العبء الثقيل يقع على كاهلهن... معاناة اقتصادية مستمرة لنساء اليمن

تستمر الأزمة الاقتصادية في اليمن بإلقاء عبئها الثقيل على النساء، إذ تواجه العاملات ضغوطاً متزايدة، بينما تضطر ربات البيوت إلى مشاركة الرجال في إعالة أسرهن، كما تؤدي إلى زيادة العنف ضد المرأة، لا سيما مع صعوبة توفير الأمن الغذائي للأسر.

هالة الحاشدي

اليمن ـ لم تُخفف معاناة النساء الاقتصادية في اليمن، على الرغم من الجهود الأولية التي بذلها البنك المركزي في عدن لممارسة الضغط على الحوثيين في صنعاء. ورغم نجاح تلك الإجراءات في إضعاف قبضة الحوثيين مؤقتاً، فقد تم تعليقها لاحقًا بسبب تغييرات في الوضع ومحاولات التفاوض.

على غرار الانقسام السياسي والعسكري، يشهد اليمن انقساماً نقدياً، إذ يوجد بنكان مركزيان أحدهما تديره الحكومة المعترف بها دولياً في مدينة عدن، جنوبي البلاد، ويتعامل بأوراق مالية حديثة، قيمة الدولار الأميركي فيها 1760 ريالاً، والآخر في العاصمة صنعاء يديره الحوثيون، ويتعامل بأوراق مالية أقدم، قيمة الدولار الأميركي فيها 531 ريالاً.

وفي أحدث محطات الصراع، أوقف البنك المركزي في عدن، في أواخر حزيران/يونيو، تعامله مع 6 من أكبر البنوك التجارية التي تعمل في مناطق الحوثيين، بعد أن رفضت نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، ليرد البنك المركزي في صنعاء بوقف التعامل مع 12 بنكاً يعمل في مناطق نفوذ الحكومة.

 

الانقسام النقدي وتأثيره على الاقتصاد اليمني

وحول ذلك قالت الخبيرة الاقتصادية والناشطة في مجال حقوق المرأة منال شرف إن اليمن شهد انقساماً نقدياً بسبب وجود مصرفين مركزيين، أحدهما في عدن والآخر في صنعاء. البنك المركزي في عدن مرتبط بالحكومة المعترف بها دولياً من المؤسسات الاقتصادية الدولية، بينما يتواجد البنك المركزي في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، والتي اكتسبت نفوذاً أكبر بسبب وجود مقرات البنوك الرئيسية في العاصمة.

وأضافت أن الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي في عدن جاءت كوسيلة للضغط على الحوثيين من خلال مطالبتها بنقل مقرات البنوك الرئيسية إلى عدن. وقد كانت هذه الخطوات حيوية، حيث من شأنها تقليص النفوذ الاقتصادي للحوثيين.

وأوضحت أن الانقسام النقدي بين البنكين يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي في اليمن، وأن آثار هذه الأزمة لا تتوقف عند النساء فقط بل تمتد لتشمل كل فئات الشعب، فعندما نتحدث عن تأثير فقدان الوظائف وارتفاع معدلات البطالة نجد أن الأزمة الاقتصادية تؤثر على النساء بشكل أكبر.

وبينت أن النساء في الماضي كان وضعهن المعيشي أفضل، حيث كان الرجال غالباً ما يتحملون مسؤولية إعالة الأسرة. ولكن مع اندلاع الحرب، تغيرت الظروف وتوازنات الأسر بشكل جذري، حيث فقدت بعض الأسر المعيل، وأصبح البعض الآخر عاجزاً عن تحمل الأعباء لوحده.

وأشارت إلى تأثير تلك الظروف على النساء بشكل كبير، حيث تخضع الموظفات للضغوط ذاتها التي يواجهها الرجال، بينما تتحمل ربات المنازل أعباء إضافية في حالات كثيرة، بعضهن اضطررن لتحمل هذه الأعباء بمفردهن، مما أدى إلى تدهور أوضاعهن الاقتصادية. مبينة أن بعض النساء تعرضن للعنف من الأزواج نتيجة الضغوط الاقتصادية، حيث تنعكس هذه الضغوط على الأجواء الأسرية، وغالباً ما تفضل النساء الصمت بسبب عدم قدرتهن على مواجهة العنف.

 

 تمكين النساء حل لمواجهة التحديات الاقتصادية

وقالت إن الأمن الغذائي يمثل تحدياً آخر، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل التي من الضروري لهن الحصول على غذاء صحي لضمان صحتهن وصحة أطفالهن "عدم توافر المواد الغذائية الكافية قد يؤدي لمشكلات صحية خطيرة تؤثر على حياة الأطفال".

وأوضحت أن توفير الأمن الغذائي يعد أمراً حيوياً لكل من النساء والأطفال لضمان تربية جيل صحي "تعاني العديد من الأسر من صعوبة شراء احتياجاتها الغذائية، مما يجعلهن بحاجة للانتظار للمساعدات المقدمة من المنظمات".

وأشارت إلى أنه هناك تطورات أخرى قد تعيق استمرار الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن في ظل محاولات جمع الطرفين للتفاوض، داعية المنظمات الدولية إلى التركيز على أهمية تمكين النساء وتحقيق الاستقلالية المالية لهن من خلال توفير التدريب والمهارات اللازمة.

وأكدت على ضرورة ضمان وصول النساء إلى سوق العمل، مشيرة إلى أن ذلك سيمكنهن من إعالة أنفسهن وأسرهن. واعتبرت هذه النقطة حيوية لمواجهة العنف والتحديات الأخرى الناتجة عن الوضع الراهن.

ودعت منال محمد الحكومة والأحزاب السياسية لتبني القرارات التي اتخذها البنك المركزي سابقاً، وإلى الاندماج الشعبي لدعم تلك القرارات بغية تحسين الوضع الاقتصادي، مشددةً على أن معالجة الأزمة الاقتصادية يجب أن تكون في مقدمة الأولويات، حيث أن تجاوزها سيكون له آثار إيجابية على جميع المواطنين، بما في ذلك النساء.

وأشارت إلى أهمية رفع مستوى التعليم وتوسيع مجالات العمل للنساء، موضحة أن هذين العنصرين يشكلان أساس تمكين المرأة لمواجهة التحديات، خاصةً في ظل الأعباء الحالية "النساء في المجتمع اليمني غالباً ما يكنَ محاصرات بين الجهل والفقر، مما يزيد من هشاشتهن".

وطالبت منظمات المجتمع المدني للتركيز على استعادة دور المرأة من خلال استقرارها المادي، مؤكدة أن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى تغييرات إيجابية في المجتمع بشكل عام. معربة عن أملها في أن يكون هناك قوى تسوية قادرة على ضمان حقوق النساء، مما يدفع لاتخاذ قرارات تصب في مصلحتهن وتساعد على تعزيز مكانتهن في المجتمع.