تحالف "ندى" انطلاقة نسوية نحو التغيير والحرية والديمقراطية
يمثل تحالف "ندى" خطوة جريئة في مسيرة النضال النسوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يجمع نساء من مختلف الدول بهدف تحقيق التغيير المجتمعي وإرساء مبادئ العدالة والحرية والمساواة الفعلية.
مالفا محمد
مركز الأخبار ـ يعتبر تحالف "ندى" إطار نسائي إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يهدف إلى تمكين المرأة وتعزيز حقوقها من خلال تبني رؤية استراتيجية شاملة تستند إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، ويسعى إلى خلق قوة نسائية رائدة وبناء مجتمعات أكثر حرية للمرأة.
يعتمد التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي "ندى" على مجموعة من المواثيق الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية إسطنبول لحماية النساء من العنف، وقرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، كما يرفض كافة أشكال الرجعية والتمييز، ويؤكد على استقلاليته في الفكر والحراك لضمان اتخاذ قراراته بحرية وشفافية وفق أولويات القضايا النسائية.
وللتعرف أكثر على تحالف "ندى" ومهامه وأنشطته وكيف استطاع جمع النساء من مختلف البلدان تحت مظلته كان لوكالتنا مع الدكتورة أنجيلا سلطان المعمري عضوة في رئاسة تحالف ندى، ومؤسسة تنفيذية لمركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل في اليمن، الحوار التالي:
هل بإمكانكم التحدث عن بداية تشكيل التحالف؟ وهل حقق الأهداف التي يسعى إليها؟
كان الحضور في المؤتمر الإقليمي النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متنوعاً، حيث ضم نساء من حوالي 21 دولة، عقد في مدينة ديار بكر (آمد) بشمال كردستان في 31 أيلول واستمر حتى الثاني من حزيران عام 2013 بريادة المرِأة الديمقراطية الحرة تحت شعار "المرأة الحياة الحرية"؛ حيث كان من أهم مخرجاته هو تشكيل تحالف نسائي ديمقراطي إقليمي، والعمل عليه لتكون له رؤية وأهداف مشتركة والذي تم اختصار اسمه بتحالف "ندى".
ما الذي قدمه التحالف لنساء الشرق الأوسط؟ وإلى أي دول توسعت نشاطاتكم، وهل هناك دول لم تتمكنوا من الوصول إليها؟
أولاً من ناحية الرؤية أو النظر إلى موضوع تشكيل تحالف ندى كان فيه الكثير من الإيجابيات يمكن أن اقتصرها ببعض النقاط، فتحالف ندى بحد ذاته كان عبارة عن رهان نسائي مهم، تمكن من جمع عدد كبير من النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنه شكل كيان إقليمي يجمع هذا التنوع حيث ساهم في توطيد التعاون والتضامن وتعزيز العمل النسائي المشترك وساهم في تبادل المعطيات والمعارف حول أوضاع النساء وقضاياهن في مختلف أنحاء الدول، خاصة تلك التي شهدت نضالاً نسوياً كبيراً لإرساء حقوق المرأة، لذلك أحرز تقدم على مستوى وضع أسس تنظيمية وتشكيل لجان إقليمية ووطنية على حد سواء.
كذلك استطعنا من خلال تحالف ندى الحفاظ على التماسك رغم كل التحديات والصعوبات التي مررنا بها على مدى السنوات الأربعة الماضية، كما عكس رؤيته من خلال مواقفه الواضحة من القضايا العامة والنسائية بشكل خاص، وأنشطته الميدانية والفكرية وكذلك المشاركة في إصدار البيانات والرسائل والبرقيات المشتركة التي يكون فحواها أوضاع النساء.
وبالطبع التحالف قد واجه العديد من الصعوبات خلال عمله وهو ما وقف عائقاً أمامنا لتحقيق أهدافنا المرجوة، بالتأكيد كان هناك تنسيق بين العضوات ولكن في البداية لم يكن هناك وضوح حول نوع الأنشطة أو المطلوب تنفيذه من قبل عضوات التحالف في مختلف البلدان، فالتواصل تقريباً انحسر في رئاسة ندى، لأننا شكلنا الرئاسة والسكرتارية للتحالف ومن ثم اللجنة العمومية العامة.
