي لشركة واحدة وإنما لعدة شركات، أنا الآن أتعامل مع شركات كهربائية كبيرة، وأعمل على مستوى المنطقة الشرقية بالكامل وأتمنى أن يتوسع المشروع ليشمل ليبيا بالكامل".
وعن تأثير كورونا على عملها تؤكد أن انتشار الفيروس في البلاد لم يؤثر عليها سلباً، وإنما كان ظهوره في صالحها حيث افتتحت مشروعها الخاص بتأريض التربة أثناء فترة انتشار الوباء، ومنحت المشروع اسم "كاد"، وهي مادة تعطي مقاومة منخفضة للتربة إذا كانت التوصيلات الكهربائية مرتفعة، وتستخدمه عادة شركات الخدمات الكهربائية في عملية تأريض المباني.
"فزت بمنحة مالية"
حول تطوير مشروعها والتوسع فيه تقول "قدمت على منحة عن طريق برنامج دعم ليبيا في التكامل الاقتصادي والتنوع والاستخدام المستدام "Sleidse" وفزت بمنحة قدرها 5000 يورو، وذلك من ضمن المجموعة الثانية في برنامج رائدات، وأسعى من خلال الحصول على هذه المنحة إلى امتلاك الآلة التي تقوم بتعبئة الأكياس لأن العمل حالياً يتم يدوياً، وهو أمر صعب جداً خاصة مع تطور مشروعي وتوسعه أصبح هناك طلب كبير على المنتج، كما أنني سأستأجر مكاناً وأعمل على خطة تسويقية متكاملة".
وتشير إلى أن مشروعها لاقى رواجاً كبيراً بين الشركات الليبية وأن عجلة الإنتاج لديها مستمرة رغم عودة المنتج المستورد إلى السوق، لأنها تبيع بأسعار زهيدة، "نسبة أرباحي في الكيس الواحد هي 100%، وهو ما يعد أقل من السعر المستورد بنسبة 60%، حتى لو رفعت السعر".
"أصعب مرحلة هي مرحلة دخول السوق"
وعن كيفية دخولها للسوق تقول ابتهال الشامي "هذه هي المرحلة الأصعب، ولكن انتشار فيروس كورونا سهل عليّ هذه المهمة وافسح لي المجال، واستطعت أن أكسب ثقة الشركات من خلال ما انتجه، وحتى بعد عودة المستورد للسوق فإن الشركات التي أتعامل معها لم توقف التعامل معي وتذهب للمستورد".
وحول تأثير الموجة الثانية من الوباء إن كانت ستحول دون استكمال مشروعها تشير إلى أن "المستشفيات تستخدم بكثرة الأجهزة والمعدات الطبية التي تحتاج إلى توصيلات كهربائية، فالمستشفيات الخاصة التي تم بنائها حديثاً في بنغازي، تحتاج إلى توصيلات كهربائية، لذلك عملي لن يتأثر ولن يتوقف، وبالتالي فإن الموجة الثانية زادت من معدلات العمل لأن الشركات تعمل ولم تتوقف".
"في العمل لا أحد يفكر هذه امرأة وهذا رجل"
وعن التعامل معها كونها امرأة انخرطت في هذا المجال تقول "أنا لست بمفردي في المشروع على الرغم من إن الفكرة تخصني، في العمل لا أحد يفكر هذه امرأة أو هذا رجل إنما الكل ينظر إلى النجاح والفشل وها نحن قد نجحنا في هذا العمل وأصبحنا نقدم استشارات في المجال، ونوفر مواد أخرى للشركات".
وعلى الرغم من أن لديها وظيفة لكنها تؤكد أن على المرأة أن تمتلك مشروعها الخاص وأن تكون شخصاً ذا فائدة في المجتمع "ليبيا أرض خصبة ويوجد فيها مشاريع كثيرة، ولكن لابد أن نبحث عن المشاكل ونبحث لها عن حلول في مجال تخصصنا ونصمم لها نظام معين من أجل تطويره والعمل به".
وقالت الدكتورة ابتهال الشامي في ختام حديثها "أشجع أي امرأة تريد البدء في أي مشروع، ولا ضير من البدء من الصفر ولكن بالإصرار ينجح المرء".