وكان لجائحة كورونا تأثير على التواصل واللقاءات وكذلك انحسار الأفكار والأنشطة الفكرية ضمن نطاق محدود في مجال السكرتارية أو اجتماعات السكرتارية فقط، وفي وقت لاحق أثرت الحروب والنزاعات التي اندلعت في بعض الدول، على العمل، وشكلت عائقاً أمام تحقيق الإنجاز أو تحدي آخر أمام النساء لمواصلة أو استثمار بعض الأنشطة المختلفة.
لكن رغم ذلك استطاع التحالف التوسع في أنشطته التي قام بها خلال الفترة الماضية، حيث انضمت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام إليه، بالإضافة إلى تقديم منصة الديمقراطية للنساء الإيرانيات بطلب انتساب للتحالف، وإلى جانب عدد من المنظمات والشبكات والطلبات كان هناك طلبات شخصية للانضمام إلى الجمعية العمومية للتحالف، مثل حراك انتفضي النسوي العراقي وتحالف 188 في العراق، ومنظمة سبارك الشبابية في فلسطين، بالإضافة إلى توسيع شبكة العلاقات مع العديد من الشبكات داخل مختلف البلدان.
وعلى صعيد الأنشطة والأعمال الرقمية التي ركزنا عليها بشكل أكبر، كانت هناك العديد من الندوات التي استضافت مجموعة من النساء من مختلف الدول، وقد وصل عددها إلى 4 ندوات رقمية إقليمية تقريباً، تناولت مواضيع مختلفة، بالإضافة إلى برقيات مصورة للعديد من الملتقيات والمؤتمرات النسائية الإقليمية والوجاهية منها في إقليم شمال وشرق سوريا وكذلك مع النساء في أفغانستان والنساء الإيزيديات في بغداد، بالإضافة إلى شبكة النساء تنسجن المستقبل في برلين، ومؤتمر النساء القاعديات في تونس، أي أنه كان لتحالف ندى قائمة من المشاركة والحضور سواء كانت رقمياً أو وجاهياً وأيضاً حلقة مفاهيمية وجاهية لعضوات السكرتارية في العاصمة اللبنانية بيروت.
وضمن سياق التحضيرات كان من المفترض أن يعقد مؤتمر للتحالف، ولكن واجهتنا بعض التحديات التي أخرت انعقاد المؤتمر، بالإضافة إلى الإجراءات المتبعة من قبل الدول في تسهيل وصول العضوات أو المشاركات، ففي بعض الدول هناك مخاطر أمنية على الضيفات.
هل استطاع التحالف القضاء أو الحد من التمييز والعصبية القومية أو الدينية الذي طالما سعى للقضاء عليها لبناء مجتمع قائم على الحرية والديمقراطية والمساواة الفعلية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية؟
طبعاً مثل هذه القضايا العمل للقضاء عليها أو التخفيف منها ليست بتحريك عصا سحرية أو إحداث تغيير بين يوم وليلة، ولكن هي من ضمن المبادئ والقيم التي نعمل عليها وتندرج ضمن النظام الأساسي الذي نحن في طور تحديثه وتطويره ضمن مبادئنا الأساسية.
كما أن جميع العضوات أو المشاركات في تحالفنا لديهن هذه القيم والمبادئ في عملية العدالة، كمناهضة العنف والتمييز، ومناهضة الاحتلال، والعمل على إرساء مبادئ العدالة والحرية والديمقراطية، وأؤكد هنا أن أغلب المشاركات وعضوات التحالف جئن من بيئات تشهد قمع واحتلال، وفيها صراعات ونزاعات، فيها مواجهات مع السلطة الأبوية، كل هذا طبعاً يجعل الحراك الديمقراطي داخل التحالف قوي جداً، وكذلك عملية الوصول إلى مرحلة إرساء مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة هي من الأسس المهمة التي نسعى إلى تحقيقها ولكن كما ذكرت قبل قليل هذه المبادئ والقيم ليس من السهل أن نغيرها بعصا سحرية ولكن نحن نعمل بجد لتحقيق تضامن نسوي إقليمي وعالمي.
يؤكد تحالف ندى على أن النضال النسائي المشترك هو ضمان الخروج من مرمى الحروب والإبادة التي تسببت في تصاعد كافة أشكال العنف من اغتصاب وتحرش، ما السبيل لتحقيق ذلك؟
أنا اعتقد أنه في توحيد الكلمة والجهود المشتركة من خلال منصة أو كيان واحد وقوي نجتمع فيه جميعنا، نعمل وفق هدف مشترك، ستكون لجهودنا أثر أكبر وفاعلية على أرض الواقع فالاستراتيجية التي نتبعها في تحالف ندى ونعمل وفقها، تؤسس أو تعتمد على هذه الآلية.
فنحن في التحالف لدينا فكرة واحدة لحكاية النضال المستمر من أجل حرية المرأة والديمقراطية، إن وجود النساء من قلب التنوع الجغرافي والسياسي والثقافي والاجتماعي، كل هذا يعمل على منح الكلمة والهدف القوة، كما أنه علينا ألا ننسى أن كل عضوة في التحالف، تسعى في بلدها إلى نشر تلك الأفكار، وأعتقد أنه هنا تكمن القوة أي في اعتماد الفكرة ومحاولة تحقيق الهدف جماعة.
ما الصعوبات والعوائق التي واجهت التحالف خلال مسيرة عمله على مدى سنوات، وهل هناك تحديات حدت من نشاطاتكم؟
لقد أشرت سالفاً إلى أنه كان هناك مجموعة من التحديات بعضها تعلقت بالعوامل الذاتية بسبب طبيعة التحالف لأنه في البداية عندما أنشأ كان هناك تفاصيل غير واضحة في طبيعة العمل، حتى لم يكن له نظام واستراتيجية واضحة لنكون على معرفة بكيفية العمل على ماذا، بالمقابل نحن نمتلك مجموعة من القيم الأساسية وفكرة موحدة ولكن البنيات الأساسية أو اللوائح المنظمة للعمل هي التي واجهنا فيها صعوبة، مثلاً شكلنا رئاسة للتحالف وبعد ذلك أنشأنا السكرتارية، ومن ثم الجمعية العمومية، في البداية انشغلت العضوات بأشغالهم أو بأنشطة خاصة بمجتمعاتهم.
ومن بين العوائق أيضاً أنه كان هناك نوع من التساهل نوعاً ما بالإضافة إلى الاقتصار على التواصل الرقمي فقط أي عدم الالتقاء وجاهياً بحيث نتعرف أكثر على بعضنا كعضوات.
بعد المؤتمر الذي عقد قبل عامين من الآن كان هناك حراك ونقاش حول الوثيقة الإطارية للتحالف، لقد سعينا لجمع العضوات حول نقاط ملموسة نستطيع السير عليها أو رسم خطوط عريضة ملموسة.
وفيما يتعلق بالتقسيمات والمجموعات فكما قلت لدى التحالف رئاسة وهيكل تنظيمي وسكرتارية، إضافة إلى مجموعة من اللجان التي تم تشكيلها لتوزيع المهام وكذلك للعمل وفق منظومة عامة للوصول أو الرقي بالتحالف ليكون منصة نسائية إقليمية يمكن من خلاله طرح أو مناقشة العديد من القضايا النسائية، أشير أيضاً إلى أنه كان هناك صوت إعلامي للتحالف من خلال إنشاء منصة أو صفحات على مواقع التواصل الافتراضي، وهذا ما ساعدنا في الوصول إلى الجمهور، وتعريفهم بالتحالف من خلال بث الورش والندوات